< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكم الرابع ( لا يجب على الرجال الستر مطلقاً - اي حتى مع تلذذ المرأة عند نظرها إليه - ) - مسألة (1233)، مسألة ( 1234 ) - الفصل الأول – كتاب النكاح.

 

الحكم الرابع:- لا يجب على الرجال التستر مطلقاً[1] .

ويمكن أن يستدل لهذا الحكم بما يلي:-

الدليل الاول:- عدم الدليل على وجوب تستر الرجل فيتمسك بأصل البراءة.

الدليل الثاني:- جريان السيرة في جميع الاعصار على عدم لزوم تسترهم عن النساء؛ إذ لو كان التستر واجباً عليهم لنقل لنا التاريخ ذلك لأنَّ هذه ظاهره غريبة والحال أنه لم ينقل ذلك، وعليه فالسيرة المستمرة من زماننا إلى زمان المعصوم عليه السلام منعقدة على عدم تستر الرجال عن النساء.

الدليل الثالث:- الاجماع، فإنَّ الفقهاء لم يعهد منهم الفتوى بلزوم تستر الرجل عن المرأة.

نعم قال السيد اليزدي(قده) في العروة في المسألة( 51 ) من كتاب النكاح ما نصه:- ( ويجب عليهم التستر مع العلم بتعمد النساء في النظر من باب حرمة الاعانة على الاثم ).

وفي التعليق على ما ذكره نقول:- إنَّ ما ذكره من اصل الحكم غريب فإنه لم يعهد من الفقهاء مثل هذا الحكم، وبقطع النظر عن هذا فإنَّ دليله غريب أيضاً حيث نقول كيف يكون هذا اعانة على الاثم والحال أنَّه إذا فرض أنَّ الرجل كان جميلاً ولكنه كان جالساً في مكانه ومنشغلاً بأموره ولكن ومرت امرأة فنظرت إليه فاعجبها وتأثرت به فهل نقول إنه اعانها على الاثم في مثل هذه الحالة؟!! إنَّ هذا لا يمكن القول به فإنه لا يصدق عنوان الاعانة هنا.

نعم لو فرض أنَّ الرجل الجميل تعمد عرض وجهه أمامها فهنا يوجد مجال للقول بأنه اعانها على الاثم، وأما مع عدم فعل ذلك فلا يصدق حينئذٍ عنوان الاعانة على الاثم.

مسألة ( 1234 ):- يجوز سماع صوت الاجنبية مع عدم التلذذ.

وفي هذا المجال نقول:- إذا فرض التلذذ عند السماع فلا اشكال في عدم الجواز لأنَّ كل تلذذ مع غير الزوجة محرم[2]

وقبل بيان الأدلة على هذا الحكم نذكر آراء علمائنا في المسألة وفي هذا المجال نقول:-

ذهب غير واحدٍ من الاعلام كصاحب الشرائع والعلامة في كتبه القواعد والارشاد والتحرير إلى عدم الجواز، بل ربما ينسب إلى المشهور، قال في الجواهر:- ( الاعمى فضلاً عن المبصر لا يجوز له سماع صوت المرأة الاجنبية مع التلذذ ... قطعاً، أما مع عدم ذلك فقد يظهر من المتن والقواعد والتحرير والارشاد والتلخيص الحرمة ايضاً لأنه عورة )[3] .

وقال السيد الحكيم(قده) ما نصه:- ( قال في المستند:- ومن الغريب فتوى اللمعة بحرمته مع أنها تقرب ممما يخالف الضرورة فإن تكلم النبي والائمة واصحابهم مع النساء مما بلغ حداً لا يكاد يشك فيه )[4] .

كما تمسك صاحب الجواهر(قده) لاثبات الجواز بخطبة الزهراء عليها السلام حيث قال:- ( وبالمتواتر أو المعلوم مما ورد من كلام الزهراء وبناتها عليها وعليهن السلام )[5] .

وفي التعليق نقول:-

أما ما تمسك به الشيخ النراقي(قده) في مستنده فيمكن التأمل فيه حيث يقال:- إنَّ تكلم النبي والائمة عليه عليهم السلام كان لضرورة أو ما يقرب منها، لأنَّ السناء كنَّ يسألنهم عن المسائل الشرعية ونحن كلامنا في الموارد التي لا توجد فيها ضرورة، فمع الضرورة يمكن أن يقال هو جائز وحتى الذين يمنعون من سماع صوت المرأة قد يجوزون ذلك أيضاً لأنه حاجة عرفية وعقلائية ولكنهم يمتنعون في حالة عدم الضرورة، وعليه فلا يصلح هذا الدليل لاثبات كامل المطلوب.

وأما ما ذكره صاحب الجواهر(قده) فهو واضح التأمل أيضاً:- فإنَّ خطبة الزهراء عليها السلام كانت واجبة وضرورة وذلك لكي تفضح الطرف المقابل وتبيّن مقام أمير المؤمنين عليه السلام كما تبين للناس كيف أنه ظلم إلى غير ذلك من الامور، وهكذا الحال حينما خطبت زينب عليها السلام في مجلس يزيد، وعليه فإنَّ هذه قضايا خاصة في واقعة فلا يمكن التمسك بها لاثبات الحرمة في المقام.

الادلة على عدم جواز سماع صوت الاجنبية:- قد يستدل على ذلك بالادلة التالية.

الدليل الاول:- إنَّ صوت المرأة عورة.

الدليل الثاني:- التمسك بموثقة مسعدة بن صدقة، وهي ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن هاورن بن مسلم[6] عن مسعدة بن صدفقة عن ابي عبد الله عليه السلام قال:- ( قال أمير المؤمنين عليه السلام:- لا تبدأوا النساء بالسلام ولا تدعوهنَّ إلى الطعام فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله قال النساء عيّ[7] وعورة فاستروا عيَّهن بالسكوت واستروا عوراتهن بالبيوت )[8] ، وبما رواه محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن غياث بن ابراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:- (لا تسلّم على المرأة)[9] .


[1] أي رغم تلذذ النساء بالنظر إليهم.
[2] والمقصود من التلذذ ليس الراحة النفسية فقط وإنما هو أن يحصل مع الرجل مثل ما يحصل زوجته من الانتصاب وثوران الشهوة، فالتلذذ هو بهذا المعنى.
[6] هذا هو الموجود في الوسائل ولكن الموجود في الكافي، ج5، ص534 هو ( عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن هارون بن مسلم ).
[7] والعي هو العجز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo