< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

45/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 222 ) هل يشترط التقابض في المجلس في بيع الصرف - بيع الصرف.

وفي التوفيق بين الطائفتين وترجيح احدهما على الاخرى يمكن أن يقال:- إنَّ الطائفة الاولى هي المقدمة، ووجه ذلك:-

أن يقال:- إنَّ الطائفة الاولى تشتمل على خمس روايات، وهو عدد ربما يحصل من خلاله الاطمئنان، بينما الطائفة الثانية يمكن أن يقال هي رواية واحدة وليست ثلاث، لأنَّ الراوي لههذه الطائفة هو عمّار بن موسى الساباطي فقط، والقضية التي رواها عمّار واحدة أيضاً، ومن البعيد أنَّه يسأل الامام عليه السلام ثلاث مرات عن قضيةٍ واحدة، أجل هذه الرواية الواحدة قد نقلت بأساليب مختلفة لا أنَّ المضمون متعدد، كما لو نقل لنا شخص ثلاث مرات وقوع قضية واحدة، فمرة ينقلها لنا بشكلٍ معين واخرى ينقلها لنا بشكلٍ آخر وذلك بأن يزيد كلمةً أو ينقص ... وهكذا، فالخبر هنا واحد لكن النقل كان بأساليب مختلفة، وهكذا الحال بالنسبة إلى الطائفة الثانية، وعليه فتكون الطائفة الاولى مقدمة على الثانية.

أو يقال:- إنَّ مضمون الطائفة الاولى متفقٌ عليه بين الاصحاب بما فيهم الشيخ الصدوق، وهو المعروف بينهم - وهو أن بيع الصرف لا يجوز نسيئةً بل لابد وأن يحصل التفابض في نفس المجلس يداً بيد - وهذا بنفسه يوجب ترجيح الطائفة الاولى لأنها موافقة لما عليه الاصحاب، بخلاف الطائفة الثانية فإنها مخالفة لما عليه الاصحاب.

وكيف يكون الشيخ الصدوق موافقاً للأصحاب؟

في الجواب نقول:- ذكرنا سابقاً أنَّ وجه عدّ الشيخ الصدوق مخالفاً لهم أنه ذكر بعض روايات الطائفة الثانية في كتابه الفقيه والتي تدل على عدم لزوم التقابض في المجلس في بيع الصرف، وحيث إنه لا يذكر في كتاب الفقيه إلا ما يعمل به - على ما صرح بذلك في مقدمة كتابه الفقيه - فبذلك يثبت أنه يعمل بهذه الرواية، يعني أنه يجوّز بيع الصرف نسيئةً ولا يلزم التقابض في المجلس..

ولكن الآن نتراجع ونقول:- صحيح أنه ذكر روايةً من روايات الطائفة الثانية تدل على عدم لزوم التقابض في المجلس في بيع الصرف ولكنه ذكرها ليس من باب العمل بها وإنما من باب مجرد الذكر فقط، والوجه في ذلك أنه ذكر في نفس كتاب الفقيه أيضاً بعض روايات الطائفة الاولى الدالة على لزوم التقابض في المجلس، وعليه فإذا كان ذكره للرواية في كتابه يدل على عمله بها فهو إذاً يعمل بالنقيضين، وعليه فلابد وأن نحمل نقله للرواية من الطائفة الثانية لا على العمل بها لأجل هذه القرينة، وعليه فيحمل ذكره لبعض روايات الطائفة الثانية في الفقيه على النقل فقط لا أكثر.

وأما الرواية التي نقلها في الفقيه ويمكن عدّها من الطائفة الاولى:- فهي رواية حنّان بن سدير، وهي ما رواه محمد بن علي بن الحسين باسناده عن ابن محبوب عن حنان بن سدير قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إنه يأتيني الرجل ومعه الدراهم فأشتريها منه بالدنانير ثم اعطيه كيساً فيه دنانير أكثر من دراهمه فأقول:- لك من هذه الدنانير كذا وكذا ديناراً ثمن دراهمك فيقبض الكيس مني ثم يردّه علي ويقول اثبتها لي عندك، فقال:- إن كان في الكيس وفاءً بثمن دراهمه فلا بأس )[1] ، فإنَّ الامام عليه السلام قال:- ( إن كان في الكيس وفاءً بثمن دراهمه فلا بأس )، وسبب عدم البأس هنا هو أنَّ التقابض قد حصل في المجلس، وبالمفهوم نعرف أنه إذا كان ما في الكيس أقل مما يقابل دراهمه الرجل فتقابض المقدار المحدد بينها لم يحصل في المجلس فلا يجوز ذلك.

وعليه فيمكن عدّ هذه الرواية من روايات الطائفة الاولى وقد اثبتها الشيخ الصدوق في كتابه، وعليه فيمكن أن نقول إنَّ الشيخ الصدوق ليس مخالفاً لما عليه المعروف بين الاصحاب، فيكون المعروف بينهم هو العمل بالطائفة الاولى بما فيهم الشيخ الصدوق، وبذلك تقدم الطائفة الاولى على الثانية.

وهناك جواب آخر عن هذا التعارض الحاصل بين الطائفتين مختصٌ بصاحب الحدائق(قده):- وقد ذكره في موارد متعددة من الحدائق، ولو تم هذا الجواب لحل الكثير من المشاكل، وهو أنه متى ما اختلفت الروايات وتعارضت فنحمل ذلك على التقية حتى إذا لم يكن القوم قائلين بمضمون احدى الروايتين وحتى لو لم تكن احدى الروايتين موافقة لهم.

فهو يقول متى ما اختلتف الاخبار نقول إن هذا الاختلاف صنعه الامام عليه السلام بهدف أن يخالف بين الاصحاب ولا يجعل كلمتهم متفقة على رأيٍ واحد كي لا يعرفوا ويؤاخذوا بسبب ذلك الرأي الموحد.

وبناءً على هذا الرأي سوف لا نحتاج إلى تحمل عناء حل مشكلة التعارض، لأنَّ الاختلاف قد حصل بسبب التقية، وعليه فيصير هذا الخلاف من باب التقية، فعلى رأيه قد لا تكون هناك مشكلة.

ولكن بناءً على هذا الرأي بأيَّ الطائفتين نأخذ!!؟ إنه لابد من وجود حلّ لذلك.

ونحن نقول:- إنَّ هذا الرأي عهدته عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo