< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 219 ) هل تجوز المراباة مع الذمي؟، مسألة ( 220 ) هل يجري الربا في الأوراق النقدية؟ - الربا.

مسألة ( 219 ):- الاظهر عدم جواز الربا بين المسلم والذمّي ولكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الالزام.

..........................................................................................................

مضومون المسألة واضح:- وهو أنه لا تجوز المعاملة الربوية بين المسلم والذمّي، والدليل على ذلك أمران:-

الأول:- مقتضى اطلاقات حرمة الربا فإنه شامل لحرمة التعامل مع الذمّي أيضاً فيكون هذا التعامل محرّماً بنفسه، نعم يمكن أن يقال إنَّ الحربي يوجد مجال لعدم شمول اطلاقات حرمة الربا له من باب أنه لا حرمة لماله، وأما الذمّي فتوجد حرمة لماله فلا تشمله الاطلاقات حينئذٍ وبذلك تثبت الحرمة.

الثاني:- وجود رواية تدل على عدم الجواز، وهي ما رواه المحمدون الثلاثة:- ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله:- ليس بيننا وبين اهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم، ونأخذ منهم ولا نعطيهم )[1] ، حيث يفهم منها أنَّ حلّية الربا مختصة بأهل الحرب فقط ولا تعم أهل الذمة لأنه النبي صلى الله عليه وآله قيَّد وقال:- (ليس بيننا وبين اهل حربنا ربا)، فهذا التخصيص يستفاد منه بالمفهوم أنَّ اهل الذمة باقون تحت اطلاقات حرمة الربا.

نعم روى الشيخ الصدوق(قده) روايةً تدل على جواز التعامل الربوي مع الذمّي:- قال:- ( قال الصادق عليه السلام:- ليس بين المسلم وبين الذمّي ربا، ولا بين المرأة وبين زوجها ربا )[2] ، فتكون معارضة لما دل على الحرمة.

ولكن نقول:- إنَّ هذه الرواية مرسلة، فلا تكون معتبرة في حدّ نفسها، ومعه سوف لا تقع طرفاً للمعارضة لما تقدَّم من الدليل على الحرمة، كما أنه يمكن أن يقال:- حتى لو قلنا بحجتها لكن دليل حرمة الربا حيث إنه القرآن الكريم المدعوم بالرواية التي رواها المحمدون الثلاثة فيكون ما دل على عدم الجواز اقوى من الرواية الدالة على الجواز، وعليه فلا يجوز الربا مع الذمّي.

ولكن نستدرك ونقول:- نعم يجوز أخذ الفائدة الربوية من الذمّي رغم عدم جواز التعاقد الربوي معه، فلو خالف المسلم - وارتكب حراماً - فتعاقد مع الذمّي معاقدةً ربويةً جاز له أخذ الفائدة الربوية من الذمّي وذلك لقاعدة الالزام - أي (الزموهم بما ألزموا به انفسهم ) - التي وردت الاشارة إليها من قبل الامام عليه السلام في موارد متعددة [3] ، فإنهم يرون أنَّ أخذ الفائدة الربوية من قلنا حلالاً لنا، فحينئذٍ تأتي قاعدة الالزام هنا فنلزمهم بذلك ونأخذ منهم ما يعتقدون بحلّيته.

 

مسألة ( 220 ):- الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فيها الرباٍ فيجوز التفاضل في البيع بها لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لابد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الايراني مثلاً. ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة. نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على ثلاثة احكام:-

الحكم الاول:- يجوز بيع الأوراق النقدية مع التفاضل مع وحدة العملة، مثل الورقة النقدية ذات فئة الخمسين ألف دينار بخمسة وخمسين ألف دينار من الورق النقدي من فئة الخمسة آلاف دينار، وهكذا الحال في سائر العملات، لأنَّ الربا إنما يحرم بشرطين احدهما أن يكون الشيء مكيلاً أو موزوناً، والاوراق النقدية ليست من المكيل والموزون، وقد اشار السيد الماتن(قده) إلى هذا الحكم بقوله:- ( الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فهيا الربا فيجوز التفاضل في البيع بها ).

الحكم الثاني:- التعامل بالأوراق النقدية تارةً يكون بنحو المعاملة الشخصية، وأخرى يكون بنحو المعاملة الكلية، أما المعاملة الشخصية فهي مثل أن يبيع هذه الورقة النقدية المشخَّصة كالورقة من فئة خمسين ألف دينار بتلك الأوراق النقدية المشخصة أيضاً من فئة آخرى من نفس الورق النقدي، وهذا القسم من المعاملة يأتي فيه ما أشرنا من أنه يجوز البيع مع التفاضل، لأنَّ حرمة الربا مشروطة بكون الشيء مكيلاً أو موزوناً والأوراق النقدية ليست من هذا القبيل، وأما إذا كانت المعاملة كلية في الذمة كأن أقول لك بعتك خمسين ديناراً بواحد وخمسين ديناراً وكان الطرفان كلي في الذمة فهنا يشكل صدق البيع عليه، فإنَّ عنوان البيع يتوقف على وجود مبيعٍ وثمن - أي الثمن يغاير المبيع - وهنا لا يوجد تغاير بين المبيع والثمن، ومع عدم وجود التغاير سوف لا نجزم بصدق البيع على هذه المعاملة ولا أقل من الشك في صدقها ويكفينا الشك في عدم صحة البيع لكونه من التمسك بالعام - مثل عموم ﴿ أحل الله البيع ﴾ - في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز، وعليه فلابد من التمايز وذلك بأن يكون احد الطرفين من عملةٍ والآخر من عملةٍ أخرى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo