< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 218 ) الموارد المستثناة من حرمة الربا - الربا.

مسألة ( 218 ):- المشهور على أنه لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما بيع الآخر مع التفاضل وكذا بين الرجل وزوجته وبين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة، ولكنه مشكلٌ والاحوط وجوباً تركه، نعم يجوز أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.

..........................................................................................................

بعد أن ثبتت حرمة الربا يراد في هذه المسالة ذكر ثلاثة موارد للاستثناء من حرمته، كما تشتمل على ثلاثة أحكام:-

الحكم الأول:- إنَّ الربا وإن كان محرماً في الاسلام إلا أنّ المشهور جوازه في ثلاثة موارد، فيجوز بين الوالد وولده، والزوج وزوجته، والمسلم والكافر الحربي[1] إذا أخذ المسلم الزيادة.

الحكم الثاني:- الاحوط وجوباً ترك الربا حتى في هذه الموارد الثلاث.

الحكم الثالث:- يجوز للمسلم أخذ الربا من الكافر الحربي بعد تحقق المعاملة وذلك بعنوان الاستنقاذ، فإنَّ اموال الكافر الحربي غير محترمة فيجوز أخذ الربا منه من هذا الباب.

أما الحكم الأول:- فالمستند المهم له هو الروايات، ولعله توجد في هذا المجال اربع أو خمس روايات تدل على ذلك إلا أن جميعها ضعيفة السند، وقضية الاطمئنان أو التواتر أو حساب الاحتمال لا تأتي هنا كما سنبين:-

الرواية الاولى:- محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن ياسين الضرير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( ليس بين الرجل وولده، وبينه وبين عبده، ولا وبين اهله ربا، إنما الربا فيما بينك وبين لا تملك )[2] ،

أما دلالتها:- فقد ورد في ذيلها تعبير:- ( إنما الربا فيما بينك وبين ما لا تملك )، ولعل المقصود من هذه العبارة هو أنَّ مثل الابن والعبد والزوجة امرهم مرتبط بك والربا إنما يتحقق فيما إذا لم يكن بينك وبين الانسان ارتباط.

وسواء عرفنا معنى هذه العبارة أو لم نعرفه فإن هذا ليس بمهم، وإنما المهم هو أنها استثنت هذه الموارد الثلاثة من حرمة الربا بالصراحة.

وأما سندها:- فمحمد بن يحيى هو شيخ الكليني الذي يروي عنه الكليني كثيراً وهو ثقة جليل، وأما محمد بن أحمد فهو ابن يحيى الاشعري صاحب كتاب نوادر الحكمة الثقة، وأما محمد بن عيسى فقد وثقه النجاشي وإن ضعّفه الشيح إلا أنه يمكن اعتباره، وأما ياسين الضرير فلم يذكر بتوثيق، وعليه فتكون الرواية ضعيفة السند.

الرواية الثانية:- محمد بن يعقوب عن حميد بن زياد عن الخشّاب[3] عن ابن رباح عن معاذ بن ثابت عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( قال امير المؤمنين عليه السلام:- ليس بين الرجل وولده ربا وليس بين السيد وعبده ربا )[4] .

أما دلالتها:- فهي ذكرت وموردين فقط من الموارد الثلاثة التي ذكرتها الرواية الاولى ولم تذكر المورد الثالث.

أما سندها:- فابن رباح ومعاذ بن ثابت لم يذكرا بتوثيق، وأما عمرو بن جميع فلم يذكر بتوثقيق أيضاً ولكن روى عنه يونس بن عبد الرحمن، فإن بني على أنَّ من روى عنه يونس بن عبد الرحمن ثقة فبها وإلا فلا، ولكن مع غض النظر عنه يوجد اثنان من رجال السند لم تثبت وثاقتهم، وعليه فلا تكون معتبرة.

ومن هذا يتضح لماذا قال السيد الماتن ( المشهور أنه لا ربا ... ) ولم يفت بعدم ثبوت الربا في هذه الموارد الثلاثة فإنَّ السبب في ذلك هو ضعف اسانيد الروايات الدالة على هذا الحكم، فهو حكمٌ مشهورٌ بيد الروايات الدالة عليه ضعيفة.

إن قلت:- صحيح أنَّ الروايات ضعيفة ولكن لنقل إنَّ بعضها يجبر بعضاً كما نقول بذلك في بعض الموارد؟

قلت:- إنَّ هذا الكلام لا يأتي هنا، وذلك:-

أولاً :- إنَّ الروايات في المقام ليست كثيرة، بل غاية ما يوجد أربع روايات.

ثايناً:- إنَّ مضامين هذه الروايات مختلفة وليست متحدة، نعم لو كانت متحدة فلعل أحد يقول إذا كانت توجد اربع روايات تنقل مضموناً واحداً فلعله يحصل الاطمئنان بالحكم، أما بعد اختلاف مضامينها وتعابيرها فحينئذٍ يشكل الأمر.

وأما الحكم الثاني:- فالنكتة في هذا الاحتياط واضحة، وذلك لأجل أنَّ هذا الحكم هو مشهورٌ من دون ثبوت مستندٍ معتبرٍ له، فحينئذٍ يبقى الاحتياط بالترك مناسباً، لأنَّ مقتضى عمومات حرمة الربا الشمول لهذه الموارد الثلاثة والمفروض أنه لا يوجد دليل قطعي يخرجنا من هذه العمومات بل اقصى ما ثبت هو دعوى الشهرة أو الاجماع على أنه يجوز الربا في هذه الموارد الثلاثة، وعليه فيبقى الاحتياط هو المناسب في المقام.

وأما الحكم الثالث:- فالوجه فيه أنَّ أموال الكافر الحربي ليس لها احترام، فيجوز حينئذٍ أخذ أيّ مالٍ من أمواله بالعنوان الأولي، ولكن لأجل العناوين الثانوية لابد وأن يحترّز المؤمن عن مثل هذه الأمور.

فإذا فرض أنه وقع العقد الربوي مع الكافر الحربي فيجوز حينئذٍ أخذ الفائدة الربوية منه من باب أنَّ أمواله ليس لها احترام فيجوز أخذها من باب الاستنقاذ.


[1] وأما الكافر الذمّي فسيأتي الحديث عنه في المسألة التالية.
[3] وهو الحسن بن موسى الخشّاب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo