< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 209 )، مسألة ( 210 )، مسألة ( 211 ) - الربا.

مسألة ( 209 ):- الضأن والمعز جنسٌ واحد، والبقر والجاموس جنسٌ واحد، والإبل العراب والبخاتي جنسٌ واحد، والطيور كل صنفٍ يختص باسمٍ فهو جنسٌ واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام، وكل ما يختص باسمٍ من الحمام جنسٌ في مقابل غيره، فالفاختة والحمام المتعارف جنسان، والسمك جنسٌ واحد على قولٍ وأجناسٌ على قولٍ آخر وهو أقوى.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح:- ففي باب الربا لو كانت هذه الاجناس المذكورة واحدة كالضأن مع المعز لزم الربا عند بيع كيلو من لحم الضأن بكيلوين من لحم المعز، وأما إذا كانا من جنسين فلا ربا في البين، وحينئذٍ يأتي السؤال:- وهو أنه هل الضأن والمعز مثلاً أو أفراد السمك اجناسٌ متعددة أو هي جنسٌ واحد؟

والجواب:- إنَّ الشرع لم يتدخل في هذه الصغريات - وأنَّ السمك مثلاً جنسٌ واحد أو متعدد أو أنَّ الضأن والمعز جنسٌ واحدٌ أو متعدد - وإنما أوكل الأمر إلى العرف، ولكن بعد أن عرفنا هذا دلت الروايات على أنه إن كانا من جنسٍ واحدٍ وكانا من المكيل أو الموزون فحينئذٍ يتحقق فيه الربا عند البيع مع الزيادة وإن كانا من جنسين مختلفين فلا يتحقق فيه الربا عند البيع مع الزيادة، والفقيه حينما يتكلم في هذا المجال فهو يتكلم بما هو شخصٌ عرفي، وحينما السيد الخوئي(قده) هنا السمك اجناسٌ متعددة وليس جنساً واحداً فهو يتكلم بما هو انسان عرفي، فالبنّي مثلاً جنسٌ غير جنس الشبّوط فلا يتحقق فيه الربا.

وحينئذٍ تظهر الثمرة فيما لو فرض أنَّ المكلف قطع بأنَّ السمك مثلاً هو جنسٌ واحد وليس متعدداً فحينئذٍ يلزمه السير على طبق اعتقاده، فإنَّ هذه صغرى وهي موضوعٌ عرفي وليس فيها تقليد وإذا أبدى الفقيه فيها رأيه فهو يبديه بما هو واحدٌ من العرف، وعلى هذا الأساس يلزم أن يتبع المكلف ما يراه ويعتقده هو دون ما يراه الفقيه، فالقضية راجعة إلى نفس المكلفين وإلى العرف.

إن قلت:- إذا كانت القضية راجعة إلى العرف والمكلّفين فلماذا يتدخل الفقيه في ذلك ويأخذ ببيان هذه الأمور وأنَّ هذان الشيئان من جنسين وهذان الشيئان من جنسٍ واحد؟

قلنا:- إنَّه يتدخل بما هو انسانٌ عرفي، فهو يريد أن يساعد المكلف في تعيين ذلك، أما إذا حصل للمكلف اطمئنانٌ على خلاف رأي الفقيه فعليه أن يتبع ما يراه ويعتقده هو لا ما يراه الفقيه.

وأما إذا شك[1] المكلف أو الفقيه بأنَّ سمك البنّي والشبوط هما جنسٌ واحدٌ أو جنسان فمرجع ذلك إلى الشك في التكليف، يعني نشك إذا بعنا كيلو من البنّي بكيلوين من الشبوط هل يتحقق الربا فيه أو لا وهذا شكٌّ في أصل التكليف فيكون مجرى للبراءة، وذلك في صالح المكلف.

مسألة ( 210 ) الوحشي من كل حيوانٍ مخالف للأهلي فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي والغنم الأهلي والوحشي.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح:- وهو أن جميع الموارد التي ذكرت في هذا المسألة أهليها يخالف وحشيها فلا يتحقق فيها الربا.

ولعل الأمر كما أفاده السيد الماتن(قده)، فنحن نتفق معه في هذه الأمثلة لا كبعض الأمثلة التي ذكرها في المسألة السابقة، فإنَّ حمار الوحش غير الحمار الأهلي في عدّة أمور، وهكذا الغنم الأهلي غير الغنم الوحشي، وحينئذٍ لا يتحقق الربا بعد اختلاف جنسيهما، ولا أقل من الشك في أنهما من جنسٍ واحدٍ أو من جنسٍ متعدد فيكون مجرى للبراءة، فالموقف هو الموقف لا اختلاف فيه.

إن قلت:- هل يمكن الرجوع إلى أهل الخبرة كمربّي هذه الحيوانات واعتبار شهادتهم في كون هذه الأشياء من جنسٍ واحد من جنسٍ متعدد؟

قلت:- إن كانوا من أهل الخبرة فسوف نأخذ بشهادتهم من باب حجية قول أهل الخبرة، أو أننا نأخذ بشهادتهم أيضاً من باب حصول الاطمئنان إن حصل الاطمئنان من شهادتهم، وأما إذا لم يحصل أي واحدٍ من هذين الأمرين فسوف يشك في ثبوت الربا مع التفاضل فيكون مجرى للبراءة.

مسألة (2011 ) كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن واجبن والزبد والسمن، والبسر والرطب والتمر والدب

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح:- فالحنطة والدقيق والخبز جنسٌ واحد، فلا يجوز بيع الخبز بالطحين مع التفاضل لأنه ربا، والحليب ومشتقاته إن جزمنا بكونها من جنسٍ واحدٍ فسوف تحقق فيهن الربا مع البيع بالتفاضل، وإن جزمنا بعدم كونهن من جنسٍ واحد فلا ربا، وإن شككنا فالمرجع هو أصل البراءة فلا ربا، وكذلك البسر الرطب والتمر والدبس فالكلام فيهن نفس الكلام.

مسألة ( 212 ) إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن وكان فرعه لا يكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه[2] فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل، وكذلك القطن والكتان والثباب المنسوجة منهما.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح.

والوجه فيما أفاده أمران:-

الأول:- مقتضى القاعدة، فإنَّ العباءة وإن كانت مصنوعةً من الصوف والصوف من المكيل أو الموزون إلا أنَّ العباءة ليست من المكيل والموزون فالقاعدة هنا تقتضي جواز بيعها بالصوف وإن كان الصوف أكثر وزناً منها أو بالعكس فإنه لا محذور في ذلك بعدما كان الجنس مختلفاً، فإنَّ العباءة ليست صوفاً والصوف ليس عباءةً بل هما جنسان مختلفان عرفاً، ومادام العرف يراهما جنسين مختلفين فلا يتحقق فيهما الربا.

الثاني:- وجود رواية في المورد، وهي ما رواه الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين باسناده عن باسناده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بيع الغزل بالثياب المنسوجة والغزل أكثر وزناً من الثياب، قال:- لا بأس )[3] .

ودلالتها على المطلوب واضحة.

وسندها معتبر، وقد روها المحمدون الثلاثة.


[1] وهذه قضية سيّالة.
[2] أي الآن لا يقال هي صوف وإنما هي مصنوعة من الصوف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo