< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - شروط تحقق الربا في المعاملة، مسألة ( 204 ) - الربا.

وأما الشرط الثاني:- فمدركه ثلاث روايات أيضاً:-

الرواية الأولى:- ما وراه الشيخ الطوسي باسناد عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن )[1] .

أما دلالتها على المطلوب فواضحة:- حيث قال الامام عليه السلام:- ( لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن ) أي لا يتحقق الربا إلا بما يكال أو يوزن.

وأما سندها:- فهو معتبر، لأنَّ الشيخ الطوسي رواها باسناده عن الحسن بن محبوب وطريقه إلى الحسن بن محبوب معتبر على ما هو مذكور في المشيخة، وإذا كان هناك تأمل فيه فيمكن مراجعة طرقه في الفهرست[2] وتكفي صحة الطريق في أحدهما ولا يلزم صحته في كليهما، وأما الحسن بن محبوب فهو من أجلة اصحابنا، وأما علي بن رئاب فهو ثقة جليل.

الرواية الثانية:- ما رواه المشايخ الثلاثة بأسنانيد معتبرة عن عبيد بن زرارة:- ( سمعت أبا عبد الله عليه اليسلام يقول:- لا يكون الربا إلا في فيما يكال أو يوزن )[3] ، وعبيد بن زارة ثقة كأبيه زرارة.

وأما دلالتها على المطلوب فواضحة:- فإنها صريحة في اشتراط الكيل أو الوزن في تحقق الربا.

الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الكليني عن محمد بن يحيى وغيره عن محمد بن أحمد عن أيوب بن نوح عن العباس بن عامر عن دود بن الحصين عن منصور قال:- (سألته عن الشاة بالشاتين والبضة بالبيضتين، قال:- لا بأس ما لم يكن كيلاً أو وزناً )[4] .

أما دلالتها:- فواضحة، فإنَّ السائل خاف من الربا في هذه المعاملة ولكن الامام عليه السلام اجابه وقال ما دام لا يوجد كيل أو وزن فلا مشكلة في البين.

وأما سندها:- فمحمد بن يحيى من أجلة اصحابنا، ومحمد بن أحمد بن يحيى فهو صاحب كتاب نوادر الحكمة الثقة، وأما أيوب بن نوح والعباس بن عامر وداود بن الحصين فكلهم ثقاة، وأما منصور فالذي في هذه المرتبة من الرواة هو منصور بن حازم الثقة.

ولكن توجد فيها مشكلة الاضمار:- فإنَّ منصور بن حازم قال:- ( سألته ) ولا نعرف عود الضمير إلى أيَّ شخصٍ فكيف يمكن حل هذه المشكلة؟

والجواب:- إنَّ الضمير يرجع إلى الامام عليه السلام جزماً؛ إذ لا يوجد مرجعٌ معهودٌ في الوسط الشيعي بحيث يشار إليه بالضمير ولا يحتاج إلى تعيينٍ سوى الامام عليه السلام، فإن قبلنا بهذا البيان فسوف تنحل مشكلة المضرات وإلا فلا، خصوصاً أنَّ منصور بن حازم من أجلة اصحابنا ولا تليق به الرواية عن غير الامام عليه السلام.

مسألة ( 204 ):- المعاملة الربوية باطلة مطلقاً من دون فرق بين العالم والجاهل سواء أكان الجهل جهلاً بالحكم أم كان جهلاً بالموضوع، وعليه فيجب على كل من المتعاملين ردّ ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في مسألة ( 57 ).

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على أربعة احكام:-

الحكم الأول:- المعاملة الربوية ليست حراماً فقط بل هي باطلةٌ أيضاً.

الحكم الثاني:- لا فرق في البطلان بين العالم والجاهل بحرمتها أو ببطلانها.

الحكم الثالث:- لا فرق في الجهل بين أن يكون جهلاً بالحكم[5] أو بالموضوع[6] ، فرغم كونه لا يعلم بكونها ربويةً إلا أنها تكون باطلة.

الحكم الرابع:- يجب على كل طرفٍ ردّ ما أخذه إلى مالكه.

أما الحكم الأول:- فالتوجيه الفني له أنه قد يقال إنَّ النهي يقتضي الفساد، فتكون هذه المعاملة فاسدة لأجل النهي عنها.

والجواب واضح حيث يقال:- إنَّ هذا التوجيه باطل، فإنَّ النهي إنما يقتضي الفساد في العبادة دون المعاملة حيث يعتبر في العبادة القربة ولا يمكن القربة في العبادة مع النهي عنها، أما المعاملة فلا يشترط فيها القربة.

ولكن يمكن في توجيه الحكم ببطلان المعاملة الربوية[7] أن يقال:- إنَّ قوله تعالى:- ﴿وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون﴾[8] يدل على ذلك، ببيان:- أنَّ الاية الكريمة تقول إذا تاب الشخص من الربا فعليه أن يرجع الارباح الربوية إلى صاحبها أما هو فله رأس ماله فقط، فكل واحدٍ منهما له رأس ماله وأما الأرباح فعلى آخذها أن يرجعها إلى مالكها الاصلي وهذا يدل على أنَّ المعاملة الربوية باطلة وإلا لم تكن هناك حاجة إلى ارجاع الارباح، فاقتصار كل شخصٍ منهما على أخذ رأس ماله فقط دون الارباح يدل على بطلان المعاملة الربوية، فارجاع الارباح يدل على البطلان، ومادامت هذه الآية الكريمة تدل على الحرمة فسوف نكتفي بها، هذا مضافاً إلى كون المسألة اتفاقية.


[2] لأنَّ طرق الشيخ مذكورة إما في الفهرست أو في المشيخة.
[5] أي أنَّ الربا حرام.
[6] أي لا يعلم أنَّ هذه المعاملة ربوية.
[7] لا على سبيل الحصر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo