< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - هل حرمة الربا تختص بالبيع أو تعم غيره من المعاملات؟ - الربا.

قال السيد الماتن:-

وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيرها من المعاوضات؟ قولان، والاظهر اختصاصه بما إذا كانت المعاوضة بين العينين سواءً أكانت بعنوان البيع أو الصلح مثل أن يقول صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة أو يقول ابرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن لعشرة التي لك علي ونحوها فالظاهر الصحة.

..........................................................................................................

يشتمل المتن على حكمين:-

الحكم الأول:- إنَّ حرمة الربا لا تختص بالبيع بل تعم بقية المعاملات إذا أمكن أن تكون المعاوضة بين العينين.

وعادةً المعاوضة بين العينين بنحو التمليك تتحقق في موردين البيع والصلح ولو تصورناه في معاملةٍ اخرى فأيضاً سوف يجري فيها الربا إذا فرض الزيادة في أحد الطرفين.

فإذاً الربا في المعاوضة في موردين البيع والصلح إذ فيهما يمكن أن تتحقق المقابلة بين الملكين أو العينين فأقول بعتك كليو من الرز مثلاً بكيلو ونصف منه، أو صالحتك على أن يكون هذا الكليو من الرز مقابل كيلو ونصف من الرز منك، وإذا تصورنا معاملةً اخرى غير البيع والصلح وكانت المعاوضة فيها بين نفس الملكين فأيضاً يتحقق فيها الربا إذا فرض الزيادة في احدهما، ولكن الظاهر أنَّ المعاوضة بين العينين لا تكون إلا في البيع والصلح.

الحكم الثاني:- إنَّ المعاوضة إنما تكون مصداقاً للربا فيما إذا فرض أنَّها كانت بين نفس العينين، كما لو قال له صالحتك على أن يكون هذا الكيلو من الرز لك مقابل أن يكون لي منك كيلو ونصف من الرز، فالمعاوضة تثبت بين العينين، وأما المعاوضة بين غير العينين كما لو قلت له صالحتك على أن أهب لك كيلو من الزر في مقابل أن تهب لي كيلو ونصف من الرز فهذا لا محذور فيه وهو ليس من الربا مادامت المصالحة أو البيع ليست بين العينين.

أما الحكم الأول:- فيستدل له بوجهين:-

الوجه الأول:- إنَّ المفهوم عرفاً من الربا هو ذلك، فإنَّ المفهوم عرفاً من الربا هو تمليك عينٍ في مقابل تمليك ما يساويها مع زيادةٍ وهذا عادةً يتحقق في البيع والصلح، فواقع الحال أو شهادة العرف هي الدليل على أنَّ حرمة الربا هي عبارة عن تمليكٌ بين العينين مع زيادة احدهما على الآخر.

الوجه الثاني:- معتبرة عمر بن يزيد، حيث روى عن أبي عبد الله عليه السلام في حديثٍ أنه قال:- ( يا عمر قد أحلَّ الله البيع وحرّم الربا بع واربح ولا تُرْبِ، قلت:- وما الربا؟ قال:- دراهم بدراهم مثلين بمثل وحنطة بحنطة مثلين بمثل[1] )[2] .

وحينما قال له الامام عليه السلام:- ( دراهم بدراهم أو مثلين بمثل وحنطة بحنطة بحنطة ... ) فتمليك دراهم بدراهم مع الزيادة إنما يتحقق في البيع أو الصلح ولا يوجد موردٌ ثالث ظاهراً، فلذلك يمكن أن يقال إنَّ الحرمة تختص بالبيع والصلح دون غيرهما.

وسند الرواية معتبر:- حيث رواها صاحب الوسائل بطريقين احدهما باسناد الشيخ الطوسي والثاني باسناد الشيخ الصدوق إلى عمر بن يزيد، أما طريق الشيخ الطوسي فيحتاج إلى المراجعة لمعرفة بعض من ورد فيه، وأما سند الشيخ الصدوق فهو معتبرٌ وهو:- ( أبوه رضي الله عنه عن محمد بن يحيى العطار عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى عن عمر بن يزيد، ).

وأما الحكم الثاني:- فمستنده واضح، فإنَّ الربا هو زيادة الملك والمال في أحد الطرفين أما أن تكون المقابلة بين هبتين بأن يقول الأول وهبتك مثقالاً من الذهب بشرط أن تهب لي مثقالاً ونصف منه فهذا لا يصدق عليه مفهوم الربا وعلى الأقل يشك في صدق عنوان الربا عليه ويكفينا الشك وحينئذٍ يتمسك بأصل البراءة.

قال السيد الماتن:-

يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران الاول اتحاد الجنس والذات عرفاً وإن اختلفت في الصفات فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجديدة بمائة وخمسين كيلو من الردئية ولا بيع عشرين كيلو من الارز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو الرديء أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الرز، الثاني أن يكون كل من العوضين من المكيل والموزون فإن كانا مما يباع بالعدّ كالبيض والجوز فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.

..........................................................................................................

بعد أن عرفنا مفهوم الربا وهو تمليك عينٍ بعوضٍ زائد كتمليك كيلو من الزر بكيلو ونصف من الرز ذكر الستد الماتن هنا شرائط تحقق الربا وقد ذكر شرطان:-

الشرط الاول:- اتحاد الجنس كالرز بالرز أو الحنطة بالحنطة، أما إذا اختلف الجنس كالحنطة بالرز فهنا يجوز الترابي ولا محذور فيه لاختلاف الجنس.

الشرط الثاني:- أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون وأما في المعدودات فلا يتحقق ربا، وقد مثّل للمعدود بالبيضة والجوزة.

ولكن نقول:- إنَّ هذا يختلف باختلاف البلدان، فسابقاً لم يكن يلزم الربا في البيض والجوز لأنهما كانا من المعدود وأما في زماننا فإنه يلزم الربا فيهما في بعض البلدان لأنهما أصبحا في هذه البلدان من المكيل أو الموزون.


[1] وتعبير الامام بـ ( مثلين بمثل ) يحمل على المثالثة، وإلا إذا صار ثلاثة امثال بمثل فهذا حرام حرام ايضاً أو ثلاث أمثال مقابل مثلين فهذا حرام أيضاً، فالامام عليه السلام أراد أن يوصل الفكرة للسائل بهذا المثال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo