< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الربا.

الربا:-

وهو قسمان الأول ما يكون في المعاملة والثاني ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء الله تعالى، أما الأول فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في احدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسئيةً.

..........................................................................................................

مضمون المتن واضح:- وهو أنَّ الربا حرامٌ في الشتريع الاسلامي في موردين الأول القرض والثاني البيع، أما حرمته في باب القرض فسوف تأتي في كتاب القرض، وأما حرمته في باب البيع فيبحث هنا، ويتحقق الربا في المعاملة ببيع شيءٍ بمثله مع الزيادة العينية أو الحكمية.

أمورٌ يجدر التنبيه عليها:-

الأمر الأول:- إنَّ حرمة الربا ثابتة بالكتاب الكريم والسنَّة الشريفة والاجماع بل وبالضرورة الاسلامية، فحتى لو ناقشنا في أدلة الحرمة من الكتاب أو السنَّة أو ناقشنا في الاجماع بأنه محتمل المدرك يبقى من واضحات الاسلام وبديهياته حرمة الربا، وهذا يكفي في حصول القطع بحرمته من جهة البداهة والضرورة من دون حاجةٍ إلى اثبات ذلك بآية أو رواية أو اجماع.

فإذاً تصير الأدلة أربعة رابعها الضرورة الاسلامية كما أشرنا إلى ذلك.

وفي المقام ننقل روايتين شريفتين تبركاً:-

الرواية الأولى:- ما رواه المحمدون الثلاثة بطرق معتبرة عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( درهم ربا أشد من سبعين زنية كلها بذات محرم )[1] .

الرواية الثانية:- ما جاء في موثقة ابن بكير قال:- ( بلغ أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أنه كان يأكل الربا فيسمّيه اللّباء[2] ، فقال:- لئن امكنني الله منه لأضربن عنقه )[3] .

فهاتان الروايتان وغيرهما تدلان على أنَّ الحرمة في الربا مشدَّدة.

الأمر الثاني:- إنَّ حرمة الربا مختصَّة بموردين القرض والبيع.

وقد يسأل سائل ويقول:- كيف ننفي ثبوت حرمة الربا في بقية الأبواب الأخرى غير البيع القرض؟

والجواب:- يكفينا لنفي الحرمة فيها التمسك بالأصل من حاجة إلى رواية، فإنَّ ثبوت الحرمة يحتاج إلى دليل وأما نفيها فيكفي لاثباته عدم الدليل، بل هناك شيء أقوى من الأصل يثبت ذلك وهو دعوى الضرورة، حيث توجد ضرورة اسلامية على أنَّ الربا ليس بحرام في غير هذين البابين.

الأمر الثالث:- هل حرمة الربا تختص بالمعاوضة البيعية أو تعم غيرها من المعاوضات الأخرى كالاجارة والصلح وما شاكل ذلك؟

والجواب:- هذه قضية ستأتي الاشارة إليها من قبل السيد الماتن(قده) فيما بعد.

الأمر الرابع:- لا اشكال في ثبوت حرمة الربا إذا كانت الزيادة من المثل ككيلو حنطة مقابل كيلو حنطةٍ مع زيادةٍ من المثل الذي هو الحنطة، وأما إذا لم تكن الزيادة من المثل فلا تكون الحرمة ثابتة لأنَّ عنوان مثلاً بمثل ليس بصادق هنا وإنما يصير مثلاً بغير مثله، فلا حرمة حينئذٍ.

ومن الروايات الدالة على أنه إذا لم يكن مثلاً بمثل فلا حرمة في البين:-

الرواية الاولى:- ما رواه الشيخ الكليني عن عدّة من اصحابنا عن سهل وعن محمد بن يحيى عن احمد بن احمد جيمعاً عن احمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- أيجوز قفيز من حنطة بقفيزين من شعير؟ فقال:- لا يجوز إلا مثلاً بمثل، إنَّ الشعير من الحنطة )[4] ، أي أنَّ الشعير هو من نفس جنس الحنطة، ورجال السند كلهم ثقاة.

وقد يقال:- إنَّ هذه الرواية خاصة بالحنطة والشعير ولا تعم سائر الموارد كالرز مثلاً.

قلت:- إنها وإن كانت واردة في الحنطة والشعير إلا أنَّ الامام عليه السلام أعطى فيها قانوناً عاماً حيث قال:- ( مثلاً بمثل ) فاعطاؤه هذا القانون العام يلغي هذه الخصوصية.

الرواية الثانية:- ما رواه الكيلني عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن منصور بن حازم عن أبي بصير وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( الحنطة والشعير رأسٌ برأسٍ لا يُزاد واحد منهما على الآخر )[5] ، وسندها معتبر وقد رواها المحمدون الثلاثة.

الأمر الخامس:- لا اشكال في ثبوت حرمة الربا إذا كانت الزيادة من المثل، أما إذا لم تكن من المثل وإنما كانت زيادةً من حيث الأجل كبيع كيلو حنطة بكيلو حنطة إلى شهرٍ ففي مثل هذه الحال هل يصدق مثلاً بمثل أو لا وهل يتحقق الربا به أو لا؟

يظهر من السيد اليزدي(قده) في حاشيته على المكاسب أنَّ هذا ليس بربا:- فإنَّ هذا بيعُ مثلٍ بمثلٍ والأجلُ لا ينفي صدق المثلية هنا، قال:- ( وأما الاخبار على اعتبار المثلية فظاهرها المثلية في القدر لا من جميع الجهات )[6] .

وعبارته واضحة في أنَّ المدار على وحدة المقدار فإذا كان المقدار متساوياً فآنذاك يصدق مثلاً بمثل وأما الاختلاف من سائر الجهات الاخرى كالأجل في احدهما فلا يضر.

وفي التعليق نقول:- إنَّ الروايات المتقدمة قد دلت على أنه لا يجوز البيع إلا مثلاً بمثل، فالجائز هو البيع مثلاً بمثل وأما غيره فلا يجوز، وحينئذٍ نقول إذا فرض أنه كان عندنا بيع كيلو حنطة بكيلو حنطة مع ثبوت الأجل في احدهما فهنا إذا لم نجزم بعدم صدق مثلاً بمثل فلا أقل من الشك في صدقه وفي مثل هذه الحالة نحكم بعدم الجواز لأنَّ الروايات خصَّصت الجواز بعنوان مثلاً بمثل ومع وجود الأجل في أحدهما نشك بوجداننا بصدق المثل بالمثل ويكفينا الشك لاثبات الحرمة، وهذه نكتة ظريفة لاثبات التحريم في مورد ثبوت الأجل خلافاً للسيد اليزدي(قده).


[2] واللّباء: - هو أول الحليب بعد الولادة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo