< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 200 )، مسألة ( 201 )، مسألة ( 202 )، مسألة ( 203 ) - المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية - الفصل الثامن (النقد والنسيئة).

مسألة ( 200 ):- إذا تبين كذب البائع في اِخباره برأس المال كما إذا اخبر أن رأس ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخير المشتري بين فسخ البيع وامضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح:- وهو أنَّ البائع قد اخبر المشتري بكون الثمن الذي اشترى به هذه السلعة مائة ويريد ربح عشرة فيصير المجموع مائة وعشرة ولكن اتضح أنَّ ثمنها تسعون ففي مثل هذه الحالة يثبت الخيار للمشتري بين الفسخ والامضاء بما جرى عليه العقد.

وهنا نطرح سؤالان:-

السؤال الأول:- ما هو وجه ثبوت الخيار والحال أن المتبايعان لم يشترطاه في متن العقد؟

والجواب:- إنَّ الوجه في ذلك هو وجود شرط ضمني لم يصرّح به لوضوحه بل قد يغفل المتبايعان عن ذكره باللسان لكنه مرتكز في النفس، إذ من الواضح أنَّ كل عاقلٍ حينما يقدم على معاملة ويقول له البائع ثمن المبيع مائة وأريد ربح عشرة وكان الثمن في الواقع تسعون فهنا يوجد في نفس المشتري شرط ضمني أنه لو كان الثمن أقل من مائة فلي الحق في الفسخ أو الامضاء، وهذا شرط ضمني مرتكز في النفس لا يذكر لوضوحه بل ربما يغفل عنه بنحو التفصيل رغم ثبوته في النفس، وعليه فالخيار يكون ثابتاً بفكرة الشرط الضمني.

السؤال الثاني:- ما هي النكتة لعدم الحكم ببطلان المعاملة رأساً؟

والجواب:- إنَّ الحكم بالبطلان يختص بما إذا كان ما جرى عليه العقد مغايراً لما هو الثابت خارجاً، كما لو فرض أنَّ العقد جرى على كتابٍ فتبين أنه دفتر فهنا حقيقة الكتاب عرفاً تغاير حقيقة الدفتر فهنا يثبت البطلان، وأما إذا فرض عدم وجود مغايرة وإنما كان الثابت هو اختلافٌ جزئيٌّ لا يؤثر على الحقيقة والتسمية للمبيع كما إذا فرض أنَّ العقد جرى على دارٍ فاتضح انها لا تحتوي على حمّام أو مطبخ ففي مثل هذه الحالة حقيقة الدار صادقة عليها فهنا سوف يثبت الخيار لا البطلان، بخلاف ما لو اتضح أنها خانٌ وليست داراً فإنَّ حقيقة الخان غير حقيقة الدار، فإن كانت الحقيقة ليست مغايرة فلا يثبت البطلان، وإنما يثبت البطلان فيما إذا كانت حقيقة ما جرى عليه العقد مغايرة للحقيقة الثابتة خارجاً، وفي محل كلامنا المفروض أنه لا توجد مغايرة في البين وإنما البائع اخبر برأس المال ثم اتضح كذبه وهذا ليس تغايراً في حقيقة المبيع وإنما هو تخلّفٌ في بعض الاوصاف فلا مجال حينئذٍ للحكم بالبطلان وإنما الثابت هو الخيار.

وهناك نشير قضية[1] :- وهي أنَّ كل ما ورد في هذه المسألة إنما يتم فيما إذا كان المبيع جزئياً، وأما إذا كان كلياً فلا يأتي الحكم المذكور، وهذا أمرٌ واضح، كما إذا فرض أنه اشترى مبيعاً جزئياً بعنوان أنه دارُ سكنٍ فيها خمسة حُجَر فهنا مرة يتبين أنها دار تحتوي على اربع حُجَر واخرى يتبين أنها خانٌ وليست داراً، فإن تبين أنها دار لكن عدد غرفها ناقص فهنا يثبت الخيار للمشتري لأنَّ المبيع ليس مغايراً لما جرى عليه العقد وإنما كان فاقداً لبعض الأجزاء أو الشروط، وإن تبين أنها خانٌ وليست داراً فهنا يبطل البيع لوجود المغايرة.

وأما إذا كان متعلق البيع كلياً فحينئذٍ لا يثبت البطلان ولا الخيار، كما لو فرض أنَّ شخصاً اشترى داراً كلّية ذات اربع حُجر لكن البائع دفع إليه سيارةً أو خاناً فهنا لا يثبت الخيار وإنما البائع لم يدفع مصداق المبيع فحينئذٍ للمشتري حق مطالبة البائع بدفع مصداق المبيع فإن دفع البائع مصداق المبيع كان البيع تاماً من دون بطلانٍ ولا خيار.

 

مسألة ( 201 ):- إذا اشترى سلعةً بثمنٍ معينٍ مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الاخبار بذلك، أما إذا علم في السلعة عملاً فإن كان بأجرة جاز ضم الاجرة إلى رأس المال فإذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.

..........................................................................................................

مضمون المسألة واضح:- وهو أنه تارةً يفترض أنَّ الشخص يشتري السلعة بثمنٍ معينٍ كمائة دينار ولا يتصرف فيها بزيادةٍ أو بنقصان وإنما هي باقية على حالها كما اشترها فإذا أراد أن يبيعها فعليه أن يقول للمشتري بعتك هذه السعة بثمنها وهو مائة دينار، وأما إذا عمل فيها شيئاً كما لو كان المبيع داراً فصبغها وكان الصبغ يساوي عشرة ففي مثل هذه الحالة يتمكن أن يضيف العشرة إلى الثمن فقول بعتكها برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا. ولا توجد في المسألة نكتة اضافية وإنما هي بيانٌ لمطلبٍ صغروي.

 

مسألة ( 202 ):- إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الاجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

..........................................................................................................

الفارق بين هذه المسألة وسابقتها أنه في المسألة السابقة قد اشترى السلعة بمائة ولكنه استأجر عاملاً بعشرة لصبغها فهنا يمكن أن يضم العشرة إلى الثمن، بخلافه في هذه المسألة فإنَّ المالك هو الذي قام بذلك العمل وتصدى له فهنا لا يحق له أن يضيف اجرة عمله إلى الثمن، والقضية عرفية قبل أن تكون دقّية، نعم له الحق في أن يقول إني قمت بجهدٍ اجرته كذا واريد مقابله من الاجرة، أما أن يقول ثمنها مائة وعشرة فهذا شيءٌ على خلاف الواقع.

 

مسألة ( 203 ):- إذا اشترة معيباً فرجع علبى البائع بالارش كان الثمن ما بقي بعد الارش، ولو اسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاة على الاحسان لم يسقك ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة من فرعين:-

الفرع الأول:- لو كان المبيع معيباً ورجع المشتري بالأرش على البائع كما لو كان الثمن مائة والمشتري رجع على البائع بعشرةٍ فإذا أن يبيع هذه السلعة مرابحةً على شخصٍ آخر فعليه أن يخبره بأنَّ ثمنها تسعين وليس مائة لأنَّ العشرة قد رجعت إلى جيبه، ولو قال اشتريتها بمائة فلا يبعد أنَّ العرف يعدّه كاذباً في ذلك لأنه قد استرجع عشرةً من ثمنها.

الفرع الثاني:- إذا لم يرجع المشتري بالارش ولكن البائع ارجع قسماً من الثمن إلى المشتري كعشرةٍ من باب الاحسان أو المجازاة مثلاً ففي مثل هذه الحالة إذا أراد المشتري أن يبيع هذه السعة مرابحةً من شخص آخر فيصح أن يقول له بعتكها بمائة ولا يجب عليه أن يقول بعتكها بتسعين، لأنَّ واقع الحال أنَّ الثمن هو مائة غاية الأمر أنَّ البائع الأول وضع له قسماً من الثمن.


[1] وهذه قضية جانبية كلية نبينها هنا قد لا ترتبط بمقامنا ولكن ينبغي الالتفات إليها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo