< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/10/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 190 ) يلزم ان يكون الاجل مضبوطاً - الفصل الثامن ( النقد والنسيئة ) - الخيارات.

مسألة ( 190 ) يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان، فلو جعل الاجل قدوم زيدٍ أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمٍ واحد:- وهو أنَّ تأجيل الثمن في بيع النسيئة جائز بشرط أن يكون الاجل مضبوطاً عرفاً لا تردد فيه.

وقد ذكر الشيخ الاعظم(قده) في مكاسب[1] ثلاثة وجوه لاعتبار ذلك:-

الوجه الأول:- عدم الخلاف بين الفقهاء.

الوجه الثاني:- إنه توجد عندنا معاملتان متقابلتان وهما معاملة النسيئة - التي يكون فيها الثمن مؤجلاً والثمن حالاً - ومعاملة السلم - التي يكون المثمن فيها حالاً والمثمن مؤجلاً - وحيث قد دل الدليل على اعتبار ضبط الاجل في بيع السلم فيلزم اعتبار ذلك في مقابله الذي هو بيع النسيئة.

وكأنه يريد أن يقول توجد قاعدة وهي أنَّ المقابل يأخذ حكم مقابله، ولكن هذا اشبه بتعليلات النحويين.

الوجه الثالث:- حديث نفي لغرر، إذ لو لم يكن الاجل مضبوطاً في باب النسيئة يلزم من ذلك الغرر، وحيث إنَّ الحديث ينفي الغرر - أي لا تجوز المعاملة الغررية - فعليه يلزم ضبط الاجل.

أما الوجه الاول فيرد عليه:- إنَّ عدم الخلاف حتى لو كان موجوداً ولكنه ليس من الادلة على اثبات الاحكام، فإنَّ الادلة على الاحكام اربعة وهي الكتاب والسنَّة والعقل والاجماع، وعدم الخلاف فليس منها، كما أنَّ عدم الخلاف ليس هو نفس الاجماع بل بينهما فرقٌ، فإنَّ الاجماع يكون فيه رأي الامام عليه السلام موافق للمجمعين، أما عدم الخلاف فلا يوجد فيه ذلك، وهذا شيءٌ من المغايرة بين الاجماع وعدم الخلاف، وعليه فعدم الخلاف بما هو هو وفي حدّ نفسه لا يمكن عدّه دليلاً وحجة.

أجل يمكن عدّه حجةً من باب تطبيق فكرة حساب الاحتمال فيقال:- إنَّ الفقهاء إذا لم يختلفوا في حكم مسألةٍ فمن الوجيه حصول الاطمئنان للفقيه بثبوت هذا الحكم لديه، وهذه قضية وجدانية، وعليه فسوف يصير عدم الخلاف حتى بقطع النظر عن ضمّ رأي المعصوم عليه السلام إليه دليلاً خامساً للحكم الشرعي، فإن قبلت بهذه القضية الوجدانية فبها وإلا فلا يمكن أن نقيم دليلاً لاثبات حجية عدم الخلاف سوى قضية حصول الاطمئنان، ونحن في سيرتنا إذا رأينا مسألةً لا خلاف فيها فسوف نسلّم بها وهذا معناه أنه سوف يحصل لنا الاطمئنان بذلك. فالشيخ الاعظم(قده) حينما ادّعى عدم الخلاف فلابد وأن نوجهه بهذا التوجيه كي يكون دليلاً.

ولكن تبقى الصغرى تحتاج إلى تحقيق وهي أنه هل لا يوجد خلاف واقعاً في اعتبار ضبط الأجل في بيع النسيئة أو لا، فإن ثبتت الصغرى فليس من البعيد ثبوت الحجية إذ من البعيد اتفاق الكل على باطل.

ومن خلال هذا كله اتضح أنَّ الوجه الأول يمكن قبوله إذا ثبتت الصغرى واقعاً.

وأما الوجه الثاني فيرد عليه:- بأنه يصعب اثباته، فإنَّ قاعدة ( المقابل يأخذ حكم مقابله ) ليست قاعدةً عقلة، وقد لا تكون عقلائية أيضاً.

وأما الوجه الثالث فيرد عليه:- بأننا قد تكلمنا في حديث نفي الغرر سابقاً من حيث السند والدلالة في مسألة ( 87 ) ولكن نكرره هنا بصورةٍ موجزة:-

أما سنده:- فقد رواه الشيخ الصدوق(قده) في كتابه ( عيون اخبار الرضا )[2] ، كما نقله الشيخ النوري(قده) في مستدركه[3] بسندٍ ينتهي إلى الامام الحسين عليه السلام، ونصّه :- ( خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال:- سيأتي على الناس زمانٌ عضوضٌ يعضُّ المؤمن على ما في يده ... وسأتي زمانٌ يقدم فيه على الاشرار وينسى فيه الاخيار ويبايع المضطر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع المضطر وعن بيع الغرر ).

وسند الشيخ الصدوق في العيون محل تأمل.

كما روى الشيخ الصدوق(قده) هذا الحديث أيضاً واحاديث اخرى في العيون بثلاثة اسانيد اخرى حيث قال:- ( وبهذا الاسناد عن علي بن موسى الرضا ) [4] ، وإذا رجعنا إلى هذه الاسانيد وجدنا رجالها من المجاهيل، وعليه فأجمعها سوف لا تنفعنا في اثبات حجية سند حديث نفي الغرر، إلا على طريقة صاحب الجواهر(قده) أو الشيخ الاعظم(قده) حيث تساهلا من ناحية الاسانيد، فبعد أن ذكر صاحب الجواهر(قده) حديث نفي الغرر للاستشهاد به على اعتبار القدرة على التسليم قال:- ( المشهور المعتبر المتلقى بالقبول بل إنه قد اجمع عليه المؤالف والمخالف القائل بحجية خبر الواحد وغيره السيد المرتضى وبني زهرة وادريس بل ردّ به كثير من الاخبار المسندة المروية من طرق الاصحاب )[5] ، يعني حتى الحديث المعتبر إذا كان مخالفاً لحديث نفي الغرر فهم يردّونه بحديث نفي الغرر، وقال الشيخ الاعظم(قده):- ( واشتهار الخبر بين الخاصة والعامة يجبر ارساله )[6] ، فالشيخ الاعظم(قده) اعتبر السند وقبله بسبب اشتهار الخبر بين الخاصّة والعامة.

وعليه فتبقى قضية السند راجعة كلٌّ إلى وثوقه، فإن حصل الوثوق به كان معتبراً وإلا فلا.


[1] تراث الشيخ الانصاري ( كتاب المكاسب ) الانصاري، تسلسل16، ص200.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo