< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تتمة مسألة( 167 )، مسألة ( 168 ) - شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

الحكم الثالث:- يثبت للشارط خيار الفسخ وإن أمكنه اجبار المشروط عليه على فعل الشرط.

والمستند لهذا الحكم هو الشرط الضمني، حيث يوجد شرطٌ ضمني على أنه إذا لم يفِ المشروط عليه بالشرط فمن حق الشارط الفسخ حتى وأن تمكن الشارط من اجباره، وعليه فمن حق الشارط أن يُعمِل الخيار وذلك لما ذكرنا من أنَّ الشرط الضمني في هذا المجال ليس مقيداً بتعذّر الاجبار، والوجدان شاهدٌ على ذلك.

بيد أنَّ السيد محسن الحكيم(قده) ذهب في منهاجه القديم إلى أنَّ الخيار يثبت للشارط إذا تعذّر عليه اجبار المشروط عليه.

ولعل السيد الحكيم(قده) حكم بذلك من باب أنه يرى بوجدانه أنَّ الاشتراط مقيد، يعني أنَّ البائع إذا اشترط لنفسه الخيار فهو يشترطه في حالة عدم تمكنه من اجبار المشتري - المشروط عليه - على فعل الشرط، ولكن نحن نرى بوجداننا أنه ليس مقيداً بذلك بل هو أوسع.

ملاحظة جانبية:- يتبيَّن من خلال هذا البحث أنَّ اختلاف الفقهاء لا ينحصر بالمناشيء العلمية فقط بل له مناشيء أخرى متعددة، منها فهم الفقيه للنص، فربما يفهم الفقيه من النص هذا الحكم بينما الفقيه الآخر لا يفمه منه، ومنها أنَّ الفقيه يرى وجود معارضٍ لهذه الرواية بينما الآخر لا يرى المعارضة، ومنها أنّ الفقيه قد يرى أنَّ سند هذه الرواية ضعيف بينما الآخر لا يرى ذلك، ومن أحد مناشيء اختلاف الفقهاء أيضاً هو اختلاف الوجدان من قبيل أنَّ البعض يقول إنَّ هذا اليوم حار بينما الآخر يقول إنَّ حرارته طبيعية، وكذلك في الطعام فالبعض يقول هذا الطعام طيب بينما البعض الآخر يقول هو ليس بطيب، وكذلك الجمال فالبعض يقول إنَّ هذا الشخص جميل جداً بينما الآخر يقول إنَّ جماله طبيعي... وهكذا، فاختلاف الوجدان قضية طبيعية لا أنه ثابتٌ بصورةٍ واحدة وغير مختلفٍ عند الجميع، وموردنا هو من أحد موارد الاختلاف في الوجدان، فإنَّ رأي السيد الخوئي(قده) وغيره ونحن وافقناهم في المقام أنَّ من يشترط لنفسه شرطاً فهو قد اشترط الخيار لنفسه بالشرط الضمني حتى وإن أمكنه اجبار المشروط عليه على فعل الشرط فالاشتراط عندنا ليس مقيداً بقيد، بينما السيد الحكيم(قده) قال بالعكس، فهنا اختلف وجدانه مع وجدان الآخرين.

 

مسألة ( 168 ):- إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للشمروط له الخيار في الفسخ وليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصورٍ فيه كما لو اشترط عليه صوم يومٍ فمرض فيه أو كان لقصورٍ في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوبٍ فتلف الثوب وفي الجميع له الخيار لا غير.

..........................................................................................................

تشتمل المسألة على حكمٍ واحد:- وهو أنه إذا اشترط البائع مثلاً على المشتري شرطاً كما لو قال له بعتك كذا بشرط أن تقيم كل ليلة جمعة مجلس عزاءٍ، فلو فرض أنَّ المشتري لم يعمل بالشرط فقد عرفنا في المسألة السابقة أنَّ للبائع حق الفسخ، ولكن هنا نريد أن نقول لو فرض أنَّ المشتري لم يقم مجلس التعزية لعذرٍ كما لو مرض ولم يتمكن من عقد المجلس أو أنَّ البائع اشترط عليه الصوم كل يوم جمعة لكن المشتري مرض ولم يتمكن من الصوم، أو أنه اشترط عليه خياطة ثوبٍ ولكن تلفت قطعة القماش ففي مثل هذه الحالة هل يحق للشارط المطالبة بقيمة الشرط بدلاً من فسخ المعاملة أو أنَّ الأمر ينحصر بالفسخ فقط؟ قال:- الأمر ينحصر بحق الفسخ أما المطالبة بقيمة القضية المشروطة فليس بثابت.

وقد بين الشيخ الأعظم(قده) هذه المسألة وتصدى لتوجيه عدم جواز المطالبة بقيمة الشرط فقال:- إنَّ الذي يقابل بالمال هو المال دون غيره، ومجلس التعزية وخياطة الثوب وما شاكلهما ليسا مالاً، نعم لهما أجرة ولكنهما ليسا مالاً والمال لا يقابل إلا بالمال، فلا يمكن المطالبة بقيمة الخياطة لأنها ليست مالاً، ولو قلت:- كيف الحال في باب الأرش؟ ففي باب الأرش يثبت المال مقابل العيب، فلو وجد في المبيع عيبٌ فالأرش الذي هو مالٌ سوف يقابل ذلك العيب فصار المال مقابلاً لغير المال؟ قلنا:- إنَّ هذا المورد قد ورد فيه نصٌّ خاص.

قال:- ( الرابعة:- إنَّ الشرط في حكم القيد لا يقابل بالمال بل المقابلة عرفاً وشرعاً إنما هو بين المالين والتقييد أمرٌ معنوي لا يُعدّ مالاً وإن كانت مالية المال تزيد وتنقص بوجوده وعدمه. وثبوت الأرش في العيب لأجل النص )[1] .


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج6، ص73، تحت عنوان المسألة الرابعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo