< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط - الفصل الرابع ( الخيارات).

وفي مقام التعليق نقول:- إن هذا الفرق لا يستدعي تدوين أمرين بعنوانين مستقلين بل المناسب أن يعقد أمرٌ واحدٌ وهو أن لا يكون الشرط مخالفاً للكتاب والسنَّة ثم يفرّع عليه بعد ذلك فيقال ( ويترتب على هذا أنه إذا كان الشرط مخالفاً عملاً للكتاب والسنَّة فلا يصح كاشتراط شرب الخمر )، ويفرّع عليه ثانيةً ويقال:- ( ولا يصح إذا كان مخالفاً للكتاب والسنَّة بقطع النظر عن العمل كأن يشترط عليه حلّية المحارم أو حلية الخمر أو القمار )، فالأول مخالفٌ للكتاب والسنَّة والثاني أيضاً مخالفٌ لها لكن الاول مخالف لها على مستوى العمل والثاني مخالفٌ لها بقطع النظر عن العمل وإنما نفس الالتزام بأن يكون الزنا مثلاً والذي حرمه القرآن الكريم بأنه حلال هو مخالف للكتاب الكريم سواءً عمله خارجاً أو لم يعمله.

عودٌ إلى الأمور الأربعة الاضافية التي ذكرها الشيخ الاعظم(قده):-

الأمر الأول:- أن يكون الشرط جائزاً في نفسه، فلا يصح اشتراط جعل العنب خمراً، وهذا ما تعرضنا له قبل قليل وقلنا لا حاجة إلى عدّه أمراً وشرطاً بعنوانه وإنما يكون داخلاً تحت اشتراط كونه ليس مخالفاً للكتاب والسنَّة.

الأمر الثاني:- أن يكون في الشرط غرضٌ معتدٌّ به عند العقلاء وإلا لم يكن صحيحاً، كما لو قال بعتك هذا الشيء بشرط أن تهرول لي قليلاً أو تضحك لي قليلاً أو ما شاكل ذلك من الأمور التي ليس فيها أغراض عقلائية معتدٌّ بها.

وفي التعليق نقول:- إنَّ مقتضى اطلاق ( المؤمنون عند شروطهم ) صحة كل شرط ولزومه مادام لم يكن مخالفاً للكتاب والسنَّة سواء كان فيه غرض عقلائي أو لم يكن فيه ذلك فإنَّ الاطلاق يشمل كلا الحالتين.

هذا ولكن الشيخ الأعظم(قده)نقل في المكاسب[1] عن العلامة في التذكرة[2] أنه قال:- ( لو شرط ما لا غرض للعقلاء فيه ولا تزيد به المالية فإنه لغو لا يوجب الخيار ).

ولكن نقول:- إنَّ ما ذكره العلامة دعوى من دون دليل.

وقال الشيخ الاعظم(قده) في توجيه كلام العلامة :- ( والوجه في ذلك إن مثل ذلك لا يعدّ حقاً للمشروط له حتى يتضرر بتعذّره فيثبت له الخيار أو يعتني به الشارع فيوجب الفواء به ويكون تركه ظلماً )[3] .

والتعليق عليه واضح حيث نقول:- من أين لك أن الشرط إذا لم يكن فيه غرض عقلائي فحينئذٍ لا يكون حقاً، وبتعبيٍر آخر:- من قال أنه يلزم أن يكون الشرط مصداقاً للحق وأنه يوجب الحق للمشروط عليه؟!! وحتى لو سلّمنا بالكبرى فلا نسلّم بالصغرى وأنه لا يوجب حقاً ولو كان هذا الشرط لا نكتة عقلائية فيه، كما لو قال له بعتك هذا الشيء بشرط أن تضحك مثلاً فلماذا لا يوجب حقاً؟!! بل نفس الشرط يوجب حقاً.

وعليه فما أفاده العلمان مجرّد دعوى لا مثبت لها، وعلى هذا الاساس المناسب ما فعله السيد الماتن حيث حذف هذا الشرط واكتفى بذكر شروطٍ أربعةٍ ولم يعدّ هذا منها.

الأمر الثالث:- أن لا يكون مجهولاً موجباً للغرر، ومثال ذلك ما لو باعه قلماً بدينارٍ بشرط أن يكون ما في الكيس له وما في الكيس مردَّد بين أن يكون بَعْرةً وبين أن يكون قطعةً من الذهب، فهنا الشرط يكون غررياً فلا يصح.

ولكن نقول:- من الواضح أنَّ مدرك ذلك ليس إلا حديث نفي الغرر، وقد تقدَّم منّا أنَّ هذا الحديث قابل للمناقشة سنداً ودلالة، أما سنداً فلأنه ذكر بنحوٍ مرسلٍ أو بسند ٍضعيف، وأما دلالة فبالامكان المناقشة في دلالته فإنَّ الغرر يحتمل أن يكون المراد منه المخاطرة - وهذا ما ينفع في مقام الاستدلال هنا - أو يكون المقصود منه الخديعة، ومادام معناه مردّد بين احتمالين فلا يمكن حينئذٍ التمسك به كدليل، وعليه فلا يمكن التمسك به من حيث السند والدلالة.

بيد أنا نقول شيئاً:- وهو أنه في الموارد التي يكون فيها المستند حديث نفي الغرر فمن المناسب المصير إلى الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي وليس إلى الفتوى، إذ الفتوى تحتاج إلى حجّة معتبرة وحديث لا غرر كما قلنا هو قابل للتأمل سنداً ودلالةً، فهو يصلح أن يكون مدركاً للاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي، ولا أقل من جهة تداول الفقهاء له في مقام الاستدلال فهذا التداول يجعل له نحواً من القيمة ولكن ليس بحيث يصير دليلاً للحكم وإنما يصير منشأً للاحتياط، وهذا من أحد مناشئ المصير إلى الاحتياط دون الفتوى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo