< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

الأمر الثاني:- أن لا يكون الشرط مخالفاً لمقتضى العقد.

كما لو باع شيئاً بشرط عدم الثمن أو بشرط عدم المثمن فإنَّ هذا مخالف لمقتضى العقد فيكون شرطا باطلاً.

أما الاستدلال عليه:-

فربما يظهر من كلام الشيخ الأعظم(قده) وجود بيانين لذلك:-

البيان الأول:- إنَّ قصد البيع من دون ثمنٍ هو جمعٌ بين المتنافيين، وحينئذٍ نقول إنَّ دليل الأمر بالوفاء بالعقد إما أن يشمهلما معاً من كلتا الناحيتين - يعني نقل المبيع بلا نقل الثمن - ولازمه الجمع بين المتنافيين، وإما أن يفترض أنه يشمل هذا العقد من احدى الناحيتين دون الأخرى وهذا ترجيحٌ بلا مرجّح، قال ما نصه:- ( أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد وإلا لم يصح لوجهين احدهما وقوع التنافي في العقد المقيد بهذا الشرط بين مقتضاه الذي لا يتخلّف عنه وبين الشرط الملزم لعدم تحققه فيستحيل الوفاء بهذا العقد مع تقيّده بهذا الشرط فلابد أن يحكم بتساقطهما كليهما وإما أن يقدّم جانب العقد لأنه المتبوع المقصود بالذات والشرط تابعٌ وعلى كل تقديرٍ لا يصح الشرط )[1] .

وفي التعليق على ما ذكره نقول:- هناك طريق للردّ والمناقشة أقرب مما ذكره ومعه لا تصل النوبة إلى ماذ كره، وهو أن نقول: مع اشتراط عدم الثمن يجزم بعدم صدق البيع أو العقد أو لا أقل يشك في ذلك، لأنَّ قصد الثمن ركنٌ مقوّمٌ للعقد كقصد المثمن، فبيعٌ من دون ثمنٍ ليس بعقدٍ وليس ببيعٍ إما جزماً أو احتمالاً، ومعه لا يمكن اثبات صحته بعموم ﴿ أحلَّ الله البيع ﴾ أو ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ لأنه يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

البيان الثاني:- إنَّ البيع بلا ثمن مخالفٌ للكتاب والسنَّة الدالين على أنَّ مدلول العقد لا ينفك عن الوفاء به لقوله تعالى ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ يعني بمجرّد أن يحصل العقد لا ينفك عنه الوفاء به، فيلزم أن يترتب على العقد استحقاق الثمن وإلا إذا انفكَّ لا يصدق على ذلك عنوان الوفاء بالعقد أو هو مخالف لوجوب الوفاء بالعقد، لأنَّ الوفاء بالعقد يصير بدفع الثمن، فإذا اشترط عدم الثمن انفك الوفاء عن العقد وهذا باطل، وعليه يكون هذا الشرط باطلاً، قال ما نصه:- ( الثاني إن الشرط المنافي مخالف للكتاب والسنة الدالين على عدم تخلف العقد عن مقتضاه ).

وما ذكرناه من جوابٍ على البيان الأول يأتي هنا أيضاً:- حيث يقال إنه مع اشتراط عدم الثمن يشك في صدق العقد أو عنوان البيع ومعه لا يمكن اثبات صحة ذلك بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أو ﴿ احل الله البيع ﴾ لأنه يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

ومن ذلك يتضح البيان الصحيح الذي يمكن التمسك به في المقام:- وذلك بأن يقال إذا اشترط المنافي - يعني عدم الثمن - فهذا إن لم يجزم بكونه بيعاً أو عقداً فلا أقل من الشك فيه فلا يمكن حينئذٍ اثبات صحته بالعمومات لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

الأمر الثالث:- أن يكون الشرط مذكوراً في متن العقد.

ولكن لا يلزم أن يكون مذكوراً بشكلٍ صريح في متنه كأن يقول مثلاً بعتك الشيء الفلاني بثمن كذا بشرط أن تزور الامام الحسين عليه السلام نيابة عني ليلة الجمعة أو بشكلٍ غير صريح كما لو فرض أنهما اتفقا قبل اجراء العقد على الثمن والمثمن والشرط وبعد اتفاقهما على ذلك قال البائع للمشتري بعتك كذا بكذا مع قول ( بالشرط المتقدم ) أو من دون قول ( بالشرط المتقدم )، لأنَّ الشرط مادام قد ذكر قبل العقد بدقائق قليلة فيكون ذلك بمثابة ذكره في متن العقد والمتبايعان وإن لم يقولا ( بالشرط المتقدم ) ولكن هذا الشرط مضمر فيكفي ذلك في صحته، أما إذا فترض أنَّ الشرط لم يذكر في العقد ولا كان مذكوراً قبل العقد فلا يكفي ذلك، اللهم إلا إذا فرض أنه كان واضحاً بحيث لا يحتاج إلى ذكر من قبيل ( بعتك الكتاب بدرهمٍ ) من دون أن يقولا بشرط تسليم الكتاب وتسليم الدرهم بعد العقد فإنَّ هذا الشرط لا حاجة إلى ذكره لأنه من الواضحات، إذ من الواضح أنه بعد تمام العقد يلزم تسليم الثمن والمثمن بعد العقد مباشرة.


[1] كتاب المكاسب، الأنصاري، ج6، ص44.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo