< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شروط صحة الشرط- الخيار السابع ( خيار العيب) - الفصل الرابع ( الخيارات).

القضية الثانية:- لا اشكال في كون الشرط صحيحاً إذا كان موافقاً للكتاب والسنًّة بل يكفي عدم المخالفة، وإنما الكلام في كيفية التوصل إلى هذه النتيجة وما هو الطريق إليها؟

ربما يقال في بيان الطريق:- إنه توجد عندنا طائفتان من النصوص، طائفة تدل على ردّ كل مخالف للكتاب والسنَّة وباطلاقها تشمل الشرط ولا تختص بالأحكام فكل ما هو مخالف للكتاب والسنّة أعم من كونه حكماً أو شرطاً فهو مرفوض، وأخرى تأمر بالعمل بكل شرطٍ وهي ( المؤمنون عند شروطهم )، والنسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه، ونقطة الخلاف بينهما هي ما إذا كان مخالفاً للكتاب والسنَّة، فالطائفة الثانية تأمر بالعمل به والطائفة الأولى تردع عنه فتصير معارضةً وتصير النتيجة هي أنه نقتصر على الشرط الذي يكون موافقاً للكتاب والسنَّة فإنه مجمع لهاتين الطائفتين وتتوافقان عليه، فتصير النتيجة هي أنَّ الذي يجب العمل به هو الشرط الموافق للكتاب والسنَّة.

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ الطائفة الأولى التي ادّعي وجودها ليست موجودة عندنا، فلا توجد طائفة من الأخبار لها هذا الاطلاق بهذه السعة بحيث تشمل الشرط وغيره، ولو كانت موجودةً لكان هذا البيان تاماً، ولكنه ليس بتام لفقد الطائفة الأولى، وحتى لو تم هذا البيان فهو تطويلٌ للطريق من دون داعٍ إلى ذلك.

بل يوجد عندنا طريق أقرب:- هو أنَّه يوجد عندنا عموم ( المؤمنون عند شروطهم ) وهو يدل بعمومه على لزوم الوفاء بكل شرط، كما يوجد عندنا دليلٌ آخر أخص منه مطلقاً يقول ( كل شرطٍ خالف كتاب الله فهو ردّ ) وبالجمع بينهما تصير النتيجة هي لزوم الوفاء بخصوص الشرط الموافق للكتاب والسنَّة.

ونذكر روايتين في هذا المجال:-

الأولى:- صحيحة الحلبي التي تقول:- ( وكل شرطٍ خالف كتاب الله فهو ردّ )، فهي واردة في خصوص الشرط ولم ترد في كل مخالفٍ للكتاب.

الثانية:- وجود صحيتان لعبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سمعته يقول:- من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب الله فلا يجوز ) فهي أصلاً واردة في الشرط وأنَّ الشرط المخالف لا يجوز، ثم قالت ( ... والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله عزَّ وجل )، والرواية الثانية له تقول:- ( المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله عز وجل فلا يجوز ).

القضية الثالثة:- ورد في موثقة اسحاق بن عمّار التي رواها الشيخ باسناده عن الصفار عن الحسن موسى الخشّاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام:- ( أنَّ علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول:- من شرط لامرأته شرطاً فليف لها به فغن المسلمين عند شروطهم إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحل حراماً )[1] ، فهي دلت على أنَّ كل شرطٍ ممضي إلا المحرِّم للحلال.

وقد يقال:- إنّ لازم هذا أنَّ مطلق الشرط يصير باطلاً، إذ وظيفة الشرط هي أحد هذين الامرين - إما تحليل الحرام أو تحريم الحلال - فما معنى أنَّ يقول الامام عليه السلام ( المؤمنون عند شروطهم إلا ما أحل حراماً أو حرّم حلالاً ) فهذا معناه أنَّ كل شرطٍ من الشروط يكون باطلاً، فما هو الجواب عن ذلك؟

والجواب عن ذلك أن يقال:- ليس وظيفة الشرط دائماً هي ذلك، بل قد لا يكون الشرط كذلك كما لو فرض أنَّ رجلاً تزوج امرأةً واشترطت عليه أن يذهب بها إلى الحج، فهذا ليس تحليلاً للحرام ولا تحريماً للحلال وإنما هو إلزامٌ بفعل المستحب، كما يمكن نمثّل بمثالٍ آخر وهو أنه يمكن أن تشترط الزوجة على الزوج أن لا يتزوج عليها، فالمرأة تقول له أنا أعرف أن الزواج الآخر ليس بحرامٍ عليك والله تعالى قد حلَّله لك ولكني اشترط عليك أن لا تتزوج علي، وهذا إلزام بترك المستحب. فإذاً الشرط ليس دائماً هو محلل للحرام أو محرّماً للحلال.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo