< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد سوقط الرد والأرش معاً- موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

وبعد اتضاح كلمات الأعلام نعود إلى صلب الموضوع فنقول:- الكلام مرة يقع بالنسبة إلى الأرش، وأخرى بالنسبة إلى الردَّ.

أما بالنسبة إلى الأرش:- فالمناسب عند الشك في بقاء الأرش وارتفاعه عند التواني وعدم الفورية هو استصحاب بقاء حق الأرش، فالأرش كان ثابتاً سابقاً والآن نشك في سقوطه فنستصحب بقاءه، ونتيجة ذلك أنَّه ليس فوياً بل على التراخي بمقتضى الأصل.

ولا يقولن قائل:- لماذا لم يتمسك بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ الذي يدل على الفورية، فإنه يجب الوفاء في الآن الأول وإذا لم يمكن ذلك ففي الآن الثاني ... وهكذا، فإذا كان يوجد مثل هكذا عموم فحينئذٍ لا تصل النوبة إلى استصحاب بقاء الأرش.

فجوابه قد اتضح مما سبق:- فإنَّ عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ ناظر إلى عدم الفسخ، فإنَّ لزوم الوفاء بالعقد هو بمعنى عدم فسخة ولزوم العمل على مقتضاه وليس ناظراً إلى مسألة الأرش وأنه فوري أو على التراخي، فهذا العموم لا يمكن التمسك به لاثبات فورية الأرش لأنه ليس ناظراً إليها وإنما هو ناظر إلى مسألة السير على مقتضى العقد وعدم فسخه، وعلى هذا الأساس نشك هل يسقط الأرش بالتواني أو لا فنستصحب بقاءه.

وأما بالنسبة إلى الردّ فيمكن أن يقال:- إنَّ الخيار كان ثابتاً فيما سبق ونشك في سقوطه بالتواني فيستصحب بقاءه.

وإذا قيل:- إنَّ عموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ يدل على لزوم الوفاء بالعقد بنحو الفورية، ومعه لا تصل النوبة إلى استصحاب بقاء الخيار وعدم سقوطه إذا حصل التواني.

قلنا:- إنَّ غاية ما يدل عليه هذا العموم هو أنه يجب الوفاء بالعقد ولا يجوز فسخه، أما إذا فرض أنه ثبت جواز الفسخ - كما هو الحال في محل كلامنا فإنَّ جواز الفسخ ثابت للعيب - فحينئذٍ لا معنى للتمسك بهذا العموم لأنه هنا لا يجب الوفاء بالعقد جزماً لفرض جواز الفسخ لوجود العيب، فحينئذٍ نشك هل جواز الفسخ فوري أو أنه متراخٍ ومقتضى الاستصحاب هو البقاء.

فإذاً الأرش وحق الفسخ يثبتان على سبيل التراخي ولا تلزم الفورية لأجل الاستصحاب.

نعم نستدرك ونقول:- إنَّ هذه المنهجية التي ذكرناها - وهي التمسك بالاستصحاب بعد فقدان الدليل الاجتهادي - هي استصحاب في الشبهة الحكمية وجريانه مبني على عدم المعارضة بين استصحاب بقاء المجعول وأصالة عدم الجعل الزائد، وهذه قضية سيّالة في كل استصحاب حكمي فإن جريانه مبنيّ على عدم المعارضة، مثل استصحاب بقاء وجوب الجمعة من زمان الحضور إلى زمان الغيبة، فإنَّ جريانه مبني على عدم المعارضة بين استصحاب بقاء المجعول وأصالة عدم الجعل الزائد، أما إذا قبلنا بشبهة المعارضة التي بنى عليها العلمان النراقي والسيد الخوئي فآنذاك لا يجري استصحاب بقاء الخيار عند التواني.

وذكر السيد محمد سعيد الحكيم(قده) في مصباح المنهاج[1] ما حاصه:- إنَّ المورد من اجتماع الاستصحاب مع العموم، حيث يوجد عندنا عموم يدل على لزوم الوفاء بكل عقد كما يوجد عندنا استصحاب الخيار، وإذا اجتمع دليل اجتهادي مع دليل فقاهتي قدّم الدليل الاجتهادي ولا تصل النوبة إلى الدليل الفقاهتي، قال ما نصّه:- ( وحينئذٍ[2] يتعين الرجوع لعموم اللزم بناءً على ما تقدم في نظائره من أنَّ المرجع في ذلك عموم العام دون استصحاب حكم المخصِّص ).


[1] مصباح المنهاج، السيد محمد سعيد الحيكم، ج3، ص48.
[2] يعني حين الشك بعد التواني قليلأً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo