< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد سوقط الرد والأرش معاً- موارد جواز طلب الأرش - الخيار السابع ( خيار العيب ) – الفصل الرابع ( الخيارات).

تساؤل:- لو فرض أنَّ المشتري كان عالماً بالعيب لكنه رغم ذلك اشترط الخيار فهل يكون اشتراطه المذكور صحيحاً أو يكون ساقطاً عن الاعتبار؟

والجواب:- ماذا يقصد المشتري من اشتراط الخيار، فهل يقصد اشتراط خيار العيب، أو يقصد اشتراط خيار الشرط - فإنَّ الخيار يثبت بالاشتراط فهذا المشتري العلم بوجود العيب في المبيع -، فإن كان يقصد اشتراط خيار العيب فيمكن أن يقال إنَّ ذلك ليس بمعتبر، والوجه في ذلك ما تقدم سابقاً: من أنَّ خيار العيب يثبت إما بفكرة الشرط الضمني أو بمعتبرة وزرارة وكلاهما خاصان بحالة عدم العلم بالعيب، إذ لو كان عالماً بالعيب فلا معنى آنذاك لاشتراط الخيار، ومعتبرة زرارة خاصة أيضاً بغير العالم بالعيب كما تقدّم، فاشتراطه هذا لا يكون نافذاً، وإن كان يقصد خيار الشرط - يعني هو يشترط الخيار لنفسه سواء كان هناك عيب أو لم يكن - فهذا شيء صحيح ولا محذور فيه فإنَّ خيار الشرط يصح حتى في حالة وجود العيب.

قضية جانبية:- ذكر السيد الماتن في عبارة المتن ما نصّه:- ( يسقط الرد والأرش في حالتين:- العلم بالعيب قبل العقد وتبرؤ البائع من العيوب )، ثم فسّر التبرؤ من العيوب وقال:- ( بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش )، والسؤال:- هل يوجد خفاء في المقصود من التبرؤ من العيوب حتى يحتاج إلى ذكر هذا التفسير أو هناك نكتة تستدعي ذلك؟

والجواب أن يقال:- إنَّ الشيخ الأعظم(قده) حينما وصل إلى فكرة التبرؤ من العيوب ذكر ثلاثة احتمالات في المقصود من التبرؤ من اليعوب، الأول أن يكون المقصود هو اشتراط سلامة المبيع من العيوب، ونتيجة ذلك سقوط الرد والأرش معاً، الثاني أن يكون المقصود هو البراءة من العيب من خلال الأرش فقط، ونتيجة ذلك سقوط الأرش دون الرد، الثالث أن يكون المقصود هو البراءة من الفسخ، ونتيجة ذلك عدم الحق في الردّ والفسخ ولكن مع بقاء الحق في الأرش، ومادام الشيخ الأعظم(قده) ذكر هذه الاحتمالات الثلاثة فمن المناسب للسيد الماتن تقييد عبارته في منهاج الصالحين بأنَّ المقصود من البراءة هو عدم الحق في الفسخ ولا في الردّ معاً، فهو فسّره بذلك من باب أن الشيخ الأعظم ذكر ثلاثة احتمالات وكأنه يريد أن يقول أيها القارئ لا تتخيل أنَّ البراءة من العيوب هي اسقاط الردّ فقط أو اسقاط الأرش فقط كما ذكرهما الشيخ الأعظم(قده) كاحتمالين وإنما المقصود هو استقاط الردّ والآرش معاً، فماذ كره السيد الماتن هو دفعٌ للاجمال الذي قد يحصل في ذهن القارئ، فليس من البعيد أن يكون الداعي إلى هذا التوضيح هو ماذ كره الشيخ الأعظم من هذه الاحتمالات.

مسألة 153:- الأقوى أنَّ هذا الخيار أيضاً ليس على الفور.

مضمون المسألة واضح وهو أنَّ خيار العيب ليس فورياً كخيار الرؤية، فكما قلنا بأنَّ خيار الرؤية ليس فورياً كذلك خيار العيب.

وقد نقل الشيخ الأعظم(قده)[1] عن صاحب الغنية(قده):- أنَّ خيار العيب يسقط بالتأخير، وهذا معناه أنه فوري، ثم علل الشيخ الأعظم وقال:- ( لأنَّ التأخير دليل الرضا )، أي الرضا باسقاط الخيار.

ولكن التعليق عليه واضح:- فليس كل تأخيرٍ هو دليل الرضا بالسقوط، وإنما التأخير الطويل يكون دالاً على الرضا بالسقوط، أما التأخير القصير كربع ساعة أو كساعة فهذا يصعب استفادة دلالته على الرضا بالسقوط.

ثم لو سلّمنا دلالة التأخير على اسقاط الخيار ولكن نقول هو يدل على اسقاط الفسخ أما الأرش فلا يدل على سقوطه.

فإذاً فلو أردنا أن نقبل من ابن زهرة(قده) ما ذكره فنحن نقبله بلحاظ الردّ لا بلحاظ الأرش.

وعلق السيد اليزدي(قده) في حاشيته على المكاسب وقال:- قد يتمسك لسقوط الأرش بعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ فإنه يدل على لزوم الوفاء وعدم التأخير، فبالتأخير يقسط الأرش، قال:- ( نعم يشكل عليه بما ذكرنا في خيار الغبن وفاقاً للمحقق الثاني من أنَّ مقتضى القاعدة في مثل المقام التمسك بعموم ﴿أوفوا بالعقود﴾ دون الاستصحاب فالتحقيق مع الاغماض عن الاطلاق الحكم بالفورية )[2] .

وفي التعليق نقول:- نحن كلامنا في الأرش وليس في الردّ، فكيف يتمسك بـعموم ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ لاثبات الفورية في الردّ؟!!، إنما يصح التمسك بالآية الكريمة فيما إذا شككنا هل العقد يبقى لازماً مستمراً أو أنه ينفسخ بسرعة ففي مثل هذه الحالة عند الشك في فورية الفسخ وعدمه نقول إنَّ مقتضى اطلاق ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ هو فورية العقد ويلزم الالتزام به فيلزم أن يكون الفسخ فورياً وليس متراخياً، فـ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ يتناسب مع فورية الفسخ لا فورية الأرش، إذ ليس له ارتباط بفورية الأرش.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo