< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 86 ) حكم الحقوق بأقسامها الثلاثة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

عودٌ إلى رأي الشيخ النائيني(قده)[1] وهو أن الحق مرتبة ضعيفة من الملك:- فإنه ذكر في هذا المجال إنَّ الحق هو سلطنة ضعيفة على الشيء بينما الملك هو سلطة قوية على الشيء.

وتوضيحه:- إنه إذا كان عندك شيء تملكه كالدار أو الكتاب فأنت عندك سلطنة قوية عليها ومن شتى الجهات فيمكنك أن تبيع الدار مثلاً أو تهديها أو تبنيها أو تهدمها وغير ذلك من التصرفات، فإذاً توجد سلطنة على الدار أو الكتاب من ناحية تصرفات شتى فهذا يقال له أنه ملك، فمادام لي السلطنة على التصرفات المختلفة فإذاً يقال إنَّ الكتاب أو الدار ملك لي وأنا مالك له، وأحياناً حقية التصرف والسلطنة كون من ناحية ومن جهة لا من جهة جميع التصرفات ومن امثلة ذلك المرتهن فإن له حق في العين المرهونة كما لو كانت العين المرهونة قطعة من الذهب، فالمرتهن له السلطنة على هذه العين المرتهنة ولكن ليس في كل التصرفات وإنما له حق السلطنة فيما إذا لم يأتِ المدين بالمال الذي استدانه أن يبيع المرتهن قطعة الذهب ويأخذ مقدار الدين من ثمنها، فإذاً للمرتهن الحق في هذا المجال فقط دون غيره، فالسلطنة هي بهذا المقدار.

وهكذا حق الخيار فلو فرض أني اشتريت شيئاً أو بعت داراً فلي حق الخيار إذا لم يأت المشتري بالثمن خلال الفترة المحددة كأسبوع أو شهر مثلاً فلي سلطنة على حق فسخ العقد واسترجاع الدار، أو أنَّ المشتري سلمين الثمن ولم أسمله الدار في الفترة المحددة فله حق الفسخ واسترجاع الثمن، فإذاً السلطنة محدود في مجال خاص كباب الخيار أو باب الرهن.

فإذاً صار الفارق واضحاً بين الحق الملك، فالملكية هي سلطنة على الشيء من شتى الجهات بينما الحق هو سلطنة في مساحة محدودة، فلذلك عبر الشيخ النائيني بأن الحق هو مرتبة ضعيفة من الملك والملك الذي هو عبارة أخرى عن السلطنة ففي باب الحق السلطنة موجودة كما هي موجودة في باب الملك ولكن في باب الملك هي من جهات مختلفة أما في باب الحق فهي موجود ولكن من زاوية خاصة، فالحق إذاً مرتبة ضعيفة من الملك بهذا المعنى الذي أوضحناه.

ونقل الشيخ محمد تقي الآملي عن بعض الأساطين أنَّ الشيخ النائيني(قده)[2] عبّر عن الحق بأنًّه ملكية غير ناضجة. ومقصوده من غير ناضجة يعني لا من كل الجهات وإنما من جهة واحدة.

إذاً اتضح الفرق بين الحق والملك على راس الشيخ النائيني(قده) فالملك سلطنة على الشيء من حيثيات متعددة بينما الحق هو سلطنة من حيثية واحدة كاسترجاع الثمن أو المثمن أو غير ذلك.

ونحن نقول:- إنَّ الشيخ النائيني(قده) مجرّد دعوى لم يذكر لها دليل، ولكن نقول لعله لوضوح المطلب لم يذكر الدليل، وفي هذا المجال نقول إنَّ الارتكاز العقلائي والفهم العرفي للملك وللحق يساعد على ما ذكره الشيخ النائيني، فحينما أقول إنَّ هذا الشيء ملكي يعني أنَّ العقلاء يفهمون أنَّ لي حق التصرف فيه بالأنحاء المخالفة فهي سلطنة على التصرف فيه من جهات شتى، أما حينما أقول إن لي حق الخيار أو حق الرهن، فالعقلاء يعرفون أنه ليس لي سلطنة من جهات مختلفة وإنما هي سلطنة محدودة، فالفهم العرفي والارتكاز العقلائي لا يبعد أنه يساعد على ما فهمه الشيخ النائيني(قده).

فإذاً يمكن أن نبني على هذه التفرقة لايت ذكرها الشيخ النائيني وأن الحق هو سلطنة من حيثية معينة أما الملك فهو سلطنة من حيثيات مختلفة ومتعددة.

هذا كله فيما أفاده الشيخ النائيني(قده)، وبهذا ننتهي من الاحتمال الثاني من تفسير الحق.

وأما الاحتمال الثالث: - وهو أنَّ الحق سلطنة خاصة لا ترجع إلى الملكية، وهو ما اختاره السيد الخميني(قده)[3] حيث قال إنَّ الحق شيء يغاير الملك والسلطنة، واستدل على ذلك بدليلين:-

الدليل الأول: - الارتكاز العقلائي والفهم العرفي.

الدليل الثاني: - بعض الأمور الأخرى من قبيل: -

أولاً:- إنَّ الحق يصدق في موارد يس فيها سلطنة ولا ملك وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أنَّ الحق ليس ملكاً ولا سلطنة خلافاً للشيخ النائيني(قده)، كمن سبق إلى المسجد وجلس في مكان فهنا تولّد حق السبق إلى المسجد، ولكن ليس له ملكية للمكان ولا سلطنة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على كون الحق شيئاً مغايراً للملك والسلطنة، إلا كيف نقول إنَّ هذا الشخص له حق السبق ولا يجوز لأحد أن يزاحمه ولكن ليس له سلطنة لا في المكان ولا في الفضاء وهذا دليل على المغايرة، وكذلك الحال في الصغير والمحجور عليه فإنَّ لهم بعض الحقوق كما لو جاء الطفل وجلس في الصحن الشريف لأمير المؤمنين عليه السلام ففي مثل هذه الحالة ثبت الحق في هذا المكان ولا يجوز لأحد أن يزاحمه في ذلك فإنه قد تولد الحق في هذا المكان ولكن لا سلطنة له على المكان وإنما إن كانت سلطنة فهي ثابتة لوليه وليس له وهذا إنَّ دل على شيء فإنما يدل على أنَّ الحق شيء يغاير الملك والسلطنة بقرينة هذين المثالين، [ قال(قده):- ( لا شبهة في أنه لا يملك المكان المسبوق إليه بوجه من الوجوه لا ملكاَ ضعيفاً ولا شديد لو سلّم تصور الشدة والضعف في الملك والمحجور عليه )، ثم ذكر تكملة فقال والحجور عليه لسفه أو لصغر إذا كان من أصحاب الحقوق كما لو جلس الطفل في مكان عام أو في المسجد أو وجد شيئاً فيوف يتولد له حق فيه ولكنه لا تتولد له سلطنة على هذا الشيء وإما الأب له سلطنة على هذا الشيء دون الطفل فهذا يدل على كون الحق ليس هو السلطنة ][4]


[2] تقريرات بحث الشيخ النائيني، الشيخ محمد تقي الآملي، ج1، 92.
[4] هذه التكملة ذكرها سماحة الشيخ الأستاذ في المحاضرة التالية/ المقرر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo