< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

42/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مسألة ( 86 ) حكم الحقوق بأقسامها الثلاثة - الفصل الثالث (شروط العوضين ).

الدليل الثاني[1] : - لو كانت الملكية عرضاً[2] حقيقياً بمعنى أنه يحس بأحد الحواس الخمس يلزم أن لا يحصل اختلاف بين الفقهاء بلحاظها، والحال أنا نرى أنَّ الاختلاف بينهم شديد، فتراهم قد اختلفوا في أنَّ المعاطاة تفيد الملكية أو لا - يعني الاباحة فقط - فإنَّ هذا الاختلاف لا وجه له بناءً على أنها عرض، فنفس هذا الاختلاف يدل على أنها عرض.

وأجاب السيد الخوئي(قده)[3] : - بأنَّ الأمور الحقيقية تنقسم إلى قسمين نظرية وبديهية، وحينئذٍ نقول إنَّ وقوع الاختلاف بين الفقهاء في أنَّ المعاطاة تفيد الملكية أو لا تفيدها يدل على كونها ليست من الأمور البديهية وإلا لم يقع الاختلاف، ولكن عدم كونها من البديهيات لا يعني أنها ليست من الأمور الحقيقية، بل يمكن أن تكون من الأمور الحقيقية النظرية فيقع فيها الاختلاف، فهي من الحقائق أيضاً، لأنَّ الأمور الحقيقية والوجود الخارجي لا ينحصر بالأمر البديهي، وإنما قد يكون بديهياً مثل الأكبر من الجزء، وقد لا يكون أمراً نظرياً ويحتاج إلى إثباتٍ وبرهان.

إذاً وقوع الاختلاف غاية ما يدل عليه هو أنَّ الملكية ليست من الأمور البديهية، ولكن نفي كونها بديهية لا يعني كونها ليست من الأمور الحقيقية، إذ ربما تكون من الأمور النظرية، لأنَّ الأمور الحقيقية قد تكون بديهية وقد تكون نظرية، والبديهية كالكل أكبر من الجزء والواحد نصف الاثنين، والنظرية مثل لكل معلول علّة واحدة فإنَّ هذا قد يكون أمراً نظرياً يحتاج إلى برهان ولكنه أمر حقيقي، فوقوع الاختلاف غاية ما يدل عليه هو أنَّ الملكية ليست من الأمور البديهية، ولكن يمكن أن تكون أمراً حقيقياً ومع ذلك يقع الاختلاف، لأنَّ الأمور الحقيقية لا تنحصر بالأمور البديهية وإنما قد تكون من النظرية كما في هذا المورد، والأمور النظرية قابلة للاختلاف.

وتعليقاً على ما ذكره السيد الخوئي(قده) نقول: - إنَّ المقصود من العرض هو العرض الحقيقي كالسواد والبياض والطول والقصر - أي الأشياء المحسوسة بالحواس الخمس - وليس العرض الاعتباري، وعليه فلا معنى لأنه يكون عرضاً اعتبارياً، لأنَّ العرض الاعتباري ليس محسوساً، فيكون ما أفاده الشيخ الأصفهاني(قده) تاماً.

الدليل الثالث[4] :- لو كانت الملكية عرضاً من الأعراض الحقيقية كالسواد والبياض والشجاعة وما شاكل ذلك لاحتاجت إلى محل، وما هو محلها فهل هو المالك أو الشيء المملوك؟ وكلاها لا يصلحا أن يكونا محلاً ومعروضاً للملكية، أما الأول فقد يكون المالك هو الكلّي دون الشخصي، فمثلا هذه العباءة فهي ملك وهذه الملكية عرض ومحلّها أنا الشخص، ولكن قد يكون محل الملكية ليس شخصاً وإنما يكون كلياً، فالمالك للزكاة قد يكون كلّي الفقير وطبيعي الفقير لا هذا ولا ذاك بل الطبيعي الموجود بوجود أفراده، والطبيعي ليس محلاً لعروض الملكية بمعنى العرض الحقيقي، فهو كلّي منتزع من الأفراد لا أنه موجود في الخارج، وإنما هو موجود بوجود أفراده، إلا على رأي الشيخ الهمداني الذي يقول إنَّ الكلي موجود في الخارج والحال أنَّ هذا غير صحيح، فإذاً لا يمكن أن تكون الملكية عرضاً من الأعراض الحقيقية.

فإذاً هذا يثبت أنَّ الملكية ليست عرضاً من الأعراض، بدليل أنَّ المملوك والمالك لو كانت هي من العرض لكانت عارضة إما على المالك أو على الملوك والحال أنَّ المالك قد يكون هو كلّي الطبيعي، فكلّي الفقير هو المالك مثلاً والمملوك هو كلّي الصدقة، فالطبيعي - الكلي - قد يكون هو المملوك والشخص الكلّي قد يكون هو المالك، وهذان ليس لهما وجود في الخارج وإنما الوجود لأفرادهما.

وقد قبل السيد الخوئي(قده) هذا الدليل ولم يعلّق عليه.

ولكن نقول: - إنَّ هذه الأدلة الثلاثة التي ذكرها الشيخ الأصفهاني(قده) لا حاجة إليها، فإنَّه لو كان المدّعى يبيَّن بشكلٍ واضح لما احتيج إلى دليل أبداً، فإنَّ المدّعى هو أنَّ الملكية ليست عرضاً من الأعراض المحسوسة، والكل يسلّم بهذا، وهو من البديهيات، ولا يحتاج إلى هذه الأدلة الثلاثة التي ذكرها.


[1] منتقى الأصول، الأصفهاني، ج1، ص26.
[2] أي لو كانت عرضاً حقيقياً.
[3] محاضرات في الفقه الجعفري، الخوئي، ج2، س20.
[4] منتقى الأصول، الأصفهاني، ج1، ص26.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo