< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 60 ) – شرطية الاختيار – شروط المتعاقدين.

ما أفاده السيد اليزدي والميرزا علي الايرواني (قده ) وحاصله:- إنَّ المناسب صحة كلا البيعين من دون تفصيل ، والوجه في ذلك أنَّ المكرِه قد أكره الطرف على بيع شيءٍ واحد ، فبيع الثاني إلى جنب الأوّل يكون اختيارياً وليس متعلقاً للإكراه ، ومادام يقع اختيارياً فبذلك يتحقق ما أراده المكرِه وتشبع حاجته ، ومعه فالأوّل سوف يقع صحيحاً أيضاً ، فكلاهما يقع صحيحاً ، قال الميرزا علي الايرواني(قده):- ( إنَّ أحد البيعين خارج عن الاكراه فلا محالة هو عن طيب النفس ولازمه أن يكون الآخر أيضاً وذلك لأنَّ هذا الواحد الذي عن طيب النفس قائم بمقصد المكرِه ، ومع ذلك[1] فضمه للبيع الآخر بلا مقتضٍ يقتضيه فيعلم أنَّ ذلك أيضاً عن طيب النفس )[2] ، وقال السيد اليزدي(قده):- ( لكن المتعين الحكم بصحة الجميع وذلك لأنَّ بيعهما معاً دفعةً مع كون الاكراه على أحدهما يكشف عن كون البائع راضياً ببيع احدهما ومعه لا يؤثر الاكراه شيئاً لأنَّ المفروض أنَّ ما ألزمه المكرِه وهو بيع أحدهما غير معين )[3] .

والجواب:- صحيح هو قد أكرِه على أحدهما ، وصحيح أنَّ ضم الثاني يكون عن رضا ، ولكن الرضا ببيع الثاني هل هو ثابت ولو لم يكرهه المكرِه أو أنه متفرّع على إكراه المكرِه ؟ ، يعني لأجل بيع الأوّل عن إكراه قلت أنا بالتالي أبيع الثاني ، فإذاً هذا الرضا فرع الاكراه ، فإذا كان متفرّعاً على الاكراه يكون بحكم العدم ، يعني بالتالي يكون عن اكراهٍ ولم يكن عن طيب نفس ، نعم إذا كان بشكلٍ مستقل وليس متفرّعاً عن اكراه المكرِه فما ذكر شيء وجيه.

والنتيجة:- هي أنَّ المناسب ما اخترناه ، وهو التفصيل ، بأنَّ ضم الثاني عن رضاً إذا كان هذا الرضا متفرّع على الأوّل فهو بحكم الاكراه ، وإذا لم يكن متفرّعاً فهنا نعم يقعان معاً بنحوٍ صحيح.

ما ذهب إليه الشيخ الأصفهاني(قده):- حيث ذهب إلى بطلان كلا البيعين ، والوجه في ذلك: إنه إذا وقع أحدهما صحيحاً فإما أن يكونا صحيحان معاً أو أحدهما المعين باطل أو أحدهما غير المعين باطلا أو أنَّ المدار على القرعة فما أخرجته القرعة فهو الباطل والثاني يكون صحيحاً - أو بالعكس - ، فإذاً الاحتمالات أربعة وكلها باطلة ، أما أنه يكون كلاهما صحيحاً فهذا خلف الاكراه على أحد البيعين ، وأما أنَّ أحدهما المعين يكون صحيحاً هو بلا معيّن ومرجّح ، وأما الواحد غير المعيّن فهو غير معقول ، وأما الرابع فدليل القرعة لا يشمل غير المعيّن في حدّ نفسه ، وإنما دليل القرعة خاص بما إذا كان الشيء معيّناً في الواقع ، يعني مثلاً هذه العباءة إما لي أو لك ودليل القرعة دلّ على أنه لا بأس بتعيين ما هو معيَّن ولكن نحن أصابنا الجهل ، أما الشيء الذي هو غير معين واقعاً لأنَّ المكرِه قال بع أحدهما ولم يوجه الاكراه إلى فردٍ معيّن فدليل القرعة يكون قاصراً عن شمول مثل هذا المورد.

وببطلان الاحتمالات الأربعة يتعيّن الحكم ببطلانهما معاً ، ولا نعني بالفساد إلا عدم إمكان الحكم بصحتهما ، قال(قده):- ( لا يمكن الحكم بصحة أحدهما معيناً لأنه تخصيص بلا مخصص ولا الحكم بصحة أحدهما المردد وبلا عنوان لأنه غير معقول لاستحالة ملك المردد ولا الحكم بصحة الجميع لفرض وجود الاكراه المانع عن صحة أحدهما على البدل ولا مجال للتعيين بالقرعة لأنه فيما كان له تعيّن واقعي مجهول ...... ولا نعني بالفساد إلا عدم إمكان الحكم بصحة البيع بوجه )[4] .

ويرده:-

أولاً:- إنَّ سلوك هذه المنهجة لإثبات بطلانهما معاً لا نراه فنّياً ، إنما السلوك الفني أن يقال: إنَّ المدار على الرضا وهو غير موجود ، فإذا فرض أنَّه غير موجود في أحدهما كفى ذلك للحكم بفسادهما ، وإذا كان موجوداً فيلزم الحكم بالصحة ، فمنشأ الصحة والفساد هو وجود الرضا وعدمه ، فلنذهب إذاً إلى مسألة الرضا وعدمه ونحققها ، فأنت عليك أن تثبت البطلان من هذا الطريق ، فإن كان الرضا موجوداً في كليهما نحكم بصحتهما ، وإن كان موجوداً في أحدهما نحكم بصحة الواحد ، وإن فرض أنه ليس بموجودٍ أبداً فنحكم ببطلانها ، أما أنك لا تحقق هذه القضية وتذهب إلى قضية ثانية فهذه ليست قضية فنيّة.

وإذا أردنا أن نسلك هذا الطريق فحينئذٍ من المناسب أن نقول إن كان الرضا ببيع الثاني متفرّعاً على الاكراه فالمناسب بطلانهما ، لأنَّ هذا الرضا متفرّع على الاكراه على البيع الأول ، وإذا كان غير متفرّع فالمناسب صحتهما.فإذاً إذا سلكنا هذا الطريق فقد يعطينا نتيجةً ثانيةً وهي هذا التفصيل.

ثانياً:- إنه ذكر أنَّ الاكراه على المردد غير معقول في حدّ نفسه لأنّ المردد لا وجود له وإنما كل شيء هو متعيّن ، والجواب:- أنَّ التمليك أمرٌ اعتباري ولا محذور في تمليك المردّد ، كأن أقول ملّكت أحدكما ، أو ملّكتك أحد الكتابين ، أو ملّكت هذا الكتاب لأحدكما ، فهذا شيء عقلائي ومعقول ، فالتمليك اعتبار ، والاعتبار يمكن ثبوته للمردّد ، ومودرنا من باب التمليك ، لأنه بالتالي إذا فرض أنَّ الاكراه كان على المردّد فهذا معناه أنَّ الشخص المكرَه له الباقي وهو أحدهما المردّد ، وذاك يكون أيضاً يكون له المردّد ، وهذا لا بأس به ، فبالتالي مرجع الاكراه على المردّد إلى ملكية المردّد ، وملكية المردّد أمرٌ لا بأس به.


[1] أي وعليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo