< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

45/09/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /الآية6 من سورة التحريم

 

﴿أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ [1]

في ليلة الماضية بحثنا حول وقاية النفس والليلة نريد ان نبحث حول وقاية الأهل وذلك يتحقق بحفظ العائلة من الانحراف بالتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتهيئة الأجواء الصالحة والمحيط الطاهر من كلّ رذيلة ونقص. وينبغي تدبير أداء هذا التكليف من قبل الزواج فاختيار زوج صالح له تأثير بليغ في التوفيق لوقاية الاهل ﴿ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾

وهناک روایات عديدة تدلنا على اختيار زوج صالحة منها:

منها: ما رواه الصدوق، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضوان الله عليه بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي حَدِيثٍ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ طِينٍ ثُمَّ ابْتَدَعَ لَهُ حَوَّاءَ، فَجَعَلَهَا فِي مَوْضِعِ النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ وَرِكَيْهِ، وَذَلِكَ لِكَيْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَبَعاً لِلرَّجُلِ، فَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، مَا هَذَا الْخَلْقُ الْحَسَنُ الَّذِي قَدْ آنَسَنِي قُرْبُهُ وَالنَّظَرُ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ اللَّهُ: يَا آدَمُ هَذِهِ أَمَتِي حَوَّاءُ، أَ فَتُحِبُّ أَنْ تَكُونَ مَعَكَ تُؤْنِسُكَ وَتُحَدِّثُكَ، وَتَكُونَ تَبَعاً لِأَمْرِكَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَبِّ، وَلَكَ بِذَلِكَ عَلَيَّ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ مَا بَقِيتُ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْطُبْهَا إِلَيَّ فَإِنَّهَا أَمَتِي، وَقَدْ تَصْلُحُ لَكَ أَيْضاً زَوْجَةً لِلشَّهْوَةِ، وَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّهْوَةَ، وَقَدْ عَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْمَعْرِفَةَ بِكُلِّ شَيْ‌ءٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي أَخْطُبُهَا إِلَيْكَ، فَمَا رِضَاكَ لِذَلِكَ؟ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِضَايَ أَنْ تُعَلِّمَهَا مَعَالِمَ دِينِي، فَقَالَ ذَلِكَ لَكَ عَلَيَّ يَا رَبِّ إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ لِي، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَدْ شِئْتُ ذَلِكَ، وَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَضُمَّهَا إِلَيْكَ".[2]

ففي هذه الرواية المباركة كأنّه جعل الله المهر هو تعليمها معالم الدين.

ما رواه الكليني بسنده عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّ صَاحِبَتِي هَلَكَتْ- وَكَانَتْ لِي مُوَافِقَةً وَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ- فَقَالَ لِيَ انْظُرْ أَيْنَ تَضَعُ نَفْسَكَ- وَمَنْ تُشْرِكُهُ فِي مَالِكَ وَتُطْلِعُهُ عَلَى‌ دِينِكَ وَسِرِّكَ- فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا- فَبِكْراً تُنْسَبُ إِلَى الْخَيْرِ وَإِلَى حُسْنِ الْخُلُقِ- وَاعْلَمْ أَنَّهُنَّ كَمَا قَالَ:

أَلَا إِنَّ النِّسَاءَ خُلِقْنَ شَتَّى - فَمِنْهُنَّ الْغَنِيمَةُ وَالْغَرَامُ

- وَمِنْهُنَّ الْهِلَالُ إِذَا تَجَلَّى - لِصَاحِبِهِ وَمِنْهُنَّ الظَّلَامُ

فَمَنْ يَظْفَرْ بِصَالِحِهِنَّ يَسْعَدْ - وَمَنْ يُغْبَنْ فَلَيْسَ لَهُ انْتِقَامُ

وَهُنَّ ثَلَاثٌ: فَامْرَأَةٌ وَلُودٌ وَدُودٌ، تُعِينُ زَوْجَهَا عَلَى دَهْرِهِ لِدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَلَا تُعِينُ الدَّهْرَ عَلَيْهِ

وَامْرَأَةٌ عَقِيمٌ لَا ذَاتُ جَمَالٍ وَلَا خُلُقٍ- وَلَا تُعِينُ زَوْجَهَا عَلَى خَيْرٍ- وَامْرَأَةٌ صَخَّابَةٌ وَلَّاجَةٌ هَمَّازَةٌ

- تَسْتَقِلُّ الْكَثِيرَ وَلَا تَقْبَلُ الْيَسِيرَ".[3]

فعند ما يقول الامام عليه السلام "انْظُرْ أَيْنَ تَضَعُ نَفْسَكَ- وَمَنْ تُشْرِكُهُ فِي مَالِكَ وَتُطْلِعُهُ عَلَى‌ دِينِكَ وَسِرِّكَ" فهذا البيان يعبّر عن لزوم شدة الاهتمام والدقّة في أمر الزواج.

والصدوق يروي بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّمَا الْمَرْأَةُ قِلَادَةٌ فَانْظُرْ مَا تَتَقَلَّدُ- وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ خَطَرٌ لَا لِصَالِحَتِهِنَّ وَلَا لِطَالِحَتِهِنَّ- فَأَمَّا صَالِحَتُهُنَّ فَلَيْسَ خَطَرُهَا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ- هِيَ خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ- وَأَمَّا طَالِحَتُهُنَّ فَلَيْسَ خَطَرُهَا التُّرَابَ- التُّرَابُ خَيْرٌ مِنْهَا".[4]

ففي هذا الحديث تشبيه المرأة بالقلادة ثم التأكيد على النظر فيها دليل على أهمية دورها في الحياة.

وما رواه كليني بسنده عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ-لِجَمَالِهَا أَوْ لِمَالِهَا وُكِّلَ إِلَى ذَلِكَ- وَإِذَا تَزَوَّجَهَا لِدِينِهَا رَزَقَهُ اللَّهُ الْمَالَ وَالْجَمَالَ.[5]

وَما رواه كليني بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْكِحُوا الْأَكْفَاءَ وَانْكِحُوا فِيهِمْ وَاخْتَارُوا لِنُطَفِكُمْ.[6]

وما رواه ايضاً بِإِسْنَادِهِ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ ص خَطِيباً- فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ص وَمَا خَضْرَاءُ الدِّمَنِ؟ قَالَ: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ".[7]

هذه نماذج من الروايات المؤكدة على لزوم الدقة في اختيار زوجة صالحة ومثل هذا التأكيد ورد في اختيار الزوج الصالح واليك نماذج منها:

ما رواه كليني بسنده عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ قَالَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي أَمْرِ بَنَاتِهِ- وَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ أَحَداً مِثْلَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ ع- فَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ بَنَاتِكَ- وَأَنَّكَ لَا تَجِدُ أَحَداً مِثْلَكَ- فَلَا تَنْظُرْ فِي ذَلِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ- إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ- ﴿إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ﴾.[8]

وقد وردت روايات كثيرة قريب بهذا المضمون، وفيها النهي الشديد على تزويج شارب الخمر

فينبغي الا يكون الهمة في بناء الاسرة وتربية الأولاد محصورا على الأمور المادية ولنعلم إنّ حقوق الزوجة والأولاد لا تقتصر على توفير المسكن والمأكل، بل الأهمّ تربية نفوسهم وتغذيتها بالأصول والتعاليم الإسلامية وتنشئتها نشأة تربوية صحيحة.

كما ان هناك تأكيدات بليغة في تربية الأولاد والاهتمام بشأنه وواجب تربيته

فقد روي عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام فِي حَدِيثِ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَالَ: "عَلِّمُوا صِبْيَانَكُمْ مِنْ عِلْمِنَا مَا يَنْفَعُهُمُ اللَّهُ

بِهِ، لَا تَغْلِبْ عَلَيْهِمُ الْمُرْجِئَةُ بِرَأْيِهَا".[9]

وعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي وَصِيَّةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع لِوَلَدِهِ الْحَسَنِ ع وَهِيَ طَوِيلَةٌ مِنْهَا أَنْ قَالَ: "فَبَادَرْتُكَ بِوَصِيَّتِي لِخِصَالٍ مِنْهَا (أَنْ تُعَجِّلَ) بِي أَجَلِي- إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنْ يَسْبِقَنِي إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَةِ الْهَوَى- وَفِتَنِ الدُّنْيَا وَتَكُونَ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ- وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخَالِيَةِ- مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْ‌ءٍ قَبِلَتْهُ- فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ".[10] فهذه المعاني تفيدنا انه يجب ان تكون تربية الأولاد على صورة تصونهم عن التأثر من الأفكار المنحرفة فامر التربية في هذا العصر صعب جداً يحتاج الى تدبير مشروع يعقِّم عقول شبابنا في مقابل الهجمة الفكرية والثقافية التي تبث في وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية حتى اكد سيدنا القائد على جهاد التبيين أي بذل كل طاقتنا في الدفاع الثقافي والفكري عن شعوبنا في مقابل غاراتهم الثقافية علينا.

ورد فِي الْكَافِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: "قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ لِي أَهْلَ بَيْتٍ وَهُمْ يَسْمَعُونَ مِنِّي أَ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾

فِي الْكَافِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَبْدِ الْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً﴾ قُلْتُ: كَيْفَ أَقِيهِمْ؟ قَالَ: تَأْمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَتَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ، إِنْ أَطَاعُوكَ كُنْتَ قَدْ وَقَيْتَهُمْ، وَإِنْ عَصَوْكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ.

ورد في الكافي حديث يبين حق الولد على والده واليك نصها: عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى عليه السلام قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- مَا حَقُّ ابْنِي هَذَا؟ قَالَ- تُحَسِّنُ اسْمَهُ وَأَدَبَهُ وَضَعْهُ مَوْضِعاً حَسَناً" [11] .

في مسألة التربية والتعليم يجب رعاية الحكمة فان الافراط والتفريط في التربية قد يوجب نتيجة عكس المراد وفي إشارة الى هذا المعنى تأملوا في كلام الامام الصادق فيما رواه كليني بسنده عَنْ يُونُسَ بْنِ رِبَاطٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ قَالَ- قُلْتُ كَيْفَ يُعِينُهُ عَلَى بِرِّهِ- قَالَ يَقْبَلُ مَيْسُورَهُ وَيَتَجَاوَزُ عَنْ مَعْسُورِهِ- وَلَا يُرْهِقُهُ وَلَا يَخْرَقُ بِهِ- وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الْكُفْرِ" [12] الحديث

فالحكمة تقتضي ان يراعي حال الولد ومدى تحمله لما يريد ان يدعوه اليه ولا يوجب عليه ما لم يوجب اليه الشرع من المستحبات. والتربية عملية تخصصية تدبيرية وليست مجرد الامر بالمعروف او النهي عن المنكر تحتاج الى اجراء فنونها كي تنجح وتثمر النتيجة المرغوبة.

فهناك روايات تشير الى لزوم التدرج في تربية الأولاد:

ان الصدوق روى بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما السلام قَالَ: إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ ثَلَاثَ سِنِينَ يُقَالُ لَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ- قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ يُتْرَكُ- حَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ وَسَبْعَةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُونَ يَوْماً- فَيُقَالُ لَهُ قُلْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعَ مَرَّاتٍ- وَيُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ أَرْبَعُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ- قُلْ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ يُتْرَكُ- حَتَّى يَتِمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ- أَيُّهُمَا يَمِينُكَ وَأَيَّهُمَا شِمَالُكَ- فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ حُوِّلَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ- وَيُقَالُ لَهُ اسْجُدْ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ سِتُّ سِنِينَ- فَإِذَا تَمَّ لَهُ سِتُّ سِنِينَ صَلَّى- وَعُلِّمَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ- فَإِذَا تَمَّ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ قِيلَ لَهُ اغْسِلْ وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ- فَإِذَا غَسَلَهُمَا قِيلَ لَهُ صَلِّ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ تِسْعٌ- فَإِذَا تَمَّتْ لَهُ عُلِّمَ الْوُضُوءَ وَضُرِبَ عَلَيْهِ- وَعُلِّمَ الصَّلَاةَ وَضُرِبَ عَلَيْهَا- فَإِذَا تَعَلَّمَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ غَفَرَ اللَّهُ لِوَالِدَيْهِ".[13] روى الكليني بسنده عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: الْغُلَامُ يَلْعَبُ سَبْعَ سِنِينَ وَيَتَعَلَّمُ الْكِتَابَ سَبْعَ سِنِينَ- وَ يَتَعَلَّمُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ سَبْعَ سِنِينَ".[14]

وبهذا المعنى وبعبارات مختلفة وردت روايات كثيرة نكتفي بما قلناه حذرا من الاطالة.

ثم في هذه الآية المباركة يقول تعالى: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾ ولعل المراد من كون الوقود هو الناس ان المشركين والكفار والفساق وهؤلاء الذي ارتكبوا معاصي كبيرة على تعبير الامام الخميني وجودهم الملكوتي السفلي هو تجسيم من أعمالهم الخبيثة وهي التي تشتعل منه النار فلا يمكن انفصالهم من الحرارة الا بتبديل هويتهم عنما هم عليه بهوية صالحة.

اما الحجارة التي هي أيضا وقود النار في جهنم، قد اتّضح في هذا العصر أنّ كلّ قطعة من الصخور تحتوي على المليارات من الذرّات التي إذا ما تحرّرت الطاقة الكافية فيها فسينتج عن ذلك نار هائلة يصعب على الإنسان تصوّرها. فكل شيء يصلح للإيقاد وبدرجات عالية جداً فان المتفجرات نراها تذوب الحديد بلحظة واحدة وتجعل الأشياء رمادا في اقل من ثانية وهذه قدرة اكتشفها البشر في هذه الدنيا واستعملها فليف بعذاب الآخرة نستعيذ منها الى الله.

ثم قوله تعالى: ﴿عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾

غلظة الملائكة وشدتهم مجبول في خلقتهم لا يتأذون منها بل بما انها طاعة الله فيتلذذون منها وبهذا لا يبقى طريق للخلاص والهروب، ولن يؤثّر البكاء والالتماس والجزع والفزع وهذه الغلظة والخشونة لا تخرج هؤلاء عن حدّ العدالة والأوامر الإلهية. إنّما: ﴿يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ﴾ دون أيّة زيادة أو نقصان.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo