< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

45/09/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية 14 من صورة الصف

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى‌ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ﴾ [1]

قل في الأمثل: («الحواريون»: تعبير يراد به الإشارة إلى اثني عشر شخصا من الأنصار الخواص لعيسى عليه السّلام وقد ذكرت أسماؤهم في الأناجيل المتداولة حاليا ك (إنجيل متّى، ولوقا باب 6).

وهذا المصطلح من مادّة (حور) بمعنى الغسل والتبييض- جعل الشي‌ء أبيض- كما مرّ بنا سابقا، لأنّهم يتمتّعون بقلوب طاهرة وأرواح نقيّة، وكانوا يسعون دائما لغسل نفوسهم والآخرين من دنس الذنوب وتطهيرها من الآثام، لذا أطلق عليهم هذا المصطلح).

﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ ﴿وَرَسُولاً إِلى‌ بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى‌ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى‌ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ ﴿رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ وَ اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [2] وقد ورد في سورة المائدة ايضاً: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ﴾ ﴿إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ ﴿قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ ﴿قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ﴿قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ﴾ [3]

الحواريون هم: الخواص الأصفياء، فكأنهم خلصوا ونقوا من كل عيب، وسمي الدقيق الحوارى لتخليصه من لباب البر، ويقال: عين حوراء: إذا اشتد بياضها وخلص واشتد سوادها. وقيل: الحواريون: هم الناصرون. وقال أبو عبيد: أصل هذا من الحواريين أصحاب عيسى عليه السلام فقيل لكل ناصر حواري تشبيها بذلك ".

كما انه ورد في سورة المائدة ايضاً: ان عيسى عليه السلام: ﴿ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ﴾.

ما هي اسماء الحواريين؟

في مورد أسماء الحواريين نجد اختلافا في الذكر ولعل السر انهم كانت لهم القاب مختلفة كما عند ائمتنا عليهم السلام نفس الشيء ولا يهم هذا الامر وانا اخذت من خلال نت هذه الأسماء:

يقال كانوا هم الرسل الاثنا عشر والاسماء حسب ما استخرجتها من خلال نت هكذا:

    1. سمعان (شمعون) المدعو بطرس

    2. أندراوس (حيث يذكر إنجيل متى ولوقا بأنه أخ لسمعان بطرس)

    3. يعقوب (ابن زبدي حسب إنجيل مرقس ومتى)

    4. يوحنا (إنجيل مرقس ومتى يذكران انه أخ ليعقوب بن زبدي)

    5. فيلبس

    6. برثلماوس (سٌميَ نَثَنَائِيلَ في إنجيل يوحنا)

    7. متى (وهو متى المٌبشر وهو جابي ضرائب) ويدعى لاوي في انجيلي لوقا ومرقس.

    8. توما.

    9. يعقوب بن حلفى.

    10. سمعان القانوي حسب إنجيل مرقس ومتى ولوقا.

    11. يهوذا تداوس (سٌميَ تداوس في انجيلي مرقس ومتى، وهو أخو يعقوب بن حلفى حسب إنجيل لوقا).

    12. يهوذا الاسخريوطي.

والنصرة هي المساعدة للمنصور في نفسه او ماله او عمله والله لا يحتاج الى شيء لانه قوي عزيز وليس موضعا للتأثير فالمراد من نصرة الله نصرة اوليائه ونصرة دينه ونسبة هذه النصرة الى نفسه يفيد ان هذه النصرة مطلوب لله والمنصور محسوب اليه والناصر يفتخر ويعتز بانه ناصر لله.

في هذه الآية عند ما يدعوا الله ان يكون المؤمنين انصار الله يأتي بنموذج تاريخي رائد كي يوضّح سبحانه أنّ هذا الطريق لن يخلو من السالكين والعشّاق الإلهيين حيث يضيف تعالى: ﴿كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ﴾.

ويكون الحوارين لبوا دعوته بكل فخر واعتزاز: ﴿قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ﴾ وساروا في هذا الدرب حاملين لواء الخير والهداية، ومتصدّين لحرب أعداء الحقّ والرسالة، حيث يقول سبحانه: ﴿فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ﴾.

ثم يبين الله لنا سنة من سننه الجارية فيقول: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى‌ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ﴾

وأنتم أيضا يا حواريي محمّد، يشملكم هذا الفخر وتحيطكم هذه العناية واللطف الإلهي، لأنّكم أنصار اللّه، وإنّ النصر على أعداء اللّه سيكون حليفكم أيضا، كما انتصر الحواريون عليهم، وسوف تكون العزّة والسمو من نصيبكم في هذه الدنيا وفي عالم الآخرة.

وهذا الأمر غير منحصر في أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم واعوانه فحسب، بل جميع أتباع الحقّ الذين هم في صراع دائم ضدّ الباطل وأهله، إنّ هؤلاء جميعا هم أنصار اللّه، وممّا لا شكّ فيه فإنّ النصر سيكون نصيبهم وحليفهم لا محالة. والله يول في موضع أخر ﴿ان الباطل كان زهوقا﴾[4] لا يقال ان الباطل كان موجودا في كل عصر ومصر فكيف كان زهوقاً لانا نقول: ان الباطل هو الحلق المنقطعة فكل باطل يكفر بمن قبله ويخاف ويحذر عمن بعده، فيزول باطل ويأتي آخر بخلاف الحق فالحق حلق متصلة من آدم الى الحال والى القيامة فكل حق يثني على من قبله ويبشر بمن بعده وهذا معنى استمراره وديمومته.

ما ذا كان دور الحواريين؟

وجاء في بعض الرّوايات أنّ المسيح عليه السّلام أرسلهم جميعا ممثّلين عنه إلى مناطق مختلفة من العالم، وذلك لإخلاصهم، وتضحيتهم وجهادهم وحربهم ضدّ الباطل، وكانوا أيضا ممّن يكنّون أعمق الحبّ والولاء للمسيح عليه السّلام.

وتحدّثنا الرّوايات أنّ جميعهم قد بقي على العهد إلّا واحدا منهم فإنّه قد خان ونكص واسمه (يهوداي أسخر يوطي) ممّا حدا المسيح عليه السّلام في نهاية المطاف إلى طرده.

جاء في حديث أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال للنفر الذين لاقوه بالعقبة: «أخرجوا إليّ اثني عشر رجلا منكم يكونوا كفلاء على قومهم كما كفلت الحواريون لعيسى‌ بن مريم»

فتاريخ الأنبياء كررت في الإسلام ولذا ترى في القرآن الكريم كثيرا ما يقص قصص الاقوام الماضية للاعتبار خصوصا قوم موسى وعيسى عليهم السلام كي نعتبر ونرى انفسنا على مشارف ما هم ابتلوا به فنحترز ونتوسل الى الله ونستعيذ به ان نكون كأشرارهم وندعو الله ان نكون مقتدياً بخيارهم بفضل الله ومنه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo