< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

45/06/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/تفسير الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآيات 7-11من سورة محمد ص

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ﴾ ﴿ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ﴾ ﴿أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها﴾ ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى‌ لَهُمْ﴾[1]

قال في الميزان: (قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ تحضيض لهم على الجهاد ووعد لهم بالنصر إن نصروا الله تعالى فالمراد بنصرهم لله أن يجاهدوا في سبيل الله على أن يقاتلوا لوجه الله تأييدا لدينه وإعلاء لكلمة الحق لا ليستعلوا في الأرض أو ليصيبوا غنيمة أو ليظهروا نجدة وشجاعة).

توضيحاً لما قاله رضوان الله عليه نقول: ان كون عمل يقع في سبيل الله يحتاج الى توفر امرين:

الأول: كون العمل عملاً صالحاً، فلا يمكن وقوع العمل الفاسد والقبيح والظلم والمعصية يقع في سبيل الله. والثاني: ان يكون النية في العمل القربة الى الله او طاعته تعالى فمن عمل للأجر الدنيوي او للرياء او لجلب نظر الآخرين او للاشتهار ولو كان العمل عملا صالحا لا يحسب على سبيل الله، نعم قد يكون الانسان يحب الخير فيأخذ بيد الاعمى ويمررّه على الشارع او يحمل حمل الثقيل عن مريض او شايب، او ينفق على المحتاجين ونيته فعل الخير ولم يكن ملتفتا الى إضافة العمل الى الله، فالله تعالى بلطفه ومنه يعطيه الأجر والثواب.

ثم قال رضوان الله عليه: (والمراد بنصر الله لهم توفيقه الأسباب المقتضية لظهورهم وغلبتهم على عدوهم كإلقاء الرعب في قلوب الكفار وإدارة الدوائر للمؤمنين عليهم وربط جاش المؤمنين وتشجيعهم، وعلى هذا فعطف تثبيت الأقدام على النصر من عطف الخاص على العام وتخصيص تثبيت الأقدام، وهو كناية عن التشجيع وتقوية القلوب، لكونه من أظهر أفراد النصر). [2]

وورد فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ عن المولى عليه السلام: "وَ خُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ﴾ فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ وَلَهُ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ ﴿يَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ وَبَادِرُوا بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جِيرَانِ اللَّهِ فِي دَارِهِ، رَافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ، وَأَزَارَهُمْ مَلَائِكَتَهُ، وَأَكْرَمَ أَسْمَاعَهُمْ عَنْ أَنْ تَسْمَعَ حَسِيسَ نَارٍ أَبَداً، وَصَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقَى لُغُوباً وَنَصَباً، ﴿ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾

فالله تعالى جعل مواطن الجهاد وتحديات عسكرية وعقبات هائلة امام البشر لاختباره وامتحانه وامره بفعل الواجبات والانتهاء عن المحرمات ليختار طريق الصلاح بحسن اختياره او طريق الفساد بسوء اختياره والسعي في الخيرات وتطبيقها في حياته سماه نصرة الله وقمة نصرة الله هو الدفاع المسلح عن النفس وعن الآخرين وعن القيم وعن النظام الإسلامي او الدفاع عن المظلومين.

وقد ورد فِي رَوْضَةِ الْوَاعِظِينَ لِلْمُفِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقريب منه في نهج البلاغة عن أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قال: "إِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ فَتَحَهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَسَوَّغَهُمْ كَرَامَةً مِنْهُمْ وَنِعْمَةً ذَخَرَهَا، وَالْجِهَادُ لِبَاسُ التَّقْوَى وَ دِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذِّلَّةِ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَفَارَقَ الرَّجَا وَضَرَبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصَفَ وَ أُزِيلَ فِيهِ الْحَقُّ بِتَضْيِيعِهِ الْجِهَادَ، وَغَضِبَ اللَّه‌ بِتَرْكِهِ نُصْرَتَهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: «إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ» [3]

ففي هذا الكلام لمولانا امير المؤمنين مقارنة جميلة بين الجهاد في سبيل الله والتقاعس والتخاذل وعَدّ اثار لكل واحد منهما في حياة الدنيا وحياة الآخرة ومتخلفات ينبغي الوقوف عند كل مفردة منها.

وقد ورد في النصوص الإسلامية نصرة الله ونصرة رسوله ونصرة اوليائه ونصرة المؤمنين ونصرة المظلوم وغيرها كما ان النصرة تتحقق باليد والقول والعمل و بأساليب مختلفة نتناول البحث فيها في الأسبوع القادم ان شاء الله


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo