< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

44/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآيات 106-108 من سورة المائدة

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى‌ وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ﴾[1] ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلى‌ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾[2] ﴿ذلِكَ أَدْنى‌ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى‌ وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ﴾ [3]

في الأسبوع الماضي تحدثنا حول هذه الآيات الثلاثة وشان نزولها ومفادها بالإجمال ويستفاد منها أهمية الوصية اذا ظهر علائم وقرائن قرب الموت وان العبد مشرف على الموت ولزوم الاشهاد على الوصية واذا لم يتوفر مسلما فمن غيرهم والدقة في امر الشهود و تحليفهم في أجواء تكون محرضا على الصدق واذا اكتشف خيانة الشهود اختيار شاهدين من جانب الآخر وخلاصة القول رعاية التشديد على كشف الحق. واليوم نود ان نقف وقفة عند الشهادة التي كثيرا ما لا يهتم بها من نحية تحمل الشهادة وكذا اداء الشهادة ونأتي بنماذج من النصوص الشرعية:

منها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ﴾ قَالَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ قَالَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ.[4] الرواية صحيحة ويستفاد من هذه الرواية وجوب تحمل الشهادة وكذا اداتها.

وَمنها: عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا﴾ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ إِذَا دُعِيَ إِلَى شَهَادَةٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهَا- أَنْ يَقُولَ لَا أَشْهَدُ لَكُمْ عَلَيْهَا. [5] هذا الموضوع الذي نرى كثير من الناس يستنكفون عن قبول الشهادة.

وَمنها ما رواه الكليني بقوله: عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ كَتَمَ شَهَادَةً أَوْ شَهِدَ بِهَا لِيَهْدِرَ بِهَا دَمَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ- أَوْ لِيَزْوِيَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ- أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِوَجْهِهِ ظُلْمَةٌ مَدَّ الْبَصَرِ- وَ فِي وَجْهِهِ كُدُوحٌ «أي خدوش» تَعْرِفُهُ الْخَلَائِقُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ- وَ مَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ حَقٍّ لِيُحْيِيَ بِهَا حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ- أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لِوَجْهِهِ نُورٌ مَدَّ الْبَصَرِ- تَعْرِفُهُ الْخَلَائِقُ بِاسْمِهِ وَ نَسَبِهِ- ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع أَ لَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ﴾ [6]

يظهر من هذا الحديث المبارك مدى قبح شهادة الزور والظالم وحسن شهادة الصدق والناصح

ومنها ما رواه الصدوق َبِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ ع "عَنِ النَّبِيِّ ص فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ- مَنْ كَتَمَهَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ- وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ ﴿وَلٰا تَكْتُمُوا الشَّهٰادَةَ- وَمَنْ يَكْتُمْهٰا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [7]

ومنها: عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ع فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا﴾ قَالَ: مَنْ كَانَ فِي عُنُقِهِ شَهَادَةٌ، فَلَا يَأْبَ إِذَا دُعِيَ لِإِقَامَتِهَا، وَلِيُقِمْهَا وَلْيَنْصَحْ فِيهَا، وَلَا تَأْخُذْهُ فِيهَا لَوْمَةُ لَائِمٍ- وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ.[8]

فيها التأكيد موضوعية الشهادة.

ومنها: ما َفِي عِقَابِ الْأَعْمَالِ بِسَنَدٍ تَقَدَّمَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ: "فِي حَدِيثٍ وَمَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ وَكَتَمَهَا، أَطْعَمَهُ اللَّهُ لَحْمَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ وَيَدْخُلُ النَّارَ وَهُوَ يَلُوكُ لِسَانَهُ" [9]

ومنها: عن الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ ع فِي تَفْسِيرِهِ "عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلٰا يَأْبَ الشُّهَدٰاءُ إِذٰا مٰا دُعُوا﴾ قَالَ: مَنْ كَانَ فِي عُنُقِهِ شَهَادَةٌ- فَلَا يَأْبَ إِذَا دُعِيَ لِإِقَامَتِهَا- وَلِيُقِمْهَا وَلْيَنْصَحْ فِيهَا- وَلَا تَأْخُذْهُ فِيهَا لَوْمَةُ لَائِمٍ- وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ".وقَالَ: وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ قَالَ: نَزَلَتْ فِيمَنْ إِذَا دُعِيَ لِسَمَاعِ الشَّهَادَةِ أَبَى- وَ نَزَلَتْ فِيمَنِ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ وَ لٰا تَكْتُمُوا الشَّهٰادَةَ وَ مَنْ يَكْتُمْهٰا- فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ «8» يَعْنِي كَافِرٌ قَلْبُهُ. [10]

هناك أيضا روايات تؤكد على الشهادة لغير اهل المذهب:

منها" ماعَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ السَّائِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ فِي رِسَالَتِهِ إِلَيَّ وَسَأَلْتَ عَنِ الشَّهَادَاتِ لَهُمْ- فَأَقِمِ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى نَفْسِكَ- أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ- فَإِنْ خِفْتَ عَلَى أَخِيكَ ضَيْماً فَلَا. [11] في هذا الحديث تأكيد على الشهادة لغير المذهب ولو على النفس.

ورد في بعض الروايات لزوم أداء الشهادة باسلوب يثبت الحق لصاحبه والاهتمام بذلك:

منها" ما عن الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ ذُبْيَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أُكَيْلٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِذَا أُشْهِدْتَ «3» عَلَى شَهَادَةٍ- فَأَرَدْتَ أَنْ تُقِيمَهَا فَغَيِّرْهَا كَيْفَ شِئْتَ- وَ رَتِّبْهَا وَ صَحِّحْهَا بِمَا اسْتَطَعْتَ- حَتَّى يَصِحَّ الشَّيْ‌ءُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ- بَعْدَ أَنْ لَا تَكُونَ تَشْهَدُ إِلَّا بِحَقِّهِ- وَ لَا تَزِيدَ فِي نَفْسِ الْحَقِّ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ- فَإِنَّمَا الشَّاهِدُ يُبْطِلُ الْحَقَّ- وَ يُحِقُّ الْحَقَّ وَ بِالشَّاهِدَيْنِ يُوجَبُ الْحَقُّ- وَ بِالشَّاهِدِ يُعْطَى- وَ إِنَّ لِلشَّاهِدِ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ بِتَصْحِيحِهَا- بِكُلِّ مَا يَجِدُ إِلَيْهِ السَّبِيلَ مِنْ زِيَادَةِ الْأَلْفَاظِ وَ الْمَعَانِي- وَ التَّفْسِيرِ فِي الشَّهَادَةِ مَا بِهِ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَ يُصَحِّحُهُ- وَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى الْحَقِّ- مِثْلَ أَجْرِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْمُجَاهِدِ بِسَيْفِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.[12] ولكن شرط على عدم الاخذ زائدا عن الحق.

كذلك ورد روايات في شهادة الزور وما يترتب عليها من العقاب

منها: ماَ فِي كتاب عِقَابِ الْأَعْمَالِ بِسَنَدٍ تَقَدَّمَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ عَنِ النَّبِيِّ ص قَالَ: وَمَنْ شَهِدَ شَهَادَةَ زُورٍ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ- أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ- عُلِّقَ بِلِسَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ- وَهُوَ مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.[13] وفي هذا الحديث المبارك لم يفرق بين المسلم وغير المسلم

ومنها: ما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي شَاهِدِ الزُّورِ قَالَ: "إِنْ كَانَ الشَّيْ‌ءُ قَائِماً بِعَيْنِهِ رُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ- وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِماً ضَمِنَ بِقَدْرِ مَا أُتْلِفَ مِنَ مَالِ الرَّجُلِ".[14]

هناك روايات يستفاد منها لزوم تهيئة ظروف داعية للحالف الى الصدق:

منها: ما عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ع أَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ يَسْتَحْلِفُ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ- فِي بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ- وَالْمَجُوسَ فِي بُيُوتِ نِيرَانِهِمْ- وَيَقُولُ شَدِّدُوا عَلَيْهِمْ احْتِيَاطاً لِلْمُسْلِمِينَ[15] .

ومنها: ما ورد في النهج: "وَكَانَ عليه السلام يَقُولُ أَحْلِفُوا الظَّالِمَ إِذَا أَرَدْتُمْ يَمِينَهُ بِأَنَّهُ بَرِي‌ءٌ مِنْ حَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ فَإِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِهَا كَاذِباً عُوجِلَ العقوبة وَإِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمْ يُعَاجَلْ لِأَنَّهُ قَدْ وَحَّدَ اللَّهَ تعالى" حكمة253 نهج البلاغة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo