< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: تفسير الموضوعي/تفسیر الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية56

 

﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾[1] ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ﴾[2]

فی الاسابیع الماضیة انتهينا عن البحث في الآية الأولى وعلمنا ان المراد من الذين آمنوا فيها اميرالمؤمنين علي عليه السلام وتبيّن انّ الولاية الكلية الذاتية لله لأنّه خالق كل شيء وكل شيء قائم به، ثم الولاية لرسوله صلى الله عليه واله مستمداً من ربه ثم لعلي عليه السلام بجعل من الله و ابلاغ من رسوله. ثم في الآية التي تليها يبين ان هؤلاء الذي يقبلون هذه التولية المثلثة هم حزب الله وهم الغالبون.

هنا أوُدّ ان أقف عند قوله تعالى: ﴿ومن يتول الله﴾ بمعنى اخذه وليّاً والتولّي فعل جوانحي يترتب عليه أفعال جوانحي، كالتزوج فانه فعل جوانحي وهو قرار زوجيته لزوجه وعلى قول المشهور من الفقهاء تحقق الزواج شرعا موقوف على قراءة صيغة العقد نعم قول آخر يقول بانه يتحقق الزواج الشرعي بالعقد معاطاتي. وعلى كل حال بعملية التزويج يتعهد كل طرف مع الخر بحقوق معينة من دون ان يوجد في الخارج شيء مشهود. كذلك التولي قرار مع النفس بجعل المولى ولياً وصاحب امر له ففي الآية الاولى حصر الولاية في تلك الثلاثي المبارك ثم بين من التزم في قرار نفسه بها هو داخل في حزب الله الغالب. فحزب الله هو تشكيلة اعتقادية سياسية تجمع جميع الملتزمين بالولاية في جميع مناحي حياتها الاجتماعية السياسية الاقتصادية فهذه الولاية صبغة لجميع أفعال العباد ومن تخلّى عن هذه الولاية فهو داخل في حزب الشيطان بجميع اطواره من الطواغيت والمستكبرين والظلمة والمشركين والمنافقين فالكفر ملة واحدة يجمعها الخروج من ولاية الله.

وقد نطق القرآن الكريم بهذه الحقيقة في مواضع كثيرة وبعبارات متنوعة نذكر منها الآيات الأخيرة من سورة المجادلة حيث أشارت الى هذه الجدلية وقارنت فيها بين حزب الشيطان الخاسر وحزب الله الغالب الفالح واليك نص الآيتين:

﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَ لا مِنْهُمْ وَ يَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ﴾[3] ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾[4] ﴿اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾[5] ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾[6] ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى‌ شَيْ‌ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ﴾[7] ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ﴾[8] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾[9]

فبيّن فيها تلك الصفات الدنيئة لمن تولى قوما غضب الله عليهم وبشرهم بعذاب وهوان وذلة وخسارة ثم أشار الى ان هؤلاء الذين يحادون الله ورسوله في الاذلين. ثم تابع كلامه ببيان سنته المحتومة وهي غلبته ورسله مع تأكيدات شديدة ثم بدء يصف حزب الله فقال:

﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[10] ﴿لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَ يُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[11]

بيّن في هاتين الآيتين التباين الشديد بين حزب الله و حزب الشيطان وعبّر عن قوة ايمان حزب الله بان الايمان مكتوب في قلوبهم أي ايمانهم عميق ثابت لا يتزلزل وهم مؤيدون بروح من الله هذا في الدنيا وفي الأخرة خلودهم في الجنة فوق كل ذلك رضى الله عنهم ورضاهم عن الله و في الأخير أشار الى المتصفين فوقها وانهم حزب الله وبيان كبرى الكلية وهي فلاح حزب الله الدائم.

والامام الخميني في دعوته الى الثورة السلمية سمى هؤلاء المؤمنين الثائرين على الطاغوت والواقفين مع نداء الحق بحزب الله والناس تلقوا هذا العنوان بكل وجودهم فامتلأ الأجواء لبيان الوفاء لإمام الخميني صياحهم ب: "حزب فقط حزب الله رهبر فقط روح الله" وللإمام الخميني رضوان الله عليه كلمات كثيرة حول حزب الله نأتي بمقاطع منها:

حزب الله على ما وصفه الامام الخميني:

(يجب علينا جميعاً نحن المسلمين أن نعرض الإسلام بحقيقته على العالم أجمع، وننضوي جميعاً تحت راية حزب واحد هو "حزب الله"، فلا نكوننّ أحزاباً متباينة وأجنحة مختلفة، ليبادر العلماء في كلّ شعب من الشعوب لتوعية شعبهم بإبعاد المؤامرات الّتي وضعها الأجانب والمستعمرون لبثّ الفرقة بينهم. وهذا تكليف يقع على عاتق جميع الزعماء الدينيّين).

- (لقد نهض أبناء شعبنا برجولة وكانت نهضتهم نهضة إلهيّة عمّت كافّة فئات الشعب وأصبح الشعب حزباً واحداً: "حزب الله"، وتمكّن بقدرة الإيمان وبالدعم الإلهيّ وبأيدٍ خالية من السلاح، من التغلُّب على القوى العظمى الّتي كانت مجهّزة بكافّة أنواع الأسلحة. إنّ القدرة الإلهيّة، قدرة الله، قدرة الإيمان، هي الّتي مكّنت الشعب من تحقيق أهدافه وبلوغ النصر).

- (تحقّق (حزب المستضعفين) الّذي هو (حزب الله)، هو تجسيد لإرادة الله تبارك وتعالى حيث أمر بوراثة المستضعفين الأرض. إنّنا ندعو جميع المستضعفين في العالم الانضمام إلى هذا الحزب وحلّ مشاكلهم بشكل جماعيّ وإرادة قويّة، ولن تحلّ أيّ مشكلة وفي أيّ مكان ولأيّ شعب إلّا عن طريق (حزب المستضعفين).

- (نحن لدينا حزب واحد فقط، هو (حزب الله) حزب المستضعفين).

- (أيّها الشباب الجامعيّ، أيّها الطلّاب الأعزّاء، أنقذوا بلادكم وإسلامكم وأمّتكم، وقوموا بشجاعة، فإنّ الفرج قريب وإنّ حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم المدحورون).

- (أنتم حزب الله وهم حزب الشيطان، وإنّ ما حقّق لكم النصر في الجبهتين ويُحقِّق إن شاء الله، وأعني الجبهة الباطنيّة والنفسانيّة، وجبهة الحرب ضدّ أنصار الشيطان ـ هو إخلاصكم وإيمانكم، فأنتم شيعة ذلك الّذي يقول: "لو أنّ جميع العالم وقف ضدّي لوقفت وحدي إزاءهم").

- (إنّ باستطاعة الّذين عثروا على الطريق، أن يبدّدوا الحجب وينخرطوا في حزب الله من منطلق أنّ ﴿حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ . أمّا الأحزاب الأخرى فإنّها تبقى تتخبّط في نهجها حتّى تهزم).

- (أُحذّر كلّ المتصدّين للأمور ومسؤولي البلاد بأنَّ عليكم أن تعرفوا قدر شبّان حزب الله وتشكروهم وتكرّموهم وتحفظوهم في أحضان محبّتكم).

- (يا مَنْ يتدفّق إعصار غضب أمّة حزب الله من ميادين بطولاتكم.. إنّ الحديث عن الأجر والثواب الدنيويّ لدى الموحّدين والسالكين، يُعدّ إساءة أدب بحقّ منزلتهم ومقامهم إذ إنّ الدنيا بكلّ بهارجها أحقر من أن تكون ثمناً وتكريماً للمجاهدين في سبيل الله. وإنّ الجوهر الجميل لعمل المجاهدين في سبيل الله، أعظم من أن يُقاس بمعيار زخارف الدنيا).

- (إنّ أيّ مسلم يقبل بالموازين والمبادئ الإسلاميّة، وله انضباط شيعيّ دقيق في العمل والسلوك، فإنّه أحد أعضاء حزب الله).

- (لقد بيّن القرآن والإسلام جميع قوانين هذا الحزب ومنهجه. ويختلف هذا الحزب عن الأحزاب المتداولة اليوم في الدنيا).

- (إنّ جميع أبناء الشعب الإيرانيّ من الرجال والنساء - مهما كانت أعمارهم - من الّذين يجاهدون تحت لواء الشعارات الإسلاميّة هم أعضاء في هذا الحزب).

- (يجب عليكم أنْ تنتبهوا إلى أنّ العدو يريد دوماً أنْ يهزمنا من الداخل، ويبثّ الفرقة في الأعماق… وإنّ الشياطين تريد إيجاد الاختلاف، حتّى يقولوا إنّنا منقسمون).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo