< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/09/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/تفسیر المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية 11من سورة المائدة

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[1]

قال في المجمع: (الذكر هو حضور المعنى للنفس وقد يستعمل الذكر بمعنى القول لأن من شأنه أن يذكر به المعنى والتذكّر طلب المعنى لا طلب القول والهَمّ بالأمر هو حديث النفس بفعله يقال همّ بالأمر يهمّ همّاً ومنّه الهمّ وهو الفكر الذي يَغُمّ وجمعه هموم وأهمّه الأمر إذا عنى به فحدث نفسه به والفرق بين الهم بالشيء والقصد إليه أنه قد يهمّ بالشيء قبل أن يريده ويقصده بأن يحدِّث نفسه به وهو مع ذلك مقبل على فعله)[2] . الامر بذكر النعم الكبيرة موجب للشكر وزيادة المعرفة بالله وتقوية الإيمان والإتّعاظ وحفظ التجارب لاستغلالها في الموارد المشابهة أخذا بنقاط القوة واحترازا عن نقاط الضعف.

ثم في المراد من قوله تعالى: ﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ حصل الخلاف بين المفسرين. قال في المجمع: (اختلف فيمن بسط إليهم الأيدي على أقوال:

أحدها: أنهم اليهود همّوا بأن يفْتَكوا بالنبيّ ص وهم بنو النضير دخل رسولُ الله ص مع جماعة من أصحابه عليهم وكانوا قد عاهدوه على ترك القتال وعلى أن يعينوه في الديات فقال ص رجل من أصحابي أصاب رجلين معهما أمان مني فلزمني ديتهما فأريد أن تعينوني فقالوا نعم اجلس حتى نطعمك ونعطيك الذي تسألنا وهموا بالفتك بهم فإذن فأذن به رسوله فأطلع النبي ص أصحابه ‌على ذلك وانصرفوا وكان ذلك إحدى معجزاته عن مجاهد وقتادة وأكثر المفسرين.

وثانيها: أن قريشاً بعثوا رجلا ليقتل النبي ص فدخل عليه وفي يده سيف مسلول فقال له أرنيه فأعطاه فلما حصل في يده قال ما الذي يمنعني من قتلك قال الله يمنعك فرمى السيف وأسلم واسم الرجل عمرو بن وهب الجمحي بعثه صفوان بن أمية ليغتاله بعد بدر وكان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب عن الحسن

وثالثها: أن المعني بذلك ما لطف الله للمسلمين من كف أعدائهم عنهم حين هموا باستئصالهم بأشياء شغلهم بها من الأمراض والقحط وموت الأكابر وهلاك المواشي وغير ذلك من الأسباب التي انصرفوا عندها عن قتل المؤمنين عن أبي علي الجبائي.

ورابعها: ما قاله الواقدي أن رسول الله ص غزا جمعا من بني ذبيان ومحارب بذي أمر فتحصنوا برؤوس الجبال ونزل رسول الله ص بحيث يراهم فذهب لحاجته فأصابه مطر فبلّ ثوبه فنشره على شجرة واضطجع تحته والأعراب ينظرون إليه فجاء سيدهم دعثور بن الحرث حتى وقف على رأسه بالسيف مشهوراً فقال يا محمد من يمنعك مني اليوم فقال الله ودفع جبرائيل في صدره ووقع السيف من يده وأخذه رسول الله ص وقام على رأسه وقال من يمنعك اليوم مني قال لا أحد وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فنزلت الآية)[3]

وقال في الميزان: (هذا المضمون يقبل الانطباق على وقائع متعددة مختلفة وقعت بين الكفار والمسلمين كغزوات بدر وأحد والأحزاب وغير ذلك، فالظاهر أن المراد به مطلق ما هم به المشركون من قتل المؤمنين وإمحاء أثر الإسلام ودين التوحيد.

وما ذكره بعض المفسرين أن المراد به ما همّ بعض المشركين من قتل النبي ص أو ما همّ به بعض اليهود من الفتك به- وسيجيئ قصتهما- فبعيد من ظاهر اللفظ كما لا يخفى).[4] هذا الكلام ولو في نفسه جميل ولكن لا يلائم مع نص القرآن لان الله يذكّرهم بقضية تحقّقت كما ان -قومٌ- إشارة الى قوم خاص فهي قضية خارجية متحققة، وكما ان من دأب القرآن عدم التصريح بأسماء من عاصر النبي صلى الله عليه واله لا من الصالحين ولا من الطالحين وانما ذكر المنافقون بصفاتهم وافعالهم من دون التصريح بأسمائهم كما مدح واثنا على المجاهدين المقاومين من دون التصريح بأسمائهم ولعل من حكم هذا الدأب حفظ القران من التحريف لأنه لو ذكر أحدهم بسوء كان قومه يتعصبون له ويمدّون يد التحريف والحذف الى القرآن وبعضهم كانوا يدسّون أسماء من يحبونهم، في مجالات المدح والثناء، نعم انما ورد التصريح بإسمين احدهما أبولهب وهو عم رسول الله ولم يكن له اقرب من رسول الله حتى يتعصب له والثاني زيد ربيب رسول الله تزوج رسول الله بزوجته بعد ما طلقها ﴿لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا﴾[5] ونفس الامر ملحوظ بالنسبة الى البلاد والاقوام المعاصرة للنبي صلى الله عليه واله الّا بعض البلاد كالمكة المكرمة و بابل هاروت وماروت والمدينة المنورة و روم ولم يصدر بالنسبة اليها كلام يعيبون به ولا كلام يتباهون به.

لكن ان القضايا خارجية ولو لا اطلاق لها ولكن يمكن الاتعاظ منها في القضايا المشابهة لتلك القضايا الخارجية فانّ فعل النبي و قوله وتقريره حجة ودرس الى يوم القيامة فقوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ﴾ يمكن ان يستدل بها على لزوم احياء ذكريات مواطن العبرة من الانتصارات والمرور على المخاطر لان فيها دروس وعبر وتجارب ينبغي استغلالها للمستقبل فما نرى من تأكيد الإمام الخامنئي على تسجيل وقائع اول انتصار الثورة الإسلامية وايام الدفاع المقدس وبطولات الشهداء والمناضلين من خلال تسجيل تلك القضايا كتبا و من ضمن مسلسلات وافلام ومعارض وغيره مما يمكن اخلاد تلك البطولات للأجيال القادمة مستفاد من القرآن ايضاً. قال تعالى: ﴿فاقصص القصص لعلهم يتفكرون﴾[6] وقال: ﴿لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب﴾[7]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo