< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/09/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي /الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآيات 2-5

 

قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْ مَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[1]

كان بحثنا في الليلة الماضية حول قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً﴾ و ذكرنا أقوالاً حول تعيين اليوم الذي أشارت اليه هذه الآية وناقشناها وكأنهم أرادوا أن يتحاشوا عن يوم الغدير الذي هو يوم اشارت اليه الآية وتحققت الأهداف الأربعة المذكورة هنا وذكره جميع مفسّري الشيعة في تفاسيرهم و أيدوه بروايات كثيرة، و قلنا ان هذا الاحتمال يتناسب تماما مع محتوى الآية حيث يعتبر «يوم غدير خم» أي اليوم الذي نصب النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليا أمير المؤمنين عليه السّلام بصورة رسمية و علنية خليفة له. فهو اليوم الذي أكمل اللّه دينه وأتمّ نعمته بتعيين عليٍ عليه السّلام، وفي هذا اليوم- أيضا- رضي اللّه لنا بالإسلام دينا، بل خاتما للأديان، بعد أن اكتملت مشاريع هذا الدين، واجتمعت فيه الجهات الأربع من: يأس الكفار عن النيل من دين الإسلام واكمال الذين وتمام النعمة ورضا الله كون الإسلام دين الأمّة.

وأودّ اليوم تكملة لبحثنا اشير الى نصوص من علماء العامة اعترفوا بهذه الحقيقة اما ضمنا واما صريحاً فهناك اعترافات ضمني من بعض كبار علماء العامة على نزول الآية في يوم الغدير فلقد ذكرت تفاسير «الرازي» و «روح المعاني» و «المنار» أنّ النّبي صلّى اللّه عليه وآله لم يعش أكثر من واحد وثمانين يوما بعد نزول هذه الآية، وهذا القول مع ما عندهم من ان وفاة النّبي صلّى اللّه عليه وآله وقعت في اليوم الثّاني عشر من ربيع الأوّل وورد ذلك في بعض روايات الشيعة ايضاً كما ذكرها الكليني في الكافي نستنتج أن نزول الآية كان بالضبط في يوم الثامن عشر من ذي الحجّة الحرام، وهو يوم غدير خم.

هناك روايات كثيرة- جاءت بها مصادر السنّة والشيعة- أنّ هذه الآية الكريمة نزلت في يوم غدير خم، وبعد أن أبلغ النّبي صلّى اللّه عليه وآله المسلمين بولاية علي بن أبي طالب عليه السّلام، ومن هذه الروايات:‌

ما نقله «ابن جرير الطبري» في كتاب «الولاية» عن «زيد بن أرقم» الصحابي المعروف، أنّ هذه الآية نزلت في يوم غدير خم بشأن علي بن أبي طالب عليه السّلام.

2- ونقل الحافظ «أبو نعيم الأصفهاني» في كتاب «ما نزل من القرآن بحق علي عليه السّلام» عن «أبي سعيد الخدري» أنّ النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أعطى في «يوم غدير خم» عليا منصب الولاية ... و إنّ الناس في ذلك اليوم لم يكادوا ليتفرقوا حتى نزلت آية: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ...﴾ فقال النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و في تلك اللحظة «اللّه أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضى الرب برسالتي و بالولاية لعلي عليه السّلام من بعدي» ثمّ‌ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم و ال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله».

3- وروى «الخطيب البغدادي» في «تاريخه» عن «أبي هريرة» عن النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّ آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... نزلت عقيب حادثة «غدير خم» والعهد بالولاية لعلي عليه السّلام وقول عمر بن الخطاب: «بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم».

وجاء في كتاب «الغدير» إضافة إلى الروايات الثلاث المذكورة، ثلاث عشرة رواية أخرى في هذا المجال. ونرى في تفسير «البرهان» وتفسير «نور الثقلين» عشر روايات من طرق مختلفة حول نزول الآية في حق علي عليه السّلام أو في يوم غدير خم، ونقل كل هذه الروايات يحتاج إلى رسالة منفردة.

وقد ذكر العلّامة السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه «المراجعات» أن الروايات الصحيحة المنقولة عن الإمامين الباقر والصّادق عليهما السّلام تقول بنزول هذه الآية في «يوم غدير خم» وإنّ جمهور السنّة أيضا قد نقلوا ستة أحاديث بأسانيد مختلفة عن النّبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم تصرح كلها بنزول الآية في واقعة غدير خم.[2]

كما رأيتم ان الروايات في هذا الموضوع متوفرة يزيد على التواتر الاجمالي مضافا الى قوة اسناد بعضها مضافا الى اجتماع الفريقين على روايتها فكلها شاهدة على ان الآية نزلت بشأن قضية الغدير ومن ينكرها او يشكك فيها يريد تجاهلها، لأنّها لم تكن لتلائم أذواقهم الشخصية، وللتزلف الى بعض حكام بني امية او بني العباس او من بعده من المتعصبين دور لا ينكر في الميل الى تحريف التاريخ ترضيا وتزلّفاً الى بعض الحكام او العوام عصمنا الله عن التعامي والتجاهل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo