< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/09/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع:التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآة1من سزرة المائدة

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى‌ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ﴾[1]

سورة المائده كما وصفها علامة طبطبائي: (الغرض الجامع فيها على ما يعطيه التدبر في مفتتحها و مختتمها، و عامة الآيات الواقعة فيها، و الأحكام و المواعظ و القصص التي تضمنتها هو الدعوة إلى الوفاء بالعهود و حفظ المواثيق الحقة كائنة ما كانت، و التحذير البالغ عن نقضها و عدم الاعتناء بأمرها، و أن عادته تعالى جرت بالرحمة و التسهيل و التخفيف على من اتقى و آمن ثم اتقى و أحسن و التشديد على من بغى و اعتدى و طغا بالخروج عن ربقة العهد بالطاعة، و تعدى حدود المواثيق المأخوذة عليه في الدين).[2]

في اول آية منها يخاطب المؤمنين ويأمرهم بوفاء العقود فقال تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾

قال فی المجمع: (العقود جمع عقد بمعنى معقود و هو أوكد العهود و الفرق بين العقد و العهد أن العقد فيه معنى الاستيثاق و الشد و لا يكون إلا بين متعاقدين و العهد قد ينفرد به الواحد فكل عهد عقد و لا يكون كل عقد عهدا و أصله عقد الشي‌ء بغيره و هو وصله به كما يعقد الحبل و يقال أعقدت العسل فهو معقد و عقيد)[3]

والعقد والعهد قائم بطرفين او أطراف فقد يكون مع الله وقد يكون مع النفس وقد يكون مع الآخرين وقد يكون بين المجموعات البشرية باقسامها. ولكن في المقصود من مفردة العقود في هذه الآية خلاف بين المفسرين فقد ورد في المجمع: («أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» أي بالعهود عن ابن عباس وجماعة من المفسرين ثم اختلف في هذه العهود على أقوال:

(أحدها) أن المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة والمؤازرة والمظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم سوءا وذلك هو معنى الحلف عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس والضحاك وقتادة والسدي

(وثانيها) أنها العهود التي أخذ الله سبحانه على عباده بالإيمان به وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم عن ابن عباس أيضا وفي رواية أخرى قال هو ما أحل وحرم وما فرض وما حد في القرآن كله أي فلا تتعدوا فيه ولا تنكثوا ويؤيده قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إلى قوله سُوءُ الدَّارِ﴾.

(وثالثها) أن المراد بها العقود التي يتعاقدها الناس بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الإيمان وعقد النكاح وعقد العهد وعقد البيع وعقد الحلف عن ابن زيد وزيد بن أسلم.

(ورابعها) أن ذلك أمر من الله لأهل الكتاب بالوفاء بما أخذ به ميثاقهم من العمل بما في التوراة والإنجيل في تصديق نبينا وما جاء به من عند الله عن ابن جريج وأبي صالح وأقوى هذه الأقوال قول ابن عباس إن المراد بها عقود الله التي أوجبها الله على العباد).[4]

أقول: مادام مفردة العقود في الآية تكون محلى بالألف واللام مما يوجب افادة الاستغراق فلا داعي لتخصيصها بنوع معين من العقود بل يشمل جميع ما يصدق به عقد يمكن الوفاء به. الا إذا كان التعاقد على امر محرم، علي عليه السلام لمالك الاشتر: «فإنّه ليس من فرائض اللّه شي‌ء للناس أشدّ عليه اجتماعا- مع تفرق أهوائهم و تشتت آرائهم- من تعظيم الوفاء بالعهود، و قد لزم ذلك المشركون فيما بينهم- دون المسلمين- لما استوبلوا من عواقب الغدر) [5]

فمن النوع الأول حلف الفضول الذي شارك فيه رسول الله وهو ابن عشرين عاماً واليك خلاصة القصة على ما ورد في السير وهو:

انه دعا إلى هذا الحلف الزبير بن عبد المطلب؛ وذلك لأنّ رجلاً من زبيد قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل أحد أشراف قريش، فحبس عنه حقّه، فاستعدى عليه الزبيديّ أشراف قريش، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل لمكانته، وانتهروه، واستغاث الزّبيديّ أهل مكة، واستعان بكلّ ذي مروءة.

وهاجت الغيرة في رجال من ذوي المروءة والفتوّة، فاجتمع بنو هاشم، وبنو المطلب ابنا عبد مناف، وبنو أسد بن عبد العزى، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان بدعوةٍ من الزبير بن عبد المطلب، فأعدّ لهم طعاماً، وتعاقدوا، وتعاهدوا بالله، ليكوننّ يداً واحدة مع المظلوم على الظالم، لكل الناس وإلى الأبد، حتى يؤدي إليه حقّه، فسمّت قريش ذلك الحلف «حلف الفضول» وقالوا: "لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر". ثم مشوا إلى العاص بن وائل، فانتزعوا منه سلعة الزبيديّ، فدفعوها إليه. (السيرة النبويه لابن كثير وغيرها من السير اخذت من ويكيبديا الشيعة)

والنوع الثاني: يشهد بوجوبه ضرورة الدين وآيات من القرآن الكريم كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَني‌ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى‌ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى‌ شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلينَ﴾ [6] وقوله ﴿والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون﴾[7] ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً﴾[8]

والنوع الثالث: ادلة الاحكام من الكتاب والسنة متكفل بها وشاهد عليها

والنوع الرابع ولو في نفسها امر صحيح ولكن في بيان المراد من الآية لا يناسب لان الآية تخاطب المؤمنين فشمولها لأهل الكتاب بعيد جداً

الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه قال: «ثلاث لم يجعل اللّه عزّ وجلّ لأحد فيهنّ رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين [9]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo