< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/09/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/ تفسير الأيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا/ سورة النساء تفسير الآيات من 71 الی 76

بما نحن فی اول یوم من هذا الشهر الفضيل فأودّ ان نقف وقفة في مقطع من الدعاء الوارد لآخر لَيْلةٍ من شعبان وأول ليْلةٍ مَنْ شهر رَمضان، ورد فيه بعد عبارات تشتمل على ذكر عظمة الشهر وبيان ضعفنا وتقصيرنا تجاه ربِّنا و شدّةَ فقرنا وحاجتنا اليه. ورد مقطعاً ذكر فيه تسعة أمور مما بها كمال الايمان فعلّمنا ان نقول:

(اللهم أبقني خير بقاء وافنني خير فناء على موالاة أوليائك ومعادات أعدائك والرّغبة إليك والرّهبة منك والخشوع والوفاء والتسليم لك والتصديق بكتابك واتّباع سنّة رسولك).

ثم ذكر ستة عشرة من امراض في قلوبنا قد نبتلي بها فقال:

(اللهمّ ما كان في قلبي من شكٍّ او ريبةٍ او جُحودٍ او قُنوطٍ او فَرَحِ او بَذَخٍ او بَطَرٍ او خُيَلاءٍ او رياءٍ او سُمْعةٍ او شِقاقٍ او نِفاقٍ او كُفْرٍ او فُسوقٍ او عِصْيانٍ او عَظَمَةٍ او شَيْئٍ لا تُحِبُّ فَاَسْاَلُكَ ياربِّ أن تُبْدِلَني مَكانَهُ إيماناً بِوَعْدِكَ ووفاء بعهدك ورضاً بقضائك وزهدًا في الدّنيا ورَغْبَةً فيما عِنْدَكَ و أثرةً و طمأنينةً وتَوْبَةً نَصُوحاً أسألك ذلك يا رب العالمين).

كما بيننا في هذا المقطع من الدعاء علاج لجميع امراضنا وفي الحقيقة هذه لأمور المذكورة في هذا الداع وصفة كاملة للسعادة الدنيوية والاخروية ونكتفي بهذا المقدار من الكلام وندخل في موضوع بحثنا وهو التفسير و وبعد التأمل في اختيار مبحث تفسيري إرتأيت ان متابعة بحثنا على مدار السنة في اربعاء كل أسبوع حول الآيات المصدرة بيا أيها الذين آمنوا هو الأنسب فان شهر رمضان فرصة لقفزة للتقدم في بحثنا و ان هذا المبحث ليس من المباحث المسلسلة لا يمكن الفصل بينها بل كل مقطع يشمل الى مبحث مفيد كامل و فيها أيضا تنوع في الموضوع فنحن معكم في هذه الليلة مفتتح شهر رمضان مع قوله تعالى:

قال تعالی: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً﴾ (71) ﴿وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً﴾ (72) ﴿وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ (73) ﴿فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً﴾ (74) ﴿وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾ (75) ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً﴾ (76) [1]

هذه الآيات المباركات نزلت في التحريض على القتال وعتاب المتقاعسين من الجهاد وكما ترسم خريطة الجهاد فتشمل الكلام عمن ينبغي قتاله وكيفية الجهاد وموقف المنافقين من الجهاد والمجاهدين والمقارنة بين جبهة الحق وجبهة الباطل.

ففي الآية الأولى امر بأخذ الحذر وقد ورد عن بعض المفسرين انهم خصوا معنى الحذر بالسلاح بينما الحذر من ناحية اللغة اعم من السلاح بل معناه اليقظة والتأهب والترقب لخطر محتمل، فقد يقتضي الحذر الى اخذ السلاح عند ما قرب الخطر. وكذا الاُهبة لدفع العدو بما يقي المسلمين عن شرهم وفي هذا العصر الذي تطور أنماط الحروب لابد من تحصيل كل ما يقتضيه الموقف ومن طريف ما نشاهد في أسلوب القرآن في بيانه انه يأتي بتعابير شاملة كي ينطبق على مدار التاريخ ومر الزمان فهنا قال خذوا حذركم وفي مكان آخر قال: "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن ربا الخيل ترهبون به" والآية تخاطب المؤمنين في كل عصر وزمان

أمّا كلمة «ثبات» فهي بمعنى مجموعات متفرقة، مفردها «ثُبّة» من مادة «ثَبَيَ» أي جم والنفر هو الخروج للجهاد فامر بالخروج من خلال مجموعات متعاقبة او الخروج دفعة واحدة او المراد من الترديد بين النفر ثباتا او جميعا أي خروج بعد التنظيم العسكري او اتركوا التنظيم لبعد الوصول الى العدو وعلى كل حال المهم وجوب التأهب والحظر بمثل ما يقتضيه الموقف فالجهاد واجب كفائي يتوجه التكليف الى كل من أمن بالله ورسوله، وهنا نكتفي بهذا المقدار ونتابع بحثنا في اليالي القادمة ان شاء الله .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo