< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

43/08/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير الآية 94من سورة النساء

 

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى‌ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْداللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرا﴾ [1]

قد تحدثنا في الأسبوع الماضي حول مفطع الأول من الآية التي دلت على لزوم تصديق من يدعي اسلام وينطق بالشهادتين ولا نكذبه في ادعائه طمعا في اغتنام امواله بالتفصيل الذي مررنا عليه، واليوم نتناول المقطع الأخير منها حيث يقول تعالى: ﴿كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم﴾ ذكروا في المراد من قوله "كذلك كنتم من قبل" ثلاث احتمالات:

الاول: ان سيرتكم قبل اسلامكم كان كذلك أي قتل المقابل لأخذ أمواله، فمن الله عليكم وهداكم الى الإسلام،

والثاني: كما انهم يحتمل ان يكون دخولهم في الإسلام، أنتم أيضاً في بدو اسلامكم دخلتم فيه خوفاً او طمعاً ولم يكن ايمانكم الا مجرد اعتراف لفظي ظاهري، ثم ترسخ الإسلام في قلوبكم كما قال الله تعالى: ﴿قالت الاَعْرابُ آمَنّا قُولْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا اَسْلَمْنا وَلَمّا يَدْخُلِ الْإيْمانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾ فمن الله عليكم بالإيمان القلبي الحقيقي.

الثالث: كما انهم يخفون كفرهم ويظهرون الإسلام خوفاً عنكم، كذلك أنتم في ماضي الزمان كنتم ضعفاء خائفين من الكفار فكنتم تخفون ايمانكم عنهم ثم منّ الله عليكم بالقوة والعزّة فتجاهرتم بإسلامكم من دون خوف.

ثم قال تعالى: ﴿فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرا﴾ هنا ورد الامر بالتبيّن للمرة الثانية في هذه الآية ففي المرة الأولى كان الفاء قبل التبين للترتيب أي عندما تذهبون الى الجهاد فتدخلون المناطق خارج عن إطار الإسلام لا تبادروا بقتل كل من ترونه بل عليكم التبيّن لتمييز العدو من الصديق والمسالم والمحارب وبعد عرض الإسلام عليهم وعزمهم على قتالكم فقاتلوا هؤلاء الذين يريدون قتالكم. واكد على هذا المعنى عندما نهى عن رفض من يلقي اليكم السلم بانك لست مسلما او لست مسالما على حسب الخلاف بين المفسرين وقد بحثنا عنه عند تفسيرنا لصدر الآية الكريمة ثم بعد ذلك ذكر حال المسلمين فيما سبق من التشابه بهؤلاء الذين واجهوهم. وهنا عند ما كرر قوله فتبينوا الفاء للنتيجة أي بما ان هذا الذي يلقي اليكم السلم مثله مثلكم في بدو اسلامكم فكما انه لم يكن من الانصاف محاربتكم فيما مضى لا ينبغي محاربة المستسلم من الجانب الآخر. وهذا دليل على عدم حرص الإسلام بقتل الآخرين بل مادام يمكن الكف عنهم لا يجوز المبادرة الى قتالهم ورفضهم.

ثم أعقب الآية بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ فذكّرهم بعلم الله بوجه أعمالهم، وهو الحَكَمُ يوم القيامة ايضاً. ونكتفي البحث في هذه الآية المباركة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo