< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/10/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: التفسير الموضوعي/الآيات المصدرة ب ياايها الذين امنوا /آاية 130 من سورة ال عمران

 

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [1] ﴿آل عمران130﴾

في فهم الآية نركز على نقطتين : لا تاكلوا كناية عن التملك و بما ان الشيء الذي يأكله الانسان يخرج عن سلطة الآخرين فشبه التملك بالاكل لان الذي تملك شيئأ يمنع الآخرين عن التصرف فيه وهذا التعبير دارج في جميع اللغات

والثاني ما المراد من الاضعاف المضاعفة؟ قال في الميزان: (يشير إلى الوصف الغالب في الربا فإنه بحسب الطبع يتضاعف فيصير المال أضعافا مضاعفة بإنفاد مال الغير و ضمه إلى رأس المال الربوي).[2] وقال في المجمع: (قيل في معناه قولان أحدهما أن يضاعف بالتأخير أجلا بعد أجل كلما أخر عن أجل إلى غيره زيد زيادة على المال و الثاني معناه تضاعفون به أموالكم‌)[3]

وهناك وجه ثالث ذكر في معنى الربا المضاعف وهو: القرض الذي يؤخذ الزيادة عنها بحسب الزمان و يؤخذ على الزائد بالربا ايضا الربح بحسب الزمان ويصبح الازياد تصاعدياً.

ورد في القرآن الكلام عن الربا في اكثر من موضع:

ثم في سورة البقرة التي هي مدنية آيات تحدّثْنا عنها سابقاً وانما نذكر نصوص الآيات هنا تذكيراً:

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَ مَنْ عَادَ فَأُولٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿275﴾ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَ اللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴿276﴾ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَ آتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿277﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴿278﴾فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَ لاَ تُظْلَمُونَ﴿279﴾ وَ إِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴿280﴾ [4]

الظاهر هذه الآيات هي الاولى التي نزلت فيها حرمة الربا، والظاهر ان الآيتين الاوّلتين من هذا المقطع تتحدث عن مساوي الربا و حكمة تحريمه و بقية الآيات نزلت لاصدار الحكم القطعي في حرمة الربا.

والربا كانت محرمة في جميع الاديان السماوية وقال الله في سورة النساء: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً﴿160﴾وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَا وَ قَدْ نُهُوا عَنْهُ وَ أَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾[5]

وقد شدد الاسلام في حرمة الربا وانما نذكر نماذج منها:

ومنها ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: دِرْهَمٌ رِبًا أَشَدُّ مِنْ سَبْعِينَ زَنْيَةً كُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ.[6]

و قريب من هذا المضمون روايات عديدة.

منها ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُلْوَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ص الرِّبَا وَ آكِلَهُ- وَ بَائِعَهُ وَ مُشْتَرِيَهُ وَ كَاتِبَهُ وَ شَاهِدَيْهِ [7]

 

وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو وَ أَنَسِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص فِي وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ ع قَالَ: يَا عَلِيُّ الرِّبَا سَبْعُونَ جُزْءاً- فَأَيْسَرُهَا مِثْلُ‌ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ- يَا عَلِيُّ دِرْهَمٌ رِبًا أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سَبْعِينَ زَنْيَةً- كُلُّهَا بِذَاتِ مَحْرَمٍ فِي بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَام باب 1 ص112[8]

وَ فِي عِقَابِ الْأَعْمَالِ بِسَنَدٍ تَقَدَّمَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ «5» عَنِ النَّبِيِّ ص فِي حَدِيثٍ قَالَ: وَ مَنْ أَكَلَ الرِّبَا مَلَأَ اللَّهُ بَطْنَهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ بِقَدْرِ مَا أَكَلَ- وَ إِنِ اكْتَسَبَ مِنْهُ مَالًا لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ- وَ لَمْ يَزَلْ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ وَ الْمَلَائِكَةِ مَا كَانَ عِنْدَهُ قِيرَاطٌ.[9]

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: بَلَغَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الرِّبَا- وَ يُسَمِّيهِ اللِّبَأَ، فَقَالَ لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ.[10]

ولعل السر في هذا الحكم ان حرمة الربا من ضروريات الاسلام فمن انكرها فقد ارتد عن الاسلام و حده القتل.

وقد ورد نصوص في علة تحريم الربا واثاره السلبية:

قال تعالى: في سورة الروم: ﴿وَ مَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَ مَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾[11]

سورة الروم من السور المكية وهذه الآية تتعرض للمقارنة بين الربا والزكاة ولعل مما اريد من قوله فلا يربوا عند الله اصل اقتصادي اي بالنظر الى جملة الاقتصاد لايزيد به شيءً بخلاف الزكاة فهي تؤثر في تنمية الانتاج. هذا مضافا الى المسائة الاخروية في الربا بل المساوي الدنيوية من التفكك الاجتماعي والتنافر بين الناس فان المدين يرى ان امواله سيق الى المرابي وقد لا يقدر على تأمين ما تقع عليه من الاموال و ينتهي امره الى السجن او بيع الضروريات في حياته و المحاسن الاخروية في الزكاة ون الجر والقرب الى الله والدنيوي من التاد والمحبة في ابناء المجتمع وقد اشير في بعض الروايات الى هذه الجهة واليك نماذج منها:

و روى الَكليني عن عدة من اصحابنا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ الرِّبَا- فِي غَيْرِ آيَةٍ وَ كَرَّرَهُ قَالَ أَ وَ تَدْرِي لِمَ ذَاكَ قُلْتُ لَا- قَالَ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ النَّاسُ مِنِ اصْطِنَاعِ الْمَعْرُوفِ .وَ رَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ[12]

و رواية اخرى رواه الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ عِلَّةِ تَحْرِيمِ الرِّبَا- فَقَالَ إِنَّهُ لَوْ كَانَ الرِّبَا حَلَالًا- لَتَرَكَ النَّاسُ التِّجَارَاتِ وَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ- فَحَرَّمَ اللَّهُ الرِّبَا لِتَنْفِرَ النَّاسُ مِنَ الْحَرَامِ إِلَى الْحَلَالِ- وَ إِلَى التِّجَارَاتِ مِنَ الْبَيْعِ وَ الشِّرَاءِ- فَيَبْقَى ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي الْقَرض.[13]

وهناك حيث مفصل عن الرضا عليه السلام تعرض فيها بختلف مناحي الربا واليك نصها:

باسناد الصدوق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُوسَى الرِّضَا ع كَتَبَ إِلَيْهِ فِيمَا كَتَبَ- مِنْ جَوَابِ مَسَائِلِهِ- وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا لِمَا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ- وَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسَادِ الْأَمْوَالِ- لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اشْتَرَى الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ- كَانَ ثَمَنُ الدِّرْهَمِ دِرْهَماً وَ ثَمَنُ الْآخَرِ بَاطِلًا- فَبَيْعُ الرِّبَا وَ شِرَاؤُهُ وَكْسٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ- عَلَى الْمُشْتَرِي وَ عَلَى الْبَائِعِ- فَحَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ الرِّبَا لِعِلَّةِ فَسَادِ الْأَمْوَالِ- كَمَا حَظَرَ عَلَى السَّفِيهِ أَنْ يُدْفَعَ إِلَيْهِ مَالُهُ- لِمَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهِ مِنْ فَسَادِهِ حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ- فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الرِّبَا وَ بَيْعَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ- وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا بَعْدَ الْبَيِّنَةِ- لِمَا فِيهِ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْحَرَامِ الْمُحَرَّمِ- وَ هِيَ كَبِيرَةٌ بَعْدَ الْبَيَانِ وَ تَحْرِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَهَا- لَمْ يَكُنْ إِلَّا اسْتِخْفَافاً مِنْهُ بِالْمُحَرَّمِ الْحَرَامِ- وَ الِاسْتِخْفَافُ بِذَلِكَ دُخُولٌ فِي الْكُفْرِ- وَ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الرِّبَا بِالنَّسِيئَةِ لِعِلَّةِ ذَهَابِ الْمَعْرُوفِ- وَ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَ رَغْبَةِ النَّاسِ فِي الرِّبْحِ- وَ تَرْكِهِمُ الْقَرْضَ وَ الْقَرْضُ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ وَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَ الظُّلْمِ وَ فَنَاءِ الْأَمْوَالِ[14] .

وَ فِي المجمع: ورد في ذيل قوله تعالى: ﴿لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً﴾ وَ وَجْهُ تَحْرِيمِ الرِّبَا هُوَ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ وَ ذُكِرَ فِيهِ وُجُوهٌ. مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ بِالْإِقْرَاضِ، وَ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَ هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.[15]

هذه نماذج من عشرات من الروايات التي وردت حول الربا لا مجال هنا لذكرها ودراستها. وقد تحدثنا ايضا حول الربا عند تفسير الآية 278 من سورة البقرة عند قوله تعالى: ﴿يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا ان كنتم مؤمنين﴾

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo