< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/09/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تفسير الموضوعي / تفسير آيات المصدرة ب"يا ايا الذين آمنوا /تفسير آية 107سورة البقرة

بحثنا في الليلة الماضية حول آيتين من هذا المقطع من سورة آل عمران وهما: قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا وَ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَ كُنْتُمْ عَلى‌ شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾[1]

كمّلنا البحث حول الآيتين واَودّ أن اضيف اليه نقطتين:

الاولى: أن اشير الى اعتراف وإعجاب بعض المحققين في التاريخ من غير المسلمين بالتغيير الجذري الذي حصل في مجتمع جزيرة العرب، هؤلاء الذين كانوا من التحجر الى درجة لم تستطع اي من الدولتين العظيمتين في ذاك العصر -ايران والروم- ان تترك اثرا في ثقافتهم وكانوا يعيشون نظام ملوك الطوائف متباغضون متقاتلون فيما بينهم بعيدا كل البعد عن الحضارة وكان فخرهم بالقتل والنهب و شن الاغارة ركبانا وفرساناً وثقافة الشعر الجاهلي شاهدة على هذا الأمر فاستطاع الاسلام ان يشكل منهم دولة حضارية مدنيّة.

قال: «جان ديون پورت» العالم الإنجليزي المشهور: «لقد حوّل محمّد العربي البسيط، القبائل المتفرقة و الجائعة، الفقيرة في بلدة إلى مجتمع متماسك منظم، امتازت، فيما بعد- بين جميع شعوب الأرض بصفات و أخلاق عظيمة و جديدة، و استطاع في أقلّ من ثلاثين عاماً و بهذا الطريق أن يتغلّب على الامبراطورية الرومانية، و يقضي على ملوك إيران، و يستولي على سوريا و بلاد ما بين النهرين، و تمتدّ فتوحاته إلى المحيط الأطلسي و شواطئ بحر الخزر و حتى نهر سيحان في جنوب شرقي آسيا الوسطى.

و قال توماس كارليل: «لقد أخرج اللّه العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور و أحيى به منها أمة خاملة لا يسمع لها صوت و لا يحس فيها حركة حتّى صار الخمول شهرة، و الغموض نباهة، و الضعة رفعة، و الضعف قوّة، و الشرارة حريقا، و شمَل نوره الأنحاء، و عم ضوؤه الأرجاء و ما هو إلّا قرن بعد إعلان هذا الدين حتّى أصبح له قدم في الهند، و أخرى في الأندلس، و عم نوره و نبله و هداه نصف المعمورة».

وقال «نهرو» العالم و السياسي الهندي في هذا الصدد قائلا: «إن قصة انتشار العرب في آسيا و أوروبا و أفريقيا و الحضارة الراقية و المدنية الزاهرة التي قدموها للعالم أعجوبة من أعجوبات التاريخ، و لقد كان محمّد واثقا بنفسه و رسالته، و قد هيأ بهذه الثقة و هذا الإيمان لأمّته أسباب القوّة و العزّة و المنعة».[2]

و قريب منها ما حصل في قرن العشرين للثورة الاسلامية في انتشارها السريع في قلوب الملايين من الناس في شرق العالم وغربها وكذلك التطور السريع في تقدم العلمي والسياسي والتقني رغماً لجميع المحاولات والمؤامرات من قبل الدول المستكبرة واذنابهم للحد منها واسقاطها: من الحرب المفروضة و تعتيم اخبارها وتشويه سمعتها والحصر الاقتصادي والسياسي لها فبفضل الله و بركة الاسلام و زعامة الدينية الواعية و ومساعدة الشعب الايراني الوفي أصبحت اليوم تساطح القوى العظمى وتعارضهم في جميع المجالات ويوم بعد يوم تثقل كفتها وكفة مواليها من المقاومات الاسلامية التي اقتدت بها، وتخف كفة معارضيها والحمد لله وليس كل ذلك الا من أثار وبركات الاعتصام بحبل الله والعود الى الاسلام المحمدي صلى الله عليه واله الاصيل.

ثم تأتي الآية الثالثة واالرابعة من هذا المقطع في متابعة المشوار كانها بصدد بيان اهم مصاديق الاعتصام بحبل الله جميعاً، لأنّه بيان للتضامن الاجتماعي.

قال تعالى: ﴿وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾[3]

بما ان الله امرنا بالاعتصام الجماعي فالأمّة الاسلامية لابد ان تكون كتلة واحدة فلابد لها من تضامن اجتماعي يحتفظ به كيان الأمّة وهذا التضامن يتحقق من خلال شعور عام بالمسؤولية كوقاية شاملة لجسد الامة و لذا قال تعالى: ﴿"وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

بما أن قوام النظام قائم على القيم و الموازين فمتوقف على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لانه هذين المبدئين يعتبران مراقبة مستمرة و رعاية دائمة لحفظ النظام، ولا يكفي مجرد اسم الاسلام و حفظ بعض الطقوس الدينية، فقد ورد في الكافي بسنده عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يُتَّبَعُ فِيهِمْ قَوْمٌ مُرَاءُونَ يَتَقَرَّءُونَ وَ يَتَنَسَّكُونَ حُدَثَاءُ سُفَهَاءُ لَا يُوجِبُونَ أَمْراً بِمَعْرُوفٍ وَ لَا نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ إِلَّا إِذَا أَمِنُوا الضَّرَرَ يَطْلُبُونَ لِأَنْفُسِهِمُ الرُّخَصَ وَ الْمَعَاذِيرَ يَتَّبِعُونَ زَلَّاتِ الْعُلَمَاءِ وَ فَسَادَ عَمَلِهِمْ يُقْبِلُونَ عَلَى الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ وَ مَا لَا يَكْلِمُهُمْ فِي نَفْسٍ وَ لَا مَالٍ وَ لَوْ أَضَرَّتِ الصَّلَاةُ بِسَائِرِ مَا يَعْمَلُونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَ أَبْدَانِهِمْ لَرَفَضُوهَا كَمَا رَفَضُوا أَسْمَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفَهَا، إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ ‌الْفَرَائِضُ هُنَالِكَ يَتِمُّ غَضَبُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ فَيَعُمُّهُمْ بِعِقَابِهِ فَيُهْلَكُ الْأَبْرَارُ فِي دَارِ الْفُجَّارِ وَ الصِّغَارُ فِي دَارِ الْكِبَارِ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ سَبِيلُ الْأَنْبِيَاءِ وَ مِنْهَاجُ الصُّلَحَاءِ فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ الْفَرَائِضُ وَ تَأْمَنُ الْمَذَاهِبُ وَ تَحِلُّ الْمَكَاسِبُ وَ تُرَدُّ الْمَظَالِمُ وَ تُعْمَرُ الْأَرْضُ وَ يُنْتَصَفُ مِنَ الْأَعْدَاءِ وَ يَسْتَقِيمُ الْأَمْرُ فَأَنْكِرُوا بِقُلُوبِكُمْ وَ الْفِظُوا بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ صُكُّوا بِهَا جِبَاهَهُمْ وَ لَا تَخَافُوا فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَإِنِ اتَّعَظُوا وَ إِلَى الْحَقِّ رَجَعُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ- إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّٰاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولٰئِكَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ هُنَالِكَ فَجَاهِدُوهُمْ بِأَبْدَانِكُمْ وَ أَبْغِضُوهُمْ بِقُلُوبِكُمْ غَيْرَ طَالِبِينَ سُلْطَاناً وَ لَا بَاغِينَ مَالًا وَ لَا مُرِيدِينَ بِظُلْمٍ ظَفَراً حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ وَ يَمْضُوا عَلَى طَاعَتِهِ قَالَ وَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى شُعَيْبٍ النَّبِيِّ ص أَنِّي مُعَذِّبٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنْ شِرَارِهِمْ وَ سِتِّينَ أَلْفاً مِنْ خِيَارِهِمْ فَقَالَ ع يَا رَبِّ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارُ فَمَا بَالُ الْأَخْيَارِ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيْهِ دَاهَنُوا أَهْلَ الْمَعَاصِي وَ لَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي).[4]

و هذه الآية تدعوا الى اقامة مشروع على مستوى الأمة الإسلامية بأن تقوم بهاتين الفريضتين دائما، و أن تكون أمة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر أبدا لأن فلاحها رهن هذا المشروع وهو قول الله تعالى: ﴿وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

ثم هناك بحث تطرّق اليه المفسرون في ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هل هو واجب عيني لكل افراد المجتمع او واجب كفائي لابد ان يتصدى له جمع من الناس؟

قال في المجمع: (أكثر المتكلمين على أنهما من فروض الكفايات و منهم من قال إنهما من فروض الأعيان و اختاره الشيخ أبو جعفر (ره)) و يظهر من الآية المبحوث عنها انها واجب كفائي حيث قال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ و مِنْ للتبعيض اي بعضكم و هم جماعة من المسلمين لا كافة المسلمين، و بهذا لا يكون الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجبا عامّا، بل وظيفة دينية تختص بفريق من المسلمين ومن ناحية أخرى ورد في الآية 110من هذه السورة: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ و هذا الخطاب يشمل جميع المسلمين، كما في سورة العصر: ﴿"إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ فالخارج من الخاسرين انما هو من تواصى بالحق والصبر و كذلك الروايات فيها: "من ترك انكار المنكر بقلبه ولسانه ويده فهو ميت بين الاحياء"

وعن كليني بسنده: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ص كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَتْ نِسَاؤُكُمْ- وَ فَسَقَ شَبَابُكُمْ وَ لَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ- وَ لَمْ تَنْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ- فَقِيلَ لَهُ وَ يَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- فَقَالَ نَعَمْ وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ- كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ- وَ نَهَيْتُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ- فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ يَكُونُ ذَلِكَ- قَالَ نَعَمْ وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ- كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَ الْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً.[5]

وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ص إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَيُبْغِضُ الْمُؤْمِنَ الضَّعِيفَ- الَّذِي لَا دِينَ لَهُ- فَقِيلَ وَ مَا الْمُؤْمِنُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا دِينَ لَهُ- قَالَ الَّذِي لَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ.[6]

وعند الإمعان في مجموعة هذه الآيات والروايات نستنتج باه يجب على جميع المسلمين ان يشعروا بالمسؤولية يوضح لنا الجواب، فإنه يستفاد منها أن «الأمر بالمعروف» و «النهي عن المنكر» مرحلتين: «المرحلة الفردية» التي يجب على كلّ واحد القيام بها بمفرده، إذ يجب عليه أن يراقب تصرفات الآخرين، و «المرحلة الجماعية» و هي التي تعتبر من مسؤولية الأمام ما يجري في المجتمع ولكن بعض الامور يؤثر في الامر او النهي من آحاد الناس فيجب على كل أحد ان لا يبخل بامره او نهيه باسلوب يراه مؤثراً ولكن بعض القضايا لا يمكن قيامها بافراد فيجب على امام المسلمين ان يعين جمعا بهم الكفاية ويعطيم الصلاحيات اللازمة حتى يرفعوا الفساد و يوجدوا الصلاح في المجتمع الاسلامي بمقار الميسور فاعمال الجيش والشرطة و الجامعات التعليمية والتربويه ورجال الدين في مواعضهم ووصاياهم كل ذالك من مصاديق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فالمراد من الامر والنهي لا يختص بطلب الشيء عمن هو دونه على سبيل الاستعلاء بل كل شيء داعي الى الصلاح فهو مصداق للامر بالمعروف وكل شيء رادع عن المعصية والفساد فهو مصداق للنهي عن المنكر فعلى الأمة، الاسلامية حيث أن تقوم بمعالجة كلّ الاعوجاجات و الانحرافات الاجتماعية، و تضع حدّا لها، بالتعاون بين أفرادها و أعضائها كافة. من خلال حكومة عادلة كما ان القرآن عند ما يقول: ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل وادة منهم مأة جلدة﴾ الخطاب الى المسلمين ولكن المنفذ لهذا الحكم هو امام المسلمين ن خلال اجهزتها القضائية والامنية وكثير من الاحكام شأنها هكذا

وقد روى الكليني بسنده عن مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَ سُئِلَ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ- أَ وَاجِبٌ هُوَ عَلَى الْأُمَّةِ جَمِيعاً؟ فَقَالَ: لَا- فَقِيلَ لَهُ وَ لِمَ؟ قَالَ: إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوِيِّ الْمُطَاعِ- الْعَالِمِ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الْمُنْكَرِ- لَا عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي سَبِيلًا إِلَى أَيٍّ- مِنْ أَيٍّ يَقُولُ مِنَ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ- وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْلُهُ ﴿وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ- وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ - فَهَذَا خَاصٌّ غَيْرُ عَامٍّ- كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ ﴿وَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ- أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ﴾ وَ لَمْ يَقُلْ عَلَى أُمَّةِ مُوسَى وَ لَا عَلَى كُلِّ قَوْمِهِ- وَ هُمْ يَوْمَئِذٍ أُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ- وَ الْأُمَّةُ وَاحِدٌ فَصَاعِداً- كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ‌ وَ جَلَّ ﴿إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ كٰانَ أُمَّةً قٰانِتاً لِلّٰهِ﴾- يَقُولُ مُطِيعاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْهُدْنَةِ مِنْ حَرَجٍ- إِذَا كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ وَ لَا عَدَدَ وَ لَا طَاعَةَقَالَ مَسْعَدَةُ وَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ وَ سُئِلَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ص- إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ مَا مَعْنَاهُ- قَالَ هَذَا عَلَى أَنْ يَأْمُرَهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ- وَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقْبَلُ مِنْهُ وَ إِلَّا فَلَا.[7] فثلاث شروط يذكها الفقهاء وجود في هذا الحديث العلم بالمعروف والمنكر، واحتمال الاثر والامن من الضرر، في مسألة الامن من الضرر لابد من ثقييم الموقف في ملاحظة تناسب الامر والنهي من ناحية الاثر والضرر المحتمل الذي يتوجه الى الآمر او الناهي. ففي بعض الموارد حتى اذا عرف انه سوف يقتل يجب عليه الاقدم بالامر والنهي فان الجاهاد من مصاديق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بينما لا يخلوا جهاد الا وفيه خطر الموت.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ- أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ- فَأَمَّا صَاحِبُ سَوْطٍ أَوْ سَيْفٍ فَلَا.[8]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo