< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/08/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التفسير الموضوعي/تفسير الآيات المصدرة بيا ايها الذين آمنوا /تفسير أيات 153 و 157من سورة البقرة

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ . وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُون‌ . وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ‌ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ . أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾. [1]

قد انتهينا عن البحث في الآيات الثلاثة الاولى من هذا المقطع الذي خاطب الله فيه المؤمنين

واليوم نتناول الآية الرابعة بالبحث حيث قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾ بما ان الله تعالى بشر الصابرين فهنا يعرّف الصابرين بانهم الذين يقولون "انا لله وانا اليه راجعون" وقطعا ليس المراد من هذا الكلام اجراءه على اللسان فقط بل المراد انهم يعتقدون بكل وجودهم ومن حاق قلوبهم انهم ملك للله وهم يرجعون اليه.

وهنا ينبغي ان نشير الى نقطة هامه وهي السر الذي استعمل هنا صيغة الفاعل من الرجوع لا الفعل فقال راجعون ولم يقل انا اليه نرجع، لان راجعون بمعنى نحن حقيقة لا يمكن لنا البقاء ولا بد من الرجوع الى الله ولو كان بصيغة المضارع انما كان مفيدا للاخبار عما يجري.

نعم من آمن ايمانا قلبيا واحساسيا على انه لله وهو راجع اليه فيرى نفسه في احضان اله رؤوف بعباده رحمن رحيم ارحم الراحمين فلا يبالي بما يرد عليه من المكاره والمصائب وهو يعرف كلها فضل من مولاه وانما قلقه من نفسه هل قام بواجبه في طريق السعادة والزلفى الى مولاه او لا؟

هنا نود ان نرتاض شيئا في رياض كلمات من اهل البيت عليهم السلام حول الاسترجاع:

فِي الْكَافِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ فَيَسْتَرْجِعُ عِنْدَ ذِكْرِهِ الْمُصِيبَةَ وَ يَصْبِرُ حِينَ تَفْجَأُهُ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَ كُلَّمَا ذَكَرَ مُصِيبَةً فَاسْتَرْجَعَ عِنْدَ ذِكْرِهِ الْمُصِيبَةَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ ذَنْبٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا[2] .

عَلِيٌّ بن ابراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنْ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَزِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: مَنْ ذَكَرَ مُصِيبَةً وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ، إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي عَلَى مُصِيبَتِي، وَ اخْلُفْ عَلَى أَفْضَلَ مِنْهَا كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا كَانَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ.[3]

عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ رَفَعَهُ قَالَ: جَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ يُعَزِّيهِ بِأَخٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ جَزِعْتَ فَحَقَّ الرَّحِمِ أَتَيْتَ، وَ إِنْ صَبَرْتَ فَحَقَّ اللَّهِ أَدَّيْتَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَحْمُودٌ، وَ إِنْ جَزِعْتَ جَرَى عَلَيْكَ الْقَضَاءُ وَ أَنْتَ مَذْمُومٌ فَقَالَ لَهُ الْأَشْعَثُ، إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَ تَدْرِي مَا تَأْوِيلُهَا! فَقَالَ الْأَشْعَثُ لَا أَنْتَ غَايَةُ الْعِلْمِ وَ مُنْتَهَاهُ، فَقَالَ لَهُ، أَمَّا قَوْلُكَ «إِنَّا لِلَّهِ» فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِالْمُلْكِ، وَ أَمَّا قَوْلُكَ «وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» فَإِقْرَارٌ مِنْكَ بِإِلَهِكَ.[4]

وروى الكليني في الصحيح عن عبد الله بن سنان وإسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله عز وجل: إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا فمن أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف، وما شئت من ذلك، ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا [فصبر] خ أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام قول الله تعالى ﴿" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم "﴾ فهذه واحدة من ثلاث خصال ﴿" ورحمة﴾ " اثنتان " ﴿وأولئك هم المهتدون﴾ " ثلاث، ثم قال: أبو عبد الله عليه السلام هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا.[5]

مجالس الصدوق والعيون: عن محمد بن القاسم المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي بن الناصر، عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن أبيه قال: نعي إلى الصادق عليه السلام إسماعيل وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه، فتبسم ثم دعا بطعامه، فقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه ويضع بين أيديهم،ويعجبون منه لا يرون للحزن في وجهه أثرا.

فلما فرغ قالوا: لقد رأينا منك عجبا أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما نرى؟

فقال: مالي لا أكون كما ترون، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوما عرفوا الموت فلم ينكروا ما يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل" [6]

- المحاسن: عن عبد الله بن حماد، عن أبي عمران عمر بن مصعب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: العبد بين ثلاث: بين بلاء وقضاء ونعمة، فعليه للبلاء من الله الصبر فريضة، وعليه للقضاء من الله التسليم فريضة، وعليه للنعمة من الله الشكر فريضة" [7]

مجالس المفيد: عن محمد بن عمر الجعابي، عن عبد الله بن بريد البجلي، عن محمد بن بواب الهبارى، عن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:

أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كان عصمته شهادة أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن إذا أنعم الله عليه بنعمة قال الحمد لله، ومن إذا أصاب ذنبا قال أستغفر الله، ومن إذا أصابته مصيبة قال: إنا لله وإنا إليه راجعون"[8]

مجالس المفيد: باسناده إلى هاشم بن محمد في خبر طويل قال: لما وصل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وفاة الأشتر جعل يتلهف ويتأسف عليه، ويقول: لله در مالك، لو كان من جبل لكان أعظم أركانه، ولو كان من حجر كان صلدا، أما والله ليهدن موتك، فعلى مثلك فلتبك البواكي، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين، إني أحتسبه عندك: فان موته من مصائب الدهر. فرحم الله مالكا قد وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن نصبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وآله، فإنها أعظم المصيبة" [9]

عن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود ابن فرقد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إن فيما ناجى الله به موسى بن عمران أن: يا موسى ما خلقت خلقا هو أحب إلى من عبدي المؤمن وإني إنما أبتليه لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عبدي. وليصبر على بلائي وليشكر نعمائي وليرض بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي، إذا عمل بما يرضيني وأطاع أمري"[10]

هنا نكتفي بالبحث في هذا المقطع من الآيات و ان شاء الله في الاسبوع القادم ننتقل الى مقطع جديد مما تصدرت بقوله: "ياايها الذين آمنوا"

 


[5] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص92.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo