< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: تفسير الموضوعي / تفسير آيات المصدرة ب"يا ايا الذين آمنوا /تفسير آية 154 سورة البقرة

كان بحثنا في عالم البرزخ بمناسبة قوله تعالى مخاطبا للمؤمنين: ﴿"وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾[1]

وقد ارتعنا في الأسبوع الماضي في حقل الروايات ومررنا على عدد منها واليوم ننظر الى قسم آخر منها وبما ان عالم البرزخ شيء خارج عن إدراك الانسان في هذه الدنيا نكتفي بذكر روايات تخبرنا عن تلك الحالات حتى نعيش هالة منها.

ورد في الكافي باب بعنوان بَابُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُكْرَهُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ:‌ روى الكليني عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ هَلْ يُكْرَهُ الْمُؤْمِنُ عَلَى قَبْضِ رُوحِهِ قَالَ لَا وَ اللَّهِ إِنَّهُ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِهِ جَزِعَ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَقُولُ لَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يَا وَلِيَّ اللَّهِ لَا تَجْزَعْ فَوَ الَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً ص لَأَنَا أَبَرُّ بِكَ وَ أَشْفَقُ عَلَيْكَ مِنْ وَالِدٍ رَحِيمٍ لَوْ حَضَرَكَ افْتَحْ عَيْنَكَ فَانْظُرْ قَالَ وَ يُمَثَّلُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ ع فَيُقَالُ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ الْأَئِمَّةُ ع رُفَقَاؤُكَ قَالَ فَيَفْتَحُ عَيْنَهُ فَيَنْظُرُ فَيُنَادِي رُوحَهُ مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَقُولُ- يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ- ارْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً بِالْوَلَايَةِ مَرْضِيَّةً بِالثَّوَابِ فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي يَعْنِي مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ ادْخُلِي جَنَّتِي فَمَا شَيْ‌ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي.[2]

و روى عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع إِذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْكَلَامِ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ص عَنْ يَمِينِهِ وَ الْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص أَمَّا مَا كُنْتَ تَرْجُو فَهُوَ ذَا أَمَامَكَ وَ أَمَّا مَا كُنْتَ تَخَافُ مِنْهُ فَقَدْ أَمِنْتَ مِنْهُ ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولُ هَذَا مَنْزِلُكَ مِنَ الْجَنَّةِ فَإِنْ شِئْتَ رَدَدْنَاكَ إِلَى الدُّنْيَا وَ لَكَ فِيهَا‌ ذَهَبٌ وَ فِضَّةٌ فَيَقُولُ لَا حَاجَةَ لِي فِي الدُّنْيَا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْيَضُّ لَوْنُهُ وَ يَرْشَحُ جَبِينُهُ وَ تَقَلَّصُ شَفَتَاهُ وَ تَنْتَشِرُ مَنْخِرَاهُ وَ تَدْمَعُ عَيْنُهُ الْيُسْرَى فَأَيَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ رَأَيْتَ فَاكْتَفِ بِهَا فَإِذَا خَرَجَتِ النَّفْسُ مِنَ الْجَسَدِ فَيُعْرَضُ عَلَيْهَا كَمَا عُرِضَ عَلَيْهِ وَ هِيَ فِي الْجَسَدِ فَتَخْتَارُ الْآخِرَةَ فَتُغَسِّلُهُ فِيمَنْ يُغَسِّلُهُ وَ تُقَلِّبُهُ فِيمَنْ يُقَلِّبُهُ فَإِذَا أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ وَ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ خَرَجَتْ رُوحُهُ تَمْشِي بَيْنَ أَيْدِي الْقَوْمِ قُدُماً وَ تَلْقَاهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَ يُبَشِّرُونَهُ بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنَ النَّعِيمِ فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ رُدَّ إِلَيْهِ الرُّوحُ إِلَى وَرِكَيْهِ ثُمَّ يُسْأَلُ عَمَّا يَعْلَمُ فَإِذَا جَاءَ بِمَا يَعْلَمُ فُتِحَ لَهُ ذَلِكَ الْبَابُ الَّذِي أَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ نُورِهَا وَ ضَوْئِهَا وَ بَرْدِهَا وَ طِيبِ رِيحِهَا قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيْنَ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ فَقَالَ هَيْهَاتَ مَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا شَيْ‌ءٌ وَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لَتَفْتَخِرُ عَلَى هَذِهِ فَيَقُولُ وَطِئَ عَلَى ظَهْرِي مُؤْمِنٌ وَ لَمْ يَطَأْ عَلَى ظَهْرِكِ مُؤْمِنٌ وَ تَقُولُ لَهُ الْأَرْضُ وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أُحِبُّكَ وَ أَنْتَ تَمْشِي عَلَى ظَهْرِي فَأَمَّا إِذَا وُلِّيتُكَ فَسَتَعْلَمُ مَا ذَا أَصْنَعُ بِكَ َفتَفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ.[3]

و روى بسنده عن أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا وَقَعَتْ نَفْسُهُ فِي صَدْرِهِ يَرَى قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ وَ مَا يَرَى قَالَ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ ص فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَبْشِرْ ثُمَّ يَرَى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع فَيَقُولُ أَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي كُنْتَ تُحِبُّهُ تُحِبُّ أَنْ أَنْفَعَكَ الْيَوْمَ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَ يَكُونُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَرَى هَذَا ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا قَالَ قَالَ لَا إِذَا رَأَى هَذَا أَبَداً مَاتَ وَ أَعْظَمَ ذَلِكَ قَالَ وَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- الَّذِينَ آمَنُوا وَ كٰانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرىٰ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ فِي الْآخِرَةِ لٰا تَبْدِيلَ لِكَلِمٰاتِ اللّٰهِ.[4]

ثم ورد في تنوع احوال الناس عند موتهم عن امام زَيْنُ الْعَابِدِينَ عليه السلام انه قال: أَشَدُّ سَاعَاتِ ابْنِ آدَمَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ السَّاعَةُ الَّتِي يُعَايِنُ فِيهَا مَلَكَ الْمَوْتِ ع وَ السَّاعَةُ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا مِنْ قَبْرِهِ وَ السَّاعَةُ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَ إِمَّا إِلَى النَّارِ ثُمَّ قَالَ إِنْ نَجَوْتَ يَا ابْنَ آدَمَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فِي مَقَامِ الْقِيَامَةِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ يَا ابْنَ آدَمَ حِينَ تُوضَعُ فِي قَبْرِكَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِينَ يُحْمَلُ النَّاسُ عَلَى الصِّرَاطِ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ وَ إِنْ نَجَوْتَ حِينَ يَقُومُ النّٰاسُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ فَأَنْتَ أَنْتَ وَ إِلَّا هَلَكْتَ ثُمَّ تَلَا- وَ مِنْ وَرٰائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ هُوَ الْقَبْرُ وَ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ اللَّهِ إِنَّ الْقَبْرَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الو أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ‌[5]

ورد في تفسير القمي ما فيه إضاعة على وضع الناس في البرزخ وهذا التفسير مبني على ما ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام قال : (أما الرد على من أنكر الثواب والعقاب» فقوله ﴿«يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ- فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ﴾ و أما قوله ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إنما هو في الدنيا- فإذا قامت القيامة تبدل السماوات و الأرض- و قوله ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا﴾ فالغدو و العشي إنما يكون في الدنيا في دار المشركين و أما في القيامة فلا يكون غدوا و لا عشيا قوله ﴿لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا﴾ يعني في جنان الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين- فأما في جنات الخلد فلا يكون غدوا و لا عشيا- و قوله ﴿مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى‌ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ فَقَالَ الصَّادِقُ ع الْبَرْزَخُ الْقَبْرُ وَ فِيهِ الثَّوَابُ وَ الْعِقَابُ بَيْنَ الدُّنْيَاْ جَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِوَ الْآخِرَةِ. والدليل على ذلك أيضا قَوْلُ الْعَالِمِ ع وَ اللَّهِ مَا نَخَافُ عَلَيْكُمْ إِلَّا الْبَرْزَخَ [6]

و على وزان الآية المبحوث عنها قوله تعالى: ﴿"وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً- بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ- فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ- وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ"﴾ وقد ورد في تفسير القمي عن الصَّادِقُ عليه السلام انه قال: يَسْتَبْشِرُونَ وَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ بِمَنْ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا.و مثله كثير مما هو رد على من أنكر عذاب القبر.[7]

و نكتفي بهذا المقدار في هذه الآية حرصا للاختصار والتقدم في البحث ومعكم ان شاء الله في الآية الثالثة من هذا المقطع.

 

 


[2] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص127.
[3] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص129.
[4] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج3، ص135.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo