< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

42/03/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الآيات الاخيرة من سورة الاسراء/تفسير /آية105

 

بعد الانتهاء من الآية 105 نأتي الى قول الله: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‌ مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً﴾[1]

ان هذه الآية المباركة عطف على الآية السابقة حيث قال: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً﴾[2] ردّاً على شبهة قد كان تصدر ممن أراد انكار القرآن مضمونها: لماذا لم ينزل القرآن دفعة واحدة على الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ؟ كما أشارت إليها الآية (32) من سورة الفرقان حيث تقول: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا﴾[3] فجائت هذه الآية في جواب هؤلاء وقال: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‌ مُكْثٍ﴾ هذه الآية تحكي عن النزول الذي كان للقراءة على الناس وهناك نزول أخرى على قلب رسول الله لتنوير قلبه بنور الانزال قال تعالى: ﴿انا انزلناه في ليلة القدر﴾[4] كما قال أيضا: انا انزلناه في ليلة مباركة ان كنا منذرين، فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا ومن أجل تأكيد أكثر تبيّن الآية- بشكل قاطع- أنّ جميع هذا القرآن أنزلناه نحن: ﴿وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا﴾.

وقال تعالى: ﴿وَهٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾[5] فوصف الكتاب بالمبارك أولا وكونه مصدقا للكتب السماوية ثانيا، و و لاتذار ام القري أي المكة المكرمة و حولها و لعل خصوصية مكة كونها محورا للمنطقة و هم اهل النخوة والتكبر و الجهل فهدايتهم صعب و يؤثر في سائر المناطق ثم بين ان هذا الكتاب هادي لمن يخاف الله ويؤمن بالقيامة يواظب على عبادته، و لكن من انكر المعاد واتخذ موضع المعادي ولا يريد الهداية لا يهتدي بالقرآن.

وقال تعالى ﴿و هٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَ اتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[6] هذه الآية قريب المعنى لسابقتها.

وهناك آيات تركز على وضوح القرآن قال تعالى: ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾[7] ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[8] كونه عربيا بمعنى يعرب عن معانيه فانزل الله واضحا كي يتعقلوه.

وقال تعالى: ﴿وَكَذٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ﴾[9] وبهذا التعبير يقطع رجاء هؤلاء الذين كاتوا يضغطون على النبي صلى الله عليه واله ليندرج في القرآن ما يرضيهم في باطلهم.

وقال تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾[10]

ترسم هذه الآية المباركة خط السعادة و الفوز امام الناس بواسطة القرآن.

وهناك آيات قرآنية تستحق الوقوف عندها نكتفي بذكر نصوصها رعاية للاختصار و نكل الامر اليكم لتدبروا معانيها العالية و تتلقوا رسالاتها السامية

وهي قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلاَ يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾[11]

و قوله تعالى: ﴿وَ هٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَ فَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ [12]

و قوله تعالى: ﴿وَ كَذٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَ أَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ﴾ [13]

و قوله تعالى: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَ فَرَضْنَاهَا وَ أَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [14]

وقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبَابِ﴾[15]

وقوله تعالى: ﴿حم﴾[16] ﴿والكتاب المبين﴾[17] ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾[18] ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾[19] ﴿أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾[20] ﴿رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[21]

وقوله تعالى: ﴿طه﴾[22] ﴿مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ [23] ﴿إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾[24] ﴿تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾[25]

وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[26] ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾[27] ﴿عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾[28] ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [29]

وقال تعالى: ﴿الم﴾[30] ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[31] ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾[32]

وقال تعالى: ﴿يس﴾[33] ﴿وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [34] ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾[35] ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[36] ﴿تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ [37]

إنّ القرآن كتاب السماء إلى الأرض، وهو أساس الإسلام ودليل لجميع البشر، والقاعدة المتينة لجميع الشرائع القانونية والاجتماعية والسياسية والعبادية لدنيا المسلمين، لذلك فإنّ شبهة هؤلاء في عدم نزوله دفعة واحدة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يجاب عليها من خلال البيان الآتي:

بالرغم من أنّ القرآن هو كتاب، إلّا أنّه ليس كسائر الكتب المؤلّفة منظّماً على فصول و أبواب ليعرض موضوعا معيناً، بل القرآن له ارتباط وثيقة بمجريات الامور طيلة نبوة النبي صلى الله علبه واله: مكية ومدنية ثلاث وعشرين سنة، أراد أن يعالج كل قضية في اوانها و لذا له نزول دفعي على قلب رسول الله وتدريجي في أوان الحاجة اليها ففيه آيات تتعلق بالغزوات، و فيه آيات تختص بالمنافقين، و منه آيات ترتبط بالوفود التي كانت تفد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم. و منها آيات تتعلق بالأحكام العبادية والقضائية و الاقتصادية والحقوقية وكان من الضرولي تتم تلك الاحكام في زمن تواكب تقدم المسلمين والحكومة الاسلامية فلم تكن مصلحة لعرضه على الناس دفعة واحدة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo