< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث التفسیر

40/09/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : سورة لقمان

"﴿وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ . وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَ هُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾[1] "(لقمان12-13)

قد انتهينا من بيان الآية الاولى من هذا المقطع من سورة لقمان، الآية الثانية تفتتح بقوله تعالى: "و اذ" وهو للتنبيه أي اذكر اذ قال لقمان وهذا التنبيه يأتي لأهمية المنتبه اليه و توصية الاهل ولا سيما الابن كل امرا دارجاً في اوساط الاولياء والعظماء حتى اصبح كثير من العلماء عندما كانوا يريدون ان يقدموا كتابا او بياناً يفيد لعامة الناس كانوا يخاطبون ابنائهم بذلك فرسالة امير المؤمنين عليه السلام الى ابنه الحسن عليه السلام مشهورة وفيها معارف و علوم وسنن كثيرة و عندما نراجع الى بعض كتب العلماء السابقين نرى انهم الفوا كتابهم مخاطبا لابنهم، وهذا كان سنة جميلة وهي مشعرة بلزوم الاهتمام في التربية والتعليم بالأقربين فانهم اولى بالمعروف والله تعالى يقول: "قو انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة" وكثيرا ما نجدنا لا نهتم باهلنا بينما نهتم بالآخرين و نبلغ فيهم وكم من علماء كبار كان لهم ولد فاسد لانهم لم يجدوا مجالا لتربية اولادهم

ولكن في العقود الأخرة خرجت هذه السنة الى وادي اخر عند كثير من المؤلفين فيقدمون كتبهم لمن لا ينتفع منها في مضمونه فيقدمون الى بعض الائمة عليهم السلام او الى ارواح الشهداء إلى امّهِم الحنونة وهي لعلّها لا تستطيع قراءتها ولو كانت في قيد الحياة، وهذه السنّة لا بأس بها اذا كان بنية اعطاء ثواب التأليف او النشر له، او لإحياء ذكراه،

وعلى كل حال قدم لقمان موعظته الى ابنه والله تعالى ادرجها في كتابه لأن تعم به المنفعة و هذا ان دل على شيءٍ فإنما يدل على مكانة لقمان عند الله تعالى.

ثم هناك سؤال يطرح نفسه وهو ما فائدة قوله تعالى: "وهو يعظه" ولو لم يأت بها هل كان قصورا في الكلام، ما خطر ببالي انه اراد ان يقول لم يكن هذا الكلام من باب النهي عن المنكر فان ابنه لم يكن مشركا حتى ينهاه ولكنه من باب الموعظة حتى لا يقع في الشرك ولو الخفي منه فان الشرك على اقسام وعلى درجات ينبغي لنا التحرز منها عن جميع اقسامه ومراتبه. قال تعالى: "وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون" وهذا الامر خطر ببالي ثم فحصت التفاسير فوجدت انهم لم يلتفتوا الى هذا السؤال وانما بينوا انه قال في حال الوعظ وقد رأيت في بعض تفاسير العامة نسبة الشرك ال ابن لقمان واهله ولم يذكروا لهذا الادعاء مستندا والظاهر كان هذا الكلام اجتهاد منهم من هذه الآية زعما منهم ان النهي عن الشرك ملازم لشرك من وجه اليه النهي وهوكما ترى.

ثم ان قوله تعالى: ان الشرك لظلم عظيم، اولا ظللم عظيم الى النفس حيث حرمها من التوحيد

فِي مَنْ لَا يَحْضُرُهُ الْفَقِيهُ فِي الْحُقُوقِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَقُّ اللَّهِ الْأَكْبَرُ عَلَيْكَ أَنْ تَعْبُدَهُ وَ لَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِإِخْلَاصٍ جَعَلَ لَكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكْفِيَكَ أَمْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ.[2]

فِي أُصُولِ الْكَافِي يُونُسُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: إِنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ وَ الْيَأْسَ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ وَ الْأَمْنَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَ قَدْ رُوِيَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ.

23- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ الْجَهْمِ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ ظُلْمٌ يَغْفِرُهُ‌ اللَّهُ، وَ ظُلْمٌ لَا يَغْفِرُهُ وَ ظُلْمٌ لَا يَدَعُهُ اللَّهُ، فَأَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ فَالشِّرْكُ وَ أَمَّا الظُّلْمُ الَّذِي يَغْفِرُهُ فَظُلْمُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ، فَأَمَّا الَّذِي لَا يَدَعُهُ فَالْمُدَايَنَةُ بَيْنَ الْعِبَادِ[3] .

ثم ان الشرك له اطوار مختلفة و مراتب متفاوتة:


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo