47/06/23
بسم الله الرحمن الرحیم
شك الامام والمأموم/الشكوك التي لا اعتبار بها /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/الشكوك التي لا اعتبار بها /شك الامام والمأموم
كان بحثنا في الجلسة السابقة من الشكوك التي لا اعتبار بها في قول المصنف:
(السادس: شكّ كلّ من الإمام والمأموم مع حفظ الآخر، فإنّه يرجع الشاكّ منهما إلى الحافظ، لكن في خصوص الركعات لا في الأفعال حتّى في عدد السجدتين، ولا يشترط في البناء على حفظ الآخر حصول الظنّ للشاكّ فيرجع وإن كان باقياً على شكّه على الأقوى ولا فرق في المأموم بين كونه رجلًا أو امرأة عادلًا أو فاسقاً واحداً أو متعدّداً والظانّ منهما أيضاً يرجع إلى المتيقّن، والشاكُّ لا يرجع إلى الظانّ، إذا لم يحصل له الظنّ).
قد فرغنا في الأيام الماضية في لزوم رجوع كل من الامام والمأموم الى الاخر عند شكه في عدد الركعات وكان الخلاف في انه هل يختص هذه المتابعة بينهما عند الشك في عدد الركعات كما عليه المصنف او يشمل الشك كل منهما في سائر أجزاء الصلاة ايضاً؟ واستندوا في هذا القول بروايات لم يتم دلالتها على جواز رجوع كل من الامام والمأموم عند الشك في سائر أجزاء الصلاة الى الآخر الا صحيحة حفص وثبت في بحثنا تمامية دلالة صحيحة الحفص على التعميم ولكن ناقش بعض الفقهاء في دلالتها واليوم نريد دراسة تلك الاقوال كي نرى مدى مصداقيتها:
منها: ما ذكره المحقّق الهمداني في مصباح الفقيه، من اضطراب الصحيحة وتشويشها، قال: (أمّا رواية ابن البختري فهي في حدّ ذاتها متشابهة، وغاية ما يمكن استفادته منها ببعض القرائن الداخلية والخارجية إنّما هو إرادة الشكّ في الركعات). [1]
ولكن يرد عليه بنفي التشابه فيما نريد ان نستفيد منه التعميم لأجزاء الصلاة، فإنّها واضحة الدلالة
على عموم المتابعة حيث قال: "لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ" وهذه الفقرة تكفينا للتمسك بها للقول بالتعميم لسائر أجزاء الصلاة.
نعم يمكن القول بان في قوله عليه السلام في قسم الأخير من الرواية شيء من الإبهام حيث قال: "وَلَا عَلَى السَّهْوِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى الْإِعَادَةِ إِعَادَةٌ" ولكن من المحتمل ان قوله "لا على السهو سهو" يعني من سهى في صلاته ثم اتى بصلاة الاحتياط او سجدتي السهو او قضاء السجدة او قضاء التشهد، اذا سها في كل واحد منها لا يعتني بشكه، كما ان من كان واجبه إعادة الصلاة لسهو منه فوقع في صلاته المعادة سهو لا يعتني بشكه فيها، أي لا يجب اعادتها.
وعلى كل حال اذا حصل عند المأموم شك في بعض الاعمال والامام حافظ له فان حصل عند المأموم من فعل الامام يقين بصحة ما بني عليه الامام فلا شك في جواز المتابعة، وكذلك اذ حصل له ظن، لانّ الظن في أفعال الصلاة بحكم اليقين، وهو الذي يحصل عادة، وامّا اذا لم يحصل له الظن ايضاً وبقي على حالة شكه فان كان متابعته للأمام موافق لوظيفة الشاك فلا ترد شبهة في صلاته، كما اذا شك في انه اتى بسجدة واحدة او اثنين والامام سجد فيسجد مع الامام ولا ضير عليه، ولكن ان كان متابعة الامام خلاف وظيفة الشاك كما اذا شك في إتيان السجدة الثانية والامام دخل في التشهد او تحرك الى القيام، فرعاية الاحتياط تقتضي متابعة الامام عملا بصحيحة حفص وبعد الانتهاء من الصلاة إعادتها.
ومن الشبهات التي اوردوها في دلالة صحيحة حفص على متابعة الأجزاء ايضا: دعوى أنّ السهو في هذه النصوص التي هي بلسان واحد لا يُراد منه إلّا الشك في الركعات خاصّة. فهذه الكلمة في حدِّ نفسها منصرفة إليه، فلا تعرض فيها لحكم الشك في الأفعال.
ويدفعها: أنّ لفظ السّهو الوارد في النصوص بأجمعها لم يستعمل إلّا في ذات الشك، لا في خصوص الشك في الركعات. نعم، كثيراً ما يستعمل في هذا المورد مثل ما ورد من أنّه ليس في الركعتين الأُوليين اللّتين هما من فرض اللّٰه سهو، وليس في المغرب سهو، ولا في الفجر سهو، ونحو ذلك من الموارد التي يعلم ولو بالقرينة الخارجية إرادة الشك في الركعات. إلّا أنّ ذلك مورد للاستعمال، لا أنّه المستعمل فيه اللّفظ. فلا يمنع من استعمال اللفظ في غير تلك الموارد.
ثم قال المصنف: (ولا يشترط في البناء على حفظ الآخر حصول الظنّ للشاكّ فيرجع وإن كان باقياً على شكّه على الأقوى)
والوجه في ذلك أولاً: ان الأدلة التي دلت على متابعة كل من الامام والمأموم في مورد شكه الى الأخر لم يرد في شيء منها لزوم حصول الظن عند التابع،
ثانياً: المسألة متسالم عليها عند الفقهاء ولو تعبير المصنف في قوله على الأقوى مشعر بوجود قول المخالف، ولم نعرف من فقهائنا من يشترط لزوم حصول الظن للإمام او المأموم لمتابعة عمل الآخر، كما ان في قاعدة اليد لا يشترط حصول الظن بصدقه سواء ادعى ملكيته او طهارة شيء او نجاسته مما تحت يده.
ثالثاً: لو حصل له الظن فهو يتبع ظنه لان الظن في الصلاة بمنزلة العلم فيخرج من عنوان متابعة صلاة الامام او العك
قال المصنف: (لا فرق في المأموم بين كونه رجلًا أو امرأة عادلًا أو فاسقاً واحداً أو متعدّداً)
لإطلاق ادلة متابعة الامام للمأموم والمأموم للإمام، اما صحيحة حفص فإطلاقها واضحة حيث ورد فيها: "لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ وَلَا عَلَى مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ" فيشمل الشك في سائر الأجزاء ويشمل الامام أيّا كان والمأموم أيّا كان ولكن الامامة لا يصح عن الفاسق ولا عن المرأة للرجال ولعله خص المصنف ذكر المأموم. وإذا كان المأموم ظن عدالة الامام فان قلنا ان اشتراط العدالة شرط حقيقي فالذي صلى خلف الفاسق بزعم انه عادل جماعته باطلة ولكن صلاته صحيحة لانه لم يخل في صلاته الا بفقد القراءة وبما ترك القراءة جهلا بالموضوع ليس عليه شيء وان قلنا ان العدالة شرط علمي او ذكري فجماعته أيضا صحيحة. اما بالنسبة الى كفاية مأموم واحد نتابع المسألة غدا ان شاء الله.