47/04/12
بسم الله الرحمن الرحیم
المسألة الخامسة من موجبات سجدتي السهو/موجبات سجدة السهو واحكامها /كتاب الصلاة
الموضوع: كتاب الصلاة/موجبات سجدة السهو واحكامها /المسألة الخامسة من موجبات سجدتي السهو
(مسألة 5): لو سجد للكلام فبان أنّ الموجب غيره فإن كان على وجه التقييد وجبت الإعادة (1) و إن كان من باب الاشتباه في التطبيق أجزء).
.(1) قال الشيخ الجواهري:(لا يبعد الإجزاء مطلقاً). وقال السيد الخوئي: (الظاهر أنّها لا تجب ولا أثر للتقييد هنا). وقال السيد الشيرازي: (بل لا يبعد الاكتفاء به).
الظاهر أنّ من يأتي بسحدتي السهو بنية الكلام بزعم ان الذي صدر عنه واوجب عليه سجدة السهو هو كان كلام زائد، فينويه في سجدة سهوه، والواقع انه مثلاً ارتكب قيام في غير محله، ما اوجب عليه سجدة السهو، فهذا مصداق للخطاء في النطبيق، نعم اذا هو يعلم لم يصدر منه كلام زائد ومع ذلك نواه تشريعاً، فسجدة سهوه باطلة، لانّه شرّع مالم يكن في الشرع، وهو تشريع محرم.
قال المصنف: (مسألة 6): يجب الإتيان به فوراً (1) فإن أخّر عمداً عصى ولم يسقط، بل وجبت المبادرة (2) إليه وهكذا، ولو نسيه أتي به إذا تذكّر وإن مضت أيّام، ولا يجب إعادة الصلاة، بل لو تركه أصلًا لم تبطل على الأقوى).
تعليقات:
.(1)قال الشيخ آقا ضياء: (في الفورية نظر جدّاً لعدم الدليل مع قيام الأصل عليه).
وقال السيد الحكيم: (على الأحوط).
(2) قال السيد الخوئي: (على الأحوط.).
هنا نأتي بدراسة المسألة فقهياً، يمكن تلخيص ما أراده المصنف: ان السيد يرى ان سجدتي السهو واجب فوري موسّع كصلاة الآيات للزلازل، فيجب على المكلف مباددرة الى صلاة الآيات عند الزلازل ولكنه لو لم يأت بها مباشرة سواء كان عن عذر او عن استهانة بها وتقصيراً في أداء التكليف وهو عصيان لله تعالى ويجب عليه اتيانها بنية الأداء ولا تصبح فضائاً.
ولا يخفى ان في وجوب سجدتي السهو ثلاثة اقوال:
احدها: انها واجب فوري موسع، كصلاة الآيات عند الزلازل وهو الأشهر وذهب اليه المصنف ايضاً، فمن اخرها من بعد انتها الصلاة فهو عاصي ولكن متى اداها لا ينوي القضاء.
والقول الثاني: أنّها ليست واجباً فورياً، بل هي واجب موسع متى صلاها فهي أداء كقضاء الصلوات اليومية، ولكن لاينبغي التهاون في أدائها.
والقول الثالث: انها واجب فوري مضيق كردّ السلام. اذا لم يأت بها بعد تسليم الفريضة ارتكب معصية ولكن تسقط عنه.
فأصل الوجوب لا نقاش فيه وقد بحثنا عن ادلته سابقاً واما فورية وجوبه فاستدلوا عليه بوجوه:
منها: ان صيغة الامر تفيد فورية وجوب الامتثال فإذا امر المولى عبده بشيء يجب امتثاله فوراً.
ويرد عليه ان صيغة الامر موضوعة لمطلق الطلب كما هو المعروف عند المحققين من الفقهاء فنفس الأمر لا يدل على الفورية ولا التراخي وانما زمن انفاذه يستفاد من القرائن، مثلاً اذا قال اسقني ماء فهو ظاهر في الفورية واذا قال اشتر لي خبزا فظاهرها لزوم تهيئة الخبز لأول موعد من الطعام، واذا قال اشتر لي سيارة فمعناه في هذه الأيام أسبوعاً او أكثر واذا قال اشتر لي بيتا فهو ظاهر لمدة اكثر شهر او اكثر منه وهكذا..
وأيضا استدلوا بروايات:
أحدها: صحيحة عبد الله بن سنان واليك نصها:
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: "إِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي أَرْبَعاً صَلَّيْتَ أَمْ خَمْساً- فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ تَسْلِيمِكَ ثُمَّ سَلِّمْ بَعْدَهُمَا".[1]
سندها صحيح و مفردة -بعد- في قوله عليه السلام: "بعد تسليمك" ظاهر في المباشرة القريبة فانّ المنسبق إلى الذهن منها المبادرة بحيث يصدق عرفا انه اتى بها فورا بعد تسليم الفريضة نعم لا يجب الفورية العقلية ولكن اذا تأخر ساعات او بعد ما جاء بالنوافل وامثال ذلك لا يقال انه أتى بها بعد تسليم الفريضة.
ثانيها: صحيحة زرارة: رواها الكليني عَنْ علي بن إبراهيم عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله: "إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ- فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ- وَ سَمَّاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله الْمُرْغِمَتَيْنِ"[2] .
سندها صحيح، وظاهر الامر بالسجدتين حال جلوسه بعد تسليم الصلاة وهو الفورية العرفية.
ثالثها: صحيحة ابي بصير: رواها الكليني عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: "إِذَا لَمْ تَدْرِ خَمْساً صَلَّيْتَ أَمْ أَرْبَعاً- فَاسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ تَسْلِيمِكَ وَأَنْتَ جَالِسٌ- ثُمَّ سَلِّمْ بَعْدَهُمَا".[3]
في سنده شعيب ولو ان في الروات عدة راوي مسمى بشعيب ولكن الأرجح ان شعيب هنا اما شعيب ابن اعين وقد وثقه الشيخ والنجاشي واما شعيب بن يعقوب العقرقوفي وهو أيضا موثق لانهما الأشهر في المسميات بشعيب.
واما الدلالة ففيها قوله: "بَعْدَ تَسْلِيمِكَ وَأَنْتَ جَالِسٌ" فتوفر فيها جهتين: مفردة -بعد- ومفردة -وانت جالس- فدلالتها على الفورية العرفية اقوى من غيرها.
رابعها: موثقة عبد الله بن ميمون عن الشيخ وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ ع قَالَ: سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَ قَبْلَ الْكَلَامِ.[4]
ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا لَمْ تَدْرِ أَرْبَعاً صَلَّيْتَ أَمْ خَمْساً- أَمْ نَقَصْتَ أَمْ زِدْتَ فَتَشَهَّدْ وَسَلِّمْ- وَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بِغَيْرِ رُكُوعٍ وَلَا قِرَاءَةٍ- يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا تَشَهُّداً خَفِيفاً.[5]
سندها صحيح ولكن لم يرد فيها مفرة بعد ولا انت جالس، ولكن ولكن توالي العطف في قوله عليه السلام: "فَتَشَهَّدْ وَسَلِّمْ- وَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ" يستوحى منها التوالي في الأداء ايضاً