« قائمة الدروس
الأستاذ السيد مجتبی الحسيني
بحث الفقه

46/05/20

بسم الله الرحمن الرحیم

مسألة23/أحكام الشكوك /كتاب الصلاة

 

الموضوع: كتاب الصلاة/أحكام الشكوك /مسألة23

(مسألة 23): إذا شكّ بين الواحدة والاثنتين مثلًا وهو في حال القيام أو الركوع أو في السجدة الأُولى مثلًا وعلم أنّه إذا انتقل إلى الحالة الأُخرى من ركوع أو سجود أو رفع الرأس من السجدة يتبين له الحال فالظاهر الصحّة (1) وجواز البقاء (2) على الاشتغال إلى أن يتبيّن الحال).

تعليقات:

.(1) قال الشيخ آقا ضياء: (إذا لم يصدق في حقّه فعلًا استقرار شكّه وإلّا ففيه إشكال لما عرفت).

وقال الشيخ آل ياسين: (بل لا يخلو عن إشكال).

وقال السيد البروجردي: (البطلان فيه وفي غيره من الشكوك المبطلة لا يخلو من قوّة).

وقال السيد الحكيم: (بل البطلان إلّا في مثل رفع الرأس ممّا لا يكون جزءاً).

(2) قال السيد الگلپايگاني: (بل يجب البقاء لانصراف أدلّة الشكوك عن مثل هذا الشكّ فيحرم الإبطال).

وقال الشيخ النائيني: (لا يجوز المضي مع الشكّ في شي‌ء من الأُوليين على الأقوى بل في الأخيرتين أيضاً لا يخلو عن الإشكال).

وقال السيد الخوئي: (فيه إشكال بل منع).

وقع الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة كما يظهر من التعليقات التي مرت بنا فلنتأمل في دليل كل جهة كي نستخلص الرأي الصحيح فيما بينها:

.فمنهم من يقول بوجوب الاستمرار في الصلاة في مفروض المسألة وفاقا لسيد المصنف رضوان الله عليه، ويستدل لقوله بانصراف الأدلة التي تدل على بطلان الصلاة أذا كان الشك في ركعات فرض الله، او في ركعات الأخيرة من الصلاة مما لا علاج له عن مثل هذا المورد الذي امامه ما يطمئن به او يتم الحجة عنده على الركعة التي فيها، ولا يقع في التحيّر لمستقبل صلاته، فيجوز له ان يستمر في صلاته وعلى القول المشهور بحرمة نقض الصلاة عمدا وجب عليه الاستمرار حذراً عن الإبطال المحرّم.

ومنهم من ذهب الى بطلان الصلاة مستدلا بعدم القصور في إطلاق دليل المنع عن المضيّ على الشكّ، عن الشمول لمثل المقام.

ثم أيّد دعواه بدليل نقضي وهو: انه لو تمّ الإنصراف وجواز الاستمرار على الصلاة في اثناء الصلاة، لزم جواز البناء على الاشتغال والمضيّ على الشكّ إلى تمام الصلاة ايضاً فيما لو شكّ في الصلاة الثنائية مثلًا وهو يعلم بزوال الشكّ بعد الفراغ، إذ لا فرق بين زوال الشك في الأثناء أو بعد الفراغ من الصلاة، فلو تمّ الانصراف لتمّ في الموردين معاً بمناط واحد وهذا امر لا يمكن الالتزام به، وحكم الامثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد، فالأوفق بالقواعد عدم الجواز الاستمرار فضلًا عن الوجوب.

وهناك رأي ثالث وهو التفصيل بين الاستمرار على أجزاء غير مستقلة وهي مقدمة للأجزاء المستقلة فيجوز الاستمرار عليها كرفع الرأس من الركوع او السجدة. مما لا يصدق عندها المضي على الشك، وبين الاستمرار على الأجزاء المستقلة في صلاته كالركوع والسجود والتشهد والقيام فلا يجوز الاستمرار عليها لأنه يصدق عندها المضي على الشك الذي ورد عليه النهي.

ومنهم من فصل بين ما إذا كان طرف الشك من ركتي الأوّلتين أي فرض الله، وبين ما اذا كان الشك باطلة لاحتمال بطلان الصلاة كالشك بين الرابعة والخامسة في حال الركوع او السجود والشك بين الرابعة والسادسة او الثالثة والسادسة او الثانية والسادسة بعد اكمال السجدتين.

فالشك الذي يشتمل على فرض الله سبب لبطلان الصلاة بنفسه، وأمّا المشكوك فيه وما هو طرف الاحتمال فهو صحيح على كلّ تقدير. ففي الشكّ بين الواحدة والثنتين مثلًا الصلاة صحيحة بحسب الواقع سواء أ كانت الركعة المشكوكة فيها هي الأُولى أم الثانية، وإنّما نشأ البطلان من نفس الشكّ.

وفي الشكوك الباطلة فيما سوى فرض الله فالموجب للبطلان هو طرف الاحتمال وبنفسه متعلّق للشكّ، لاحتمال كونه في الركعة السادسة مثلًا واشتمال الصلاة على الزيادة القادحة. فلا يقاس أحدهما بالآخر.

فما كان من اطرافه فرض الله فمستند البطلان هو الروايات التي تأمر بعدم المضي في الشك او تأمر باستقبال الصلاة او استئناف الصلاة فالشك بنفسه أوجب نقض الصلاة و وجوب اعادتها، فمن استمر ثم اكتشف صحة صلاته من ناحية عدد الركعات، صلاته باطلة لان نفس الشك هو المبطل بمقتضى هذه الروايات، اما الشكوك الباطلة التي خارجة عن فرض الله فدليل بطلانها احتمال عدم توافقها مع الصلاة الصحيحة ومستند البطلان فيها إطلاق صحيحة صَفْوَانَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ ‌ ع قَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي كَمْ صَلَّيْتَ- وَ لَمْ يَقَعْ وَهْمُكَ عَلَى شَيْ‌ءٍ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ".[1] حيث ذهب الى ان هذه الصحيحة تفيد بطلان كل صلاة وقع الشك في عدد ركعاته خرجت منها موارد الشكوك الصحية وبقي ما سواها محكوم بالبطلان ومنها مورد هذه المسألة.

ثم تنازل عن هذا التفصيل بقوله: (إلّا أنّ الظاهر مع ذلك عدم جواز المضيّ على الشك وإن علم بتبيّن الحال فيما بعد، إذ ليس له الاسترسال والإتيان ببقية الأجزاء بنيّة جزمية، فإنّه بعد احتمال الفساد كما هو المفروض تشريع محرّم، اللّٰهمّ إلّا أن يأتي بها رجاءً). [2]

فهو استند لبطلان الصلاة لمن استمر فيها بعد استقرار الشك بثلاثة أمور: اولاً: روايات الناهية عن المضي والآمرة بالاستئناف والاستقبال. وهذا الدليل خاص بالشك في فرض الله. وثانياً: بإطلاق صحيحة صفوان لغير موارد المنصوصة الواردة في الشكوك الصحيحة وثالثاً: للخلل في جزمية النية.

ولنا مناقشات في هذه الاقوال نذكرها غدا ان شاء الله.


logo