< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احكام الشكوك في الصلاة /المسألة 16 في الشكوك

في اليوم الماضي مررنا على تعليقات بعض الفقهاء على (مسألة 15): إذا شكّ المأموم في أنّه كبّر للإحرام أم لا فإن كان بهيئة المصلّي جماعة من الإنصات ووضع اليدين على الفخذين ونحو ذلك لم يلتفت على الأقوى وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة). من العروة الوثقى واليوم نريد ان نتناول فقه المسألة بالبحث:

ان السيد صاحب العروة دخل هنا في موضوع الشك للمأموم، بينما لم يكن البحث هنا في صلاة الجماعة، والسر في طرح هذه المسألة انه طرح فيما مضى مسألة الشك في تكبيرة الاحرام للمنفرد في ضمن مسألة العاشرة وهنا ذكر الشك في تكبيرة الاحرام في صلاة الجماعة لان المأموم بعد تكبيرة الاحرام يسكت ولم يأت بشيء فأراد السيد يبين الشيء الذي يخرج المأموم من محل تكبيرة الاحرام؟

فجعل السيد المُخْرج من محل تكبيرة الاحرام للمأموم مجرد كونه بهيئة المصلّي جماعة ومثل له بالإنصات ووضع اليدين على الفخذين، واشكلوا عليه بان مجرد الهيئة لا يكفي بل لابد من الاشتغال بفعل من أفعال الصلاة بعد تكبيرة الاحرام.

فالإمام الخميني: بل يعتبر الاشتغال بفعل مترتّب على التكبير ولو مثل الإنصات المستحبّ في الجماعة ونحوه) وبعضهم قيد الانصات بما هو وظيفة المقتدي وكذلك الاستماع والذكر وبعضهم

قيد بما إذا وجد نفسه متلبّساً بتلك الهيئة بعنوان الائتمام وبعضهم قال: لا يكفي في ذلك كونه بهيئة المؤتمّين بل لا بدّ من الاشتغال بما هو مترتّب على تكبيرة الإحرام. وبعضم قيد: بمن كان يرى نفسه مقتدياً، وبعضهم شرط الانصات بكون الصلاة جهرية وسمع المأموم قراءة الإمام،

والسيد الخوئي شرط بان يكون الفعل المنتقل اليه واجبا اما إذا كان مستحباً لا يكفي لتحقق موضوع قاعدة التجاوز عنده لأنه يرى عدم وجود محل للمشكوك فيه بالنسبة الى المستحب اللاحق وقد ناقشناه في اكثر من مورد بما لا مزيد عليه، ولكنه في خصوص الانصات يراه من الواجبات عند قراءة الامام مستدلا بقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ فيكتفي بفعل الانصات لتحقق موضوع قاعدة التجاوز. لأنه فعل واجب على المصلي فاذا دخل فيه فقد تجاوز عن محل تكبيرة الاحرام.

ولذا هو رضوان الله عليه ذهب الى من يرى نفسه بهيئة الجماعة من دون كونه متشاغلًا بعمل واجب كما لو كان مشغولًا بالذكر حال قراءة الإمام في الصلوات الإخفاتية، غير كافٍ لعدم كفاية الدخول في المستحبّ في جريان القاعدة، فلا مناص‌ من الإعادة أو الإتيان بالتكبير بقصد القربة المطلقة. ونحن ناقشنا هذا المبنى منه بانه لا فرق في المدخول فيه بين الواجب والمستحب.

ثم ينبغي ان نقف عند كلام المصنف حيث قال: (وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة) فبعد ما افتى بان من شك في تكبيرة الاحرام في صلاة الجماعة وهو في هيئة المصلي في الجماعة بالإنصات ووضع كفيه الى فخذيه فهو يجري قاعدة التجاوز فلا يعتني بشكه ويبني على انه اتى بتكبيرة الاحرام بعد هذه الفتوى احتاط بإكمال الصلاة واعادتها. وهذا الاحتياط لا نقاش في تحقق الاحتياط به وانّما المعلقون قد اقترحوه طريقاً أقرب وأسهل وهو تكبيرة واحدة بنية القربة اعم من تكبيرة الاحرام وتكبيرة المطلقة، وعبّروا عنها بعبارة متقاربة فبذلك لو ان في الواقع لم يكبر فهذه تكبيرته للإحرام وإذا كان كبّر سابقاً فهذا لم يكررها بل تقع تكبيرة مطلقة وهي جائزة في جميع حالات الصلاة. فمقالة السيد لا اشكال فيه الا ان اختيار الطريق الاسهل هو الأولى.

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 16): إذا شكّ وهو في فعل في أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة أم لا لم يلتفت (1) وكذا لو شكّ في أنّه هل سها أم لا وقد جاز محلّ ذلك الشي‌ء الذي شكّ في أنّه سها عنه أو لا، نعم لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ يتلافى فيه المشكوك فيه أتى به على الأصحّ (2).

تعليقات:

(1) قال السيد البروجردي: (لم يظهر للفروع المذكورة في هذه المسألة معنى محصّل يحتاج الى الذكر).

وقال الشيخ كاشف الغطاء: (الذي يحسن هنا أن يقال: إنّ من شكّ أنّه كان قد شكّ أم لا؟ فلا يخلو فعلًا إمّا أن يكون ظانّاً أو قاطعاً بما شكّ بتعلّق الشكّ به فلا أثر لذلك الشكّ بل يعمل على قطعه أو ظنّه وإلّا فهو شاكّ فعلًا ويعمل بوظيفة الشاك).

وقال الشيخ آقا ضياء: (الأقوى هنا الالتفات للشكّ في حدوث الشكّ بعد العمل، فقاعدة الاشتغال حينئذٍ محكّمة).

وقال الشيخ الحائري: (ان احتمل العمل بالوظيفة على تقدير الشكّ).

وقال السيد الگلپايگاني: (إن كان ما شكّ في أنّه شكّ فيه مشكوكاً حصل واحتمل حدوث الشكّ فيه في المحلّ ليكون حدوثه بعد المحلّ عوداً لما ذهل فإجراء قاعدة الشكّ بعد المحلّ فيه محلّ منع).

(2) قال الشيخ آقا ضياء: (ولعلّه في ذلك نظر الى دفع توهّم جريان أصالة عدم الغفلة الحاكمة على قاعدة التجاوز وتخصيصها بصورة احتمال العمد أيضاً).

ومستخلص الكلام ان الميزان هو حاله الفعلي فان كان شاكا في إتيان شيء فان بفي محله يأتي به وان تجاوز عن محله يجري قاعدة التجاوز ولا يعتني بشكه. سواء كان شكه في شك سابق او شكه في سهو سابق. وبهذا المقدار نكتفي للبحث في هذه المسألة وهذه المسألة كانت آخر مسألة في هذا الفصل وغداً ندخل في فصل الشك في عدد الركعات ان شاء الله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo