< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احکام الشکوک فی الصلاة /متابعة البحث فی المسألة العاشرة

 

کان بحثنا فی المقطع الثانی من المسألة العاشرة في قول المصنف رضوان الله عليه:

(وإن كان بعده – ای کان الشک بعد الدخول فی الغیر- لم يلتفت وبنى على أنّه أتى به، من غير فرق بيّن الأوّلتين والأخيرتين على الأصحّ) قلنا انه رضوان الله عليه أراد ان ينفي قول المخالف المفصّل بين كون الشك قبل الخروج من المشكوك فيه او بعده بوجوب الالتفات اذا كان الشك في الركعتين الأولتين ومستند هذا القول روايات ذكرنا أربعة منها: واليوم نريد متابعة البحث بإضافة بعض الروايات الاخرى اليها:

منها: ما رواه الصدوق بِإِسْنَادِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "لَيْسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ سَهْوٌ". [1] سند الصدوق الى إبراهيم بن هاشم صحيح واما الدلالة فنفي السهو عن الركعتين الأولتين كناية عن عدم صحة صلاة يكون فيهما سهو.

ومنها ما رواه الكليني عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ رَبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْلِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص- نَزَلَ بِالصَّلَاةِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ- فَلَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ع- زَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعَ رَكَعَاتٍ إِلَى أَنْ قَالَ- وَ إِنَّمَا يَجِبُ السَّهْوُ فِيمَا زَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص- فَمَنْ شَكَّ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ- الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ اسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ" [2] سنده ضعيف بالإرسال وعدم توثيق رجلين فيه وهما: ربيع وعبد الله بن سليمان واما الدلالة فهي صريحة في المقصود.

ما هو وظيفتنا في مواجهة هذه الروايات؟ لو كانت عندنا روايات دلت على ان الشك في ركعتي الأولى يعتنى به حتى اذا طرء بعد الخروج الى الغير لجعلناها مخصصة لأدلة قاعدة التجاوز، ولكن في ادلة قاعدة التجاوز روايات هي نص في مورد ركعتي الأولى في الصلاة مثل صحيحة زُرَارَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام "رَجُلٌ شَكَّ فِي الْأَذَانِ- وَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِقَامَةِ؟ قَالَ يَمْضِي- قُلْتُ: رَجُلٌ شَكَّ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ- وَقَدْ كَبَّرَ؟ قَالَ: يَمْضِي- قُلْتُ: رَجُلٌ شَكَّ فِي التَّكْبِيرِ وَقَدْ قَرَأَ؟ قَالَ: يَمْضِي- قُلْتُ: شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَدْ رَكَعَ؟ قَالَ: يَمْضِي- قُلْتُ: شَكَّ فِي الرُّكُوعِ وَقَدْ سَجَدَ؟ قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ يَا زُرَارَةُ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ شَيْ‌ءٍ- ثُمَّ دَخَلْتَ فِي غَيْرِهِ فَشَكُّكَ لَيْسَ بِشَيْ‌ءٍ[3] فهذه الصحيحة نص في الركعة الأولى ثم يذكر الامام عليه السلام قاعدة عامة مطلقة شاملة لجميع ركعات الصلاة فلا يمكن التخصيص فهي آبية عن التخصيص.

والنسبة بين الطائفتين عموم من وجه: فروايات قاعدة التجاور تفيد إذا شك المصلي في جزء من الصلاة بعد ما خرج منه ودخل في غيره فلا يعتني بشكه سواء كان المشكوك من الركعتي الأولى او كان من الركعتي الأخيرة، وروايات التفصيل تقول اذا حصل شك في الركعتي الأولى عليك ان تعتني بشكك سواء خرجت من مورد المشكوك الى غيره ام لم تخرج، والمجمع الشك المتعلق بركعتي الأولى بعد التجاوز الى غيره. فيتعارضان ويتساقطان والمرجع إذاً اصالة الاشتغال او استصحاب الاشتغال.

اما اذا استطعنا معالجة احدى الطائفتين معالجة دلالية، فهذا أولى عن التساقط والرجوع الى الأصل. والمعالجة الدلالي هي ملاحظة روايات التي تتكلم عن الاعتناء بالشك في الأولتين حمل -في- على بيان الموضوع فالشك في الاولتين يعني الشك في ركعاتها لا الشك في أجزاء الركعات بجعل مفردة -في- للظرفية

ويوافق هذا الأمر صحيحة زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: قَالَ‌ أبُو جَعْفَرٍ عليه السلام: "كَانَ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَفِيهِنَّ الْقِرَاءَةُ- وَلَيْسَ فِيهِنَّ وَهْمٌ يَعْنِي سَهْواً- فَزَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص سَبْعاً وَفِيهِنَّ الْوَهْمُ وَلَيْسَ فِيهِنَّ قِرَاءَةٌ- فَمَنْ شَكَّ فِي الْأُولَيَيْنِ أَعَادَ- حَتَّى يَحْفَظَ وَيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ- وَمَنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ عَمِلَ بِالْوَهْمِ". [4] فضمير فيهنّ يعود الى الركعات لا الى اجزائها،

وكذلك في رواية عَامِرِ بْنِ جُذَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: قَالَ: "إِذَا سَلِمَتِ الرَّكْعَتَانِ الْأَوَّلَتَانِ سَلِمَتِ الصَّلَاةُ".[5] فيمكن حملها على سلامة الركعتين يعني اليقين بإتيان ركعتين، فان في ركعات الأخيرة إذا حصل الشك فيها قابل للعلاج فالكلام من حيث الركعات لا أجزاء الركعات فلا دخل لها بقاعدة التجاوز.

كذلك في رواية إبراهيم بن هاشم عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ قَالَ: "لَيْسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ سَهْوٌ". [6] نفي السهو فيهما يعني نفي علاجها بالأحكام الخاصة عند الشك في عدد الركعات.

ومثلها في حديث المعراج قال: "ابي جعفر عليه السلام إِنَّمَا يَجِبُ السَّهْوُ فِيمَا زَادَ رَسُولُ اللَّهِ ص- فَمَنْ شَكَّ فِي أَصْلِ الْفَرْضِ- الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ اسْتَقْبَلَ صَلَاتَهُ" [7] يعني فرض النبي اذا شك في عدد ركعاته فلابد من اعادتها.

والجميل ان صاحب الوسائل عند ما يعنون الباب الذي فيه روايات التي استندوا اليها للتفصيل بين الأولتين والاخيرتين وحصر قاعدة التجاوز بالاخيرتين عنون الباب هكذا: (بَابُ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ فِي عَدَدِ الْأَوَّلَتَيْنِ مِنَ الْفَرِيضَةِ دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ وَدُونَ النَّافِلَةِ‌) فجعل تلك الروايات موضوعها الشك في الركعات دون أجزاء الركعات. وبهذا البيان نصدق كلام المصنف وما عليه مشهور الفقهاء. ثم ذكر المصنف مصاديق الدخول في الغير فقال:

(والمراد بالغير مطلق الغير (1) المترتّب على الأول كالسورة بالنسبة إلى الفاتحة، فلا يلتفت إلى الشكّ فيها وهو آخذ في السورة، بل ولا إلى أوّل (2) الفاتحة أو السورة وهو في آخرهما، بل ولا إلى الآية وهو في الآية المتأخّرة، بل ولا إلى أوّل الآية وهو في آخرها ولا فرق بين أن يكون ذلك الغير جزء واجباً أو مستحبّاً (3) كالقنوت بالنسبة إلى الشكّ في السورة والاستعاذة بالنسبة إلى تكبيرة الإحرام، والاستغفار بالنسبة إلى التسبيحات الأربعة (4)، فلو شكّ في شي‌ء من المذكورات بعد الدخول في أحد المذكورات لم يلتفت، كما أنّه لا فرق (5) في المشكوك فيه أيضاً بين الواجب والمستحبِّ).

تعلیقات: (1) قال الشیخ النائيني: (هذا الإطلاق في غاية الإشكال وسيأتي ما هو المتيقّن من ذلك).

(2) قال الشیخ النائيني: (فيه إشكال وكذا في الصورتين بعده والأحوط إعادة المشكوك وما بعده في الجميع بنيّة القربة المطلقة).

(3) قال السیدالخوئي: (في جريان قاعدة التجاوز بالدخول في الجزء المستحبّ إشكال بل منع). (4) قال الشیخ آل ياسين: (ترتّب الاستغفار على التسبيح غير معلوم).

وقال السید الحكيم: (فيه نظر).

(5) قال السیدالأصفهاني: (لا يخلو من إشكال).


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo