< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احکام الشکوک فی الصلاة /فی کثیر الشک

 

قال السید المصنف (مسألة 8): حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم غيره فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت وخارجه، وأمّا‌ الوسواسيّ فالظاهر أنّه يبني على الإتيان وإن كان في الوقت).

کان بحثنا فی الجلسة السابقة حول هذه المسألة وقد اطلعنا علي عدة من التعليقات عليها بين موافق ومخالف ومحتاط فيه واليوم نريد ان نقف حول فقه المسألة من خلال الأدلة فنقول:

ان توسعة حكم كثير الشك في أجزاء الصلاة الى كثير الشك في إتيان أصل الصلاة متوقف على أحد من الأمور التالية: إمّا نجد تعبيراً في الأدلة التي وردت في كثير الشك في أجزاء الصلاة ما يشمل الشك في اصل الصلاة ايضاً، او نجد تعليلاً تشارك فيه كثير الشك في اصل الصلاة. او انّ نقول: ان كثير الشك مصداق للوسواسي ولهما منشأ واحد فنجعل كثير الشك في أصل الصلاة او في أجزاء الصلاة كلهم تحت عنوان الوسواسيّ، فالطوائف الثلاثة يجب عليهم ان لا يعتنوا بشكهم ويبنوا على إتيان العمل صحة ووجوداً. فهنا نطل اطلالة الى نصوص الأدلة:

منها: موثقة عمّار: وَ بِإِسْنَادِهِ -الشيخ- عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقٍ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام "فِي الرَّجُلِ يَكْثُرُ عَلَيْهِ الْوَهْمُ فِي الصَّلَاةِ- فَيَشُكُّ فِي الرُّكُوعِ فَلَا يَدْرِي أَ رَكَعَ أَمْ لَا- وَيَشُكُّ فِي السُّجُودِ فَلَا يَدْرِي أَ سَجَدَ أَمْ لَا- فَقَالَ لَا يَسْجُدُ وَلَا يَرْكَعُ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ- حَتَّى يَسْتَيْقِنَ يَقِيناً الْحَدِيثَ.[1]

اما السند: سعد بن عبد الله الأشعري يروي السند احمد بن الحسن، هذا الاسم مشترك بين عدة من الروات ولكن الظاهر هو بن علي بن فضال، وهو فطحي وثقه النجاشي وهو روى عن عمرو بن سعيد وهو المدائني وثقه النجاشي وهو أيضا كان فطحياً روى عن مصدق و هو ابن صدقة لم يوثق عند ترجمته ولكن الشيخ ذكره في ترجمة محمد بن سالم بن عبد الحميد وقال في شأنه: (ان مصدقاً هذا من أجلة العلماء والفقهاء والعدول كوفي فطحي) والراوي عن الامام عليه السلام هو عمار بن موسى الساباطي قال الكشي في شأنه: (من أصحاب ابي إبراهيم عليه السلام كان فتحياً و روي عن ابي الحسن موسى عليه السلام انه قال: "استوهبت عمارا من ربي تعالى فوهبه لي") وفال الشيخ في شأنه: (كان فطحياً له كتاب جيد معتمد) وقال النجاشي فيه: (عمار بن موسى الساباطي أبو الفضل مولى واخواه قيس وصباح رووا عن ابي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام وكانوا ثقاة في الرواية) فالسند موثق لا بأس به.

واما الدلالة: فقوله عليه السلام: - "لَا يَسْجُدُ وَلَا يَرْكَعُ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ"- يطابق الجواب مع السؤال وهو عمّن يكثر الشك في ركوعه وسجوده فلا دلالة فيها على من يكثر الشك في أصل الصلاة. فلا علاقة لهذا الحديث بما نحن فيه نفياً ولا اثباتاً.

ومنها: صحيحة ابن مسلم والیک نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعلیه السلام ‌قَالَ: "إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَامْضِ عَلَى صَلَاتِكَ- فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ".[2]

اما السند فرجاله کلهم اجلاء. واما الدلالة: یمکن ان یستفاد الاطلاق من قوله: "إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ" حیث لم یحدّد فیها متعلق السهو، کما ان قوله علیه السلام "فامض على صلاتک" يشمل أيضاً اذا كان متعلق الشك نفس الصلاة، نعم لو كان متعدّياً ب-في- يمكن ان يُدّعى انّه ظاهر في أجزاء الصلاة. مضافا الى ان قوله عليه السلام: "فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَدَعَكَ، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ" بمنزلة التعليل و"انما هو الشيطان" من باب تنقيح المناط هو سبب لكثرة الشك سواء كان الشك في أجزاء الصلاة او كان في اصل الصلاة نعم كثرة الشك في اصل الصلاة نادر جدّاً. ولكن مفروض المسألة عند تحقق الموضوع.

ومنها: صحيحة زرارة وأبي بصير والیک نصها: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَأَبِي بَصِيرٍ جَمِيعاً قَالا: قُلْنَا لَهُ: الرَّجُلُ يَشُكُّ كَثِيراً فِي صَلَاتِهِ- حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى وَلَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ؟- قَالَ يُعِيدُ، قُلْنَا: فَإِنَّهُ يَكْثُرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّمَا أَعَادَ شَكَّ- قَالَ يَمْضِي فِي شَكِّهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُعَوِّدُوا الْخَبِيثَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ نَقْضَ الصَّلَاةِ فَتُطْمِعُوهُ- فَإِنَّ الشَّيْطَانَ خَبِيثٌ مُعْتَادٌ لِمَا عُوِّدَ- فَلْيَمْضِ أَحَدُكُمْ فِي الْوَهْمِ وَلَا يُكْثِرَنَّ نَقْضَ الصَّلَاةِ- فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ الشَّكُّ- قَالَ زُرَارَةُ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا يُرِيدُ الْخَبِيثُ أَنْ يُطَاعَ- فَإِذَا عُصِيَ لَمْ يَعُدْ إِلَى أَحَدِكُم" [3] السند کلهم اجلاء لا نقاش فیهم.

اما وجه الدلالة على التعميم ان نقول: ان الشك في الصلاة يتحمل معنيين: الأول: الشك في اثناء الصلاة بجعل -في- للظرفية فلا يشمل الشك في اصل الصلاة بهذا المقدار. المعنى الثاني: هو ان يكون -في- لبيان الموضوع فجعل الصلاة موضوع للشك، فيشمل الشك في أصل الصلاة من انه هل اتى بها او لم يأت بها؟ كما قد يقال: فلان قاصر في صلاته او مقصر فيها، أي لا يلتزم بإتيانها، فإذاً مفردة -في- يتحمل لكلا المعنيين.

نعم حصول كثرة الشك في صل الصلاة نادر جداً. ومع ذلك كثيرا ما يحصل الترديد لمن يلتزم بنوافل الظهر والعصر فيشك في مقدار ما اتى منها وقد يشك هل هذا الذي يشتغل به فريضته او هي النافلة وقد يشك في انها صلاة الظهر او العصر فقوله: كم صلى يشمل الكمية في الركعات ويشمل الكمية فيما أراد ان يأتي بها من صلوات؟

نعم، ان اريد في هذه الصحيحة من النهي عن تسليط الشيطان، نقض الصلاة؟ فيمكن القول بان هذا الحديث كل كلامه في شكٍ يكون الاعتناء به موجب لنقض الصلاة، فلا يعني الشك في أصل الصلاة، لأنه لا يلزم منه نقض الصلاة، ولكن العجب ممن يقول بجواز نقض الصلاة الفريضة من دون عذر بل لم يذكر الكراهة عند التعرض لموضوع نقض الصلاة. والمشهور الذين يقولون بعدم جواز نقض الصلاة، انما يقولون به إذا كان من دون عذر، ولكن للمعذور ولو بعض الاعذار الهينة يجوزون النقض.

وعلى كل حال بما ان الدليل على التعميم ليس حصرا في هذا الحديث ولا تعارض بين سائر الروايات وهذه الصحيحة لا جزئيا ولا كلياً فعلينا ان نعتمد على غيرها.

هذا أولاً من لحاظ تحمل الفاظ الحديث من معنى. ثانياً: ما ورد من فعل الخبيث الشيطان يشمل ما يلقيه الى النفس من الترديد والشك، فكما ان الشيطان يلقي في روع المصلي من الشك في الركعات، او الشك في كيفية أداء بعض أجزاء الصلاة قد يلقي الترديد في إتيان الصلاة؟ وهو مفروض مسألتنا؟ فالمفروض حصول كثرة الشك في أصل الصلاة بمثل ما يحصل من الشك في أجزاء الصلاة، ولو ان الأول بعيد التحقق والفرض البعيد لا يخرجه عن شمول الحكم الشرعي.

وَمنها: صحيحة ابن سنان رواها الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ فَضَالَةَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فَامْضِ فِي صَلَاتِكَ". [4]

سنده صحيح ومجهولية الراوي بشخصه لا يضر مادام مثل عبد الله ابن سنان يروي عن غير واحد مما يدل على الكثرة. واما الدلالة: فقوله عليه السلام: "إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ" فيه إطلاق يشمل ما إذا كثر الشك في أصل الصلاة ايضاٍ.

ومنها: ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: "قَالَ الرِّضَا عليه السلام "إِذَا كَثُرَ عَلَيْكَ السَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ- فَامْضِ عَلَى صَلَاتِكَ وَلَا تُعِدْ".[5]

سنده مرسلة الصدوق استرسالا عن الامام عليه السلام فبعض الفقهاء يعتمدون بها.

اما الدلالة: فالأخذ بالإطلاق كسابقتها ولضعف السند نجعلها مؤيداً.

بما انتهى الوقت فنكمل البحث في الجلسة الآتية ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo