< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احکا الشکوک فی الصلاة /المسألة السادسة الفرع الثالث

قال المصنف: (مسألة 6): إذا علم أنّه صلّى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر ولم يدر المعيّن منها يجزيه الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، سواء كان في الوقت أو في خارجه نعم لو كان في وقت الاختصاص بالعصر يجوز له البناء على أنّ ما أتى به هو الظهر، فينوي فيما يأتي به العصر ولو علم أنّه صلّى إحدى العشاءين ولم يدر المعيّن منهما، وجب الإتيان بهما سواء كان في الوقت أو في خارجه، وهنا أيضاً لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بنى على أنّ ما أتى به هو المغرب، وأنّ الباقي هو العشاء).

انتهينا من البحث في الفرعين من هذه المسألة والفرعين كانتا في الظهرين واليوم نتناول بالبحث الفرع الثالث والرابع اللذان يكون البحث فيهما في المغربين فالفرع الثالث هو:

قول المصنف رضوان الله عليه: (ولو علم أنّه صلّى إحدى العشاءين ولم يدر المعيّن منهما، وجب الإتيان بهما سواء كان في الوقت أو في خارجه). المفروض في هذا الفرع كون المصلي في سعة الوقت اما أداءً واما قضاءً ووجه هذه المسألة تتضح مما قلناه من وجوب الاتيان بها لقاعدة الاشتغال بعد قصور اليد عن الاستصحاب ففي الظهرين لونهما مشابهين خرجنا عن مقتضى قاعدة الاشتغال من وجوب إتيان الصلاتين ببركة صحيحة علي بن أسباط الى إتيان رباعية بنية ما في الذمة.

اما في هذا الفرع ليس المغرب والعشاء متشابهين فلا يمكن الاكتفاء بصلاة واحدة بنية ما في الذمة كما بل الصحيحة أيضا تدعونا الى صلاتين حيث ورد فيها: "مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاةِ يَوْمِهِ وَاحِدَةً وَلَمْ يَدْرِ أَيُّ صَلَاةٍ هِيَ- صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَثَلَاثاً وَأَرْبَعاً" فلو كان في أطراف الشبهة ثلاثي ورباعي لابد ان يأتي بهما للعلم بفراغ الذمة.

اما الفرع الرابع وهو آخر فقرة من هذه المسألة قال المصنف: (وهنا أيضاً لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بنى على أنّ ما أتى به هو المغرب، وأنّ الباقي هو العشاء). هذا الكلام يتم إذا قلنا بان آخر الوقت خاص بالصلاة الثانية فشكه في إتيان صلاة المغرب يكون بعد انتهاء وقتها فلا يعتنى به فيبقى عنده الشك في إتيان العشاء فاستصحاب بقاء وجوب العشاء يفيد ان الامر بالعشاء لا زال باقياً. بلا معارض.

ولكن على ما اخترناه من اشتراك الصلاتين في كل الوقت فصار الشك بالنسبة الى الصلاة الأولى ناشئا في الوقت ايضاً فكلا الصلاتين موضوعان للاستصحاب وانما نتنازل عن الاستصحاب الى الاشتغال لتعارض الاستصحابين مع العلم الإجمالي بإتيان احداهما.

هناك نقطة ينبغي ان لا نغفل عنها وهي ان اول وقت المغربين هو المغرب ولكن في اخرهما خلاف واسع: فبعضهم قالوا بان آخر وقتهما منتصف الليل، وبعضهم قالوا ان منتصف الليل أخر وقت المغرب وطلوع الفجر أخر وقت العشاء، ومنهم من قال بتوسعة وقت العشاء الى طلوع الفجر للمضطر لنوم او نسيان او حائض، وبعضهم عمموا لكل ذي عذر، وبعضهم وسعوا وقت العشاء الى طلوع الفجر الا ان المتعمد في التأخير عن منتصف الليل آثم، وكثير منهم احتاطوا في عدم التأخير عن منتصف الليل واحتاطوا في إتيان الصلاة بعد منتصف الليل بنيّة ما في الذمة.

فمن يرى ان وقت المغرب ينتهي بانتصاف الليل ووقت العشاء ينتهي بطلوع الفجر وحصل الشك عنده بعد منتصف الليل لا يعتني بشكه بالنسبة الى المغرب ويعتني بشكه بالنسبة الى العشاء فإنّما عليه إتيان العشاء دون المغرب.

ان الإمام الخميني رضوان الله عليه في الفرع الثاني والرابع من هذه المسألة احتاط احتياطاً وجوبياً بقضاء الظهر في الفرع الثاني وقضاء المغرب في الفرع الرابع إذا علم بإتيان احدى الظهرين في آخر الوقت وتردد في التعيين، او علم بإتيان احدى المغربين في آخر الوقت وتردد في التعيين. ولعل وجه هذا الاحتياط بعد ان صلى العصر في الفرع الثاني وصلى العشاء في الفرع الرابع خروج المصلي عن أحد اطراف التعارض بين الاستصحابين واستصحاب صلاة الظهر وصلاة المغرب يبقيان بلا معارض فاستصحاب وجوب صلاة الظهر او المغرب ليس مثبتاً كما قال البعض لأنّه عند ما يجري الاستصحاب ينجز الصلاة على ذمته في داخل الوقت، فيصير بحكم العالم بعدم الاتيان ثم يصليها بعد الوقت قضاءً لأنه بعد اجراء الاستصحاب في الوقت اصبح عالما بعدم إتيان الصلاة تعبداً، والعلم التعبدي في حكم العلم الوجداني فكما اذا علم انه لم يأت بفريضته حتى خرج من الوقت يجب عليه القضاء. المستصحب لعدم اتيان الصلاة هو عالم تعبدي يجب عليه قضائها خارج الوقت إذا لم يأت بها في داخل الوقت باي عذر عمدي او سهوي او قهري. فتأمل جيداً.

قال المصنف (مسألة 7): إذا شكَّ في الصلاة في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكّر خارج الوقت، وكذا إذا شكّ واعتقد أنّه خارج الوقت، ثمّ تبيّن أن شكّه كان في أثناء الوقت، وأمّا إذا شكّ واعتقد أنّه في الوقت فترك الإتيان بها عمداً أو سهواً ثمّ تبيّن أنّ شكّه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء).

هنا ذكر المصنف ثلاثة فروع:

الفرع الأول: (إذا شكَّ في الصلاة في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها وجب عليه القضاء إذا تذكّر خارج الوقت)، إذ بعد حدوث الشكّ في الوقت الموجب لتنجّز التكليف عليه العمل بمقتضى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال فهو محرز للفوت تعبداً، الذي هو الموضوع لوجوب القضاء، وإن كان الفائت هو امتثال التكليف الظاهري الثابت ببركة الأصل، ضرورة أنّ القضاء تابع لفوت الوظيفة المقرّرة في الوقت سواء أ كانت واقعية أم ظاهرية ثبتت بدليل شرعي كالاستصحاب، أم عقلي كقاعدة الاشتغال.

الفرع الثاني: قول المصنف: (وكذا إذا شكّ واعتقد أنّه خارج الوقت، ثمّ تبيّن أن شكّه كان في أثناء الوقت) فيجب الاعتناء عملًا بالاستصحاب أو قاعدة الاشتغال، لان الميزان هو حصول الشك في داخل الوقت سواء علم بكونه داخل الوقت او لم يعلم.

الفرع الثالث: قوله: (وأمّا إذا شكّ واعتقد أنّه في الوقت فترك الإتيان بها عمداً أو سهواً ثمّ تبيّن أنّ شكّه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء) لان شكه واقعا كان في خارج الوقت فبما ان الميزان هو الواقع زعمه بان الشك كان خارج الوقت لا يغيّر حكماً.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo