< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احكام الشكوك في الصلاة /تكملة للمسألة الخامسة

 

قال السيد المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 5): لو شكّ في أثناء صلاة العصر في أنّه صلّى الظهر أم لا، فإن كان في الوقت المختصّ بالعصر بنى على الإتيان بها، وإن كان‌ في الوقت المشترك عدل إلى الظهر بعد البناء على عدم الإتيان بها)

قد انتهينا من البحث في هذه المسألة وبمناسبة هذه المسألة ندخل الى مسألتين اظنه ان السيد المصنف لم يتعرض لهما:

أحدهما: ان المستفاد من الروايات الصحيحة جواز العدول من اللاحقة الى السابقة ولو فرغ المصلي من اللاحقة ثم علم بعدم الاتيان للسابقة فيعدل بنيته ان ما اتاه من الصلاة بنية اللاحقة انها تكون السابقة بشرط انطباق الصلاتين مثلا نسي الظهر فصلى العصر وبعد الانتهاء منها تذكر عدم إتيان الظهر فينوي الصلاة التي صلاها عصرا ان تكون ظهرا ثم يستأنف العصر.

ثانيهما: ان العدول لا ينحصر بين الصلاتين المترتبتين كالظهر والعصر والمغرب والعشاء بل يشمل صلاتين ولو كانا من الوقتين المتخالفين. كصلاة العشاء والفجر او صلاة الفجر والظهر او صلاة العصر والمغرب.

اما بالنسبة الى العدول عن صلاة صلاها الى السابقة منها فهناك روايات تدل على جواز العدول حتى بعد الفراغ من الصلاة اللاحقة وفيها روايات صحيحة ايضاً.

ومنها: صحیحة الحلبی والیک نصها: وَبِإِسْنَادِهِ (الشیخ)عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: "سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى حَتَّى صَلَّى‌ الْعَصْرَ- قَالَ فَلْيَجْعَلْ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى الْأُولَى- ثُمَّ لْيَسْتَأْنِفِ الْعَصْرَ" [1] هذا الحديث المبارك صحيح السند.

واما الدلالة فقوله عليه السلام: "فَلْيَجْعَلْ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى الْأُولَى" ظاهر في جعل العصر التي صلاها ظهراً ويستأنف العصر.

ومنها: ما ورد في صحیحة زرارة المفصلة عن ابی جعفر علیه السلام: ....وَ قَالَ إِذَا نَسِيتَ الظُّهْرَ حَتَّى صَلَّيْتَ الْعَصْرَ فَذَكَرْتَهَا- وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِكَ- فَانْوِهَا الْأُولَى ثُمَّ صَلِّ الْعَصْرَ- فَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ مَكَانَ أَرْبَعٍ"[2] کذلك قوله: "او بعد فراغك فانوها الأولى" فمعناه جواز العدول من الصلاة الفارغة عنها الى صلاة السابقة وجعلها الأولى"

بِإِسْنَادِهِ-الشیخ- عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام: "فِي رَجُلٍ دَخَلَ مَعَ قَوْمٍ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى هُوَ الظُّهْرَ- وَالْقَوْمُ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ يُصَلِّي مَعَهُمْ- قَالَ يَجْعَلُ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى مَعَهُمُ الظُّهْرَ- وَيُصَلِّي هُوَ بَعْدُ الْعَصْرَ".

فی السند ابو جعفر وهو احمد بن محمد عيسى الاشعري القمي هو من اكابر المحدثين قال فيه الشيخ والنجاشي: (أبو جعفر رحمه الله شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافَع) وهذا التعبيرات فوق التوثيق. وفيه علي بن حديد لم يرد له توثيق والشيخ قال في شأنه: (لم يعول على ما ينفرد بنقله) واستفاد في مجمع الرجال للقهبائي مما ورد له في ترجمة محمد بن بشير هشام بن حكم ويونس بن عبد الرحمن ما قال: (فيها نهاية اعتبار الرجل وان الرجل عارف عاقل ذودين فلابد من اعتباره بقوله وفعله وتقريره بطريق صحيح وغير معلوم الصحة فلابد من قبوله).

وفي السند جميل بن دراج كذلك من الأعاظم وكان من الفقهاء من أصحاب ابي عبد الله الصادق عليه السلام الذي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وقال النجاشي فيه: (شيخنا ووجه الطائفة ثقة) فالسند فيه شبهة لوجود علي بن حديد الا عند من يقتنع بمقالة صاحب مجمع الرجال.

اما الدلالة فقول الامام عليه السلام: (يَجْعَلُ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى مَعَهُمُ الظُّهْرَ) ظاهر في جواز العدول بالنية عن صلاة صلاها وفرغ منها.

فيستفاد من هذه الروايات جواز العدول عن الصلاة المفروغ عنها ومن ناحية العقلية لا مشكل في ذلك لان عنوان الظهر والعصر عنوان اعتباري وفي الاعتباريات سعة لا تقاس بالأمور التكوينية.

اما بالنسبة الى العدول بالنية في غير الصلوات المرتبة كذلك روايات تفيد هذا المعنى

منها: ما في صحيحة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ فیها:َ "قَالَ- قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: "وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ مِنَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ- ثُمَّ ذَكَرْتَ الْعَصْرَ فَانْوِهَا الْعَصْرَ (ثُمَّ قُمْ فَأَتِمَّهَا رَكْعَتَيْنِ)- ثُمَّ تُسَلِّمُ ثُمَّ تُصَلِّي الْمَغْرِبَ-

وفیها: "فَإِنْ كُنْتَ قَدْ نَسِيتَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ- حَتَّى صَلَّيْتَ الْفَجْرَ فَصَلِّ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ- وَ إِنْ كُنْتَ ذَكَرْتَهَا وَ أَنْتَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى- أَوْ فِي الثَّانِيَةِ مِنَ الْغَدَاةِ فَانْوِهَا الْعِشَاءَ- ثُمَّ قُمْ فَصَلِّ الْغَدَاةَ وَ أَذِّنْ وَ أَقِمْ"-

لایخفی ان العدول بعد الفراغ من الصلاة لا مصداق له الا في الظهرين او في صلوات القصر بين العشاء والفجر وبين الفجر والظهر، لانه يجب ان تكون الصلاة المعدول عنها واصلة المعدول اليها متماثلان. اما العدول في الاثناء ففي جميع الفرائض اليومية لها مصداق مادام لم يتجاوز حدّ العدول فتأمل.

قال المصنف: (مسألة 6): إذا علم أنّه صلّى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر ولم يدر المعيّن منها يجزيه الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، سواء كان في الوقت أو في خارجه، نعم لو كان في وقت الاختصاص بالعصر يجوز له البناء على أنّ ما أتى به هو الظهر، فينوي فيما يأتي به العصر، ولو علم أنّه صلّى إحدى العشاءين ولم يدر المعيّن منهما، وجب الإتيان بهما سواء كان في الوقت أو في خارجه، وهنا أيضاً لو كان في وقت الاختصاص بالعشاء بنى على أنّ ما أتى به هو المغرب، وأنّ الباقي هو العشاء).

ونترك البحث في فقه المسألة للجلسة القادمة ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo