< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احکام الشکوک /الشک فی اتیان الظهر فی آخر الصلاة

كان بحثنا في الفرع الرابع من المسألة الاولى حيث قال المصنف: (بل وكذلك لو لم يبق إلّا مقدار الاختصاص بالعصر وعلم أنّه أتى بها وشكّ في أنّه أتى بالظهر أيضاً أم لا، فإنّ الأحوط الإتيان بها وإن كان احتمال البناء على الإتيان بها وإجراء حكم الشكّ بعد مضيّ الوقت هنا أقوى من السابق)

في اليوم الماضي قوينا من خلال الروايات الواردة ان وقت الظهر والعصر ممتدة لكلا الصلاتين من الزوال الى الغروب ويجب رعاية الترتيب بينهما. اما بالنسبة الى من تيقن بأداء صلاة العصر وشك في إتيان صلاة الظهر إذا قلنا بان صلاة الظهر محله قبل صلاة العصر فبعد العصر اذا شك في إتيان صلاة الظهر شك بعد تجاوز المحل فله ان لا يعتني به ويبني على انه أتى بها.

ولكن السيد الخوئي أنكر وجود محل لصلاة الظهر وذهب الى ان صلاة العصر محلها بعد الظهر ولكن صلاة الظهر ليس محلها قبل العصر ببيان ذكرناه في اليوم الماضي ونحن لدراسة هذا قول نعيد النظر الى كلامه رضوان الله عليه لتهيئة الاذهان للمناقشة:

انه رضوان الله عليه قال: (اتصاف الظهر أو المغرب بالقبلية غير معتبر في صحّتهما قطعاً).

ثم أتى بشواهد على ذلك الشاهد الأول: فقال: (فلو صلّى الظهر بانياً على ترك العصر عمداً وعصياناً ولم يأت بها بعدها أبداً صحّ الظهر بلا إشكال).

الشاهد الثاني: (لو قدّم العصر نسياناً فتذكّر بعد الفراغ عدم الإتيان بالظهر أتى بها، ولا حاجة إلى إعادة العصر رعاية للقبلية)، في هذا الفرض لم يراعا البعدية للعصر ايضاً فلابد من انكار المحل للعصر ايضاً.

 

الشاهد الثالث: (الترتيب المعتبر في العصر ذكرى لا يلزم تداركه، بمقتضى حديث لا تعاد. الصحيح ان نقول لزوم الترتيب بينهما ذكري فان الترتيب قائم بالطرفين.

الشاهد الرابع: لو فرضنا أنّه أتى بالظهر ونسي العصر رأساً لم يفت منه من وظيفة الظهر شي‌ء، وحصل الامتثال بالنسبة إليه).

الشاهد الخامس: (لو كان لها محلّ شرعي كان اللّازم جريان قاعدة التجاوز لو عرض له الشكّ أثناء صلاة العصر أيضاً، إذ بمجرّد الدخول فيها يتجاوز المحلّ، ولا يناط ذلك بالفراغ عنها قطعاً)

واجاب عما ورد في كلام امام الصادق عليه السلام: "إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ- دَخَلَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ جَمِيعاً إِلَّا أَنَّ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ" [1] بقوله: (إشارة إلى ما هو المتعارف بحسب الوجود الخارجي، ويشتمل على نوع مسامحة في التعبير، أو أنّه تفنّن في العبارة. والمراد أنّ هذه بعد هذه)

ثم يقول: (يستكشف من جميع ذلك أنّه لا يشترط في الظهر تقدّمه على العصر، بل العصر مشروط بتقدّم الظهر عليه. إذن فليس للظهر محلّ شرعي كي تجري فيه قاعدة التجاوز بلحاظ الخروج عن محلّه).

ويلحظ في كلامه رضوان الله عليه: بان القبلية والبعدية من المقولات الإضافية كالفوقية والتحتية لا يمكن تحقق احدهما دون الأخر عقلاً، ومعنى كون العصر متأخراً عن الظهر، كون الظهر متقدما علی العصر.

والنقطة الاخری مما لابد من ملاحظتها ان فی مقولة الأین المتقدم والمتأخر متزامنان يجتمعان في آن واحد، ولكن في مقولة متى أي الزمانيات فتلك متصرمات الوجود كل ما وجد جزء منه انتفى جزء السابق ولم يلحق اللاحق بعد. وفيما نحن فيه وجد صلاة الظهر ثم انتهى فجاء صلاة العصر فتحقق طرفي إضافة بالتقدم والتأخر الزماني. فتأخر العصر لا يتحقق الا بتقدم الظهر والعكس صحيح.

ثم قد يكون المتقدم والمتأخر جزءان لحقيقة واحدة اعتبارية فكل جزءٍ جزءٌ اذا ضم اليه سائر الأجزاء والا لا يصدق عليه الجزئية ولذا اذا أخل بالأجزاء المتأخرة فلا تصح المتقدمة. بخلاف ما يكون الترتيب في أمور منفصلة فكل واحد منهما مستقل في التحقق وفي الصحة والفساد.

ففي الصلاتين المترتبتين من يأتي بصلاة الظهر لم يخلّ بالترتيب وذلك لا لأنه ليس للظهر محل بل لأنه اتى بها في محله ولما يترتب عليه شيء فاذا جاء بالعصر كمل الترتيب ولا يتم الامتثال الا بعد إتيان العصر فان لم يأت بها عمدا عصى.

نعم للمعتبر ان يعتبر صحة عمل السابق المستقل في حقيقته منوطاً بأمر مستقبليا ويقال له الشرط المتأخر، كأغسال الليلية للحائض في صحة صومه في النهار الماضي. وهذا الامر لم يرد للصلاة الأولى من المترتبين. ولم يجعل صحة صلاة الظهر منوطا بالتحاق العصر عليها.

فلا تلازم بين كون الشيء له محل یترتب عليه امر وبطلانه اذا اخل بها والتلازم انما یکون اذا کان المترتب والمترتب عليه يشكلان حقيقة واحدة فبانتفاء الجزء ينتفي الكل ولكن في صورة الاستقلال لا تلازم بین صحة احدهما دون الآخر.

وغدا ان شاء الله نطرح الفرع الأخيرة من هذه المسألة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo