< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/احکام الشکوک فی الصلاة /الشک فی اتیان الصلاة بعد الوقت

(مسألة 1): إذا شكّ في أنّه هل صلّى أم لا، فإن كان بعد مضيِّ الوقت لم يلتفت وبنى على أنّه صلّى، سواء كان الشكّ في صلاة واحدة، أو في الصلاتين، وإن كان في الوقت وجب الإتيان بها، كأن شكّ في أنّه صلّى صلاة الصبح أم لا، أو هل صلّى الظهرين أم لا، أو هل صلّى العصر بعد العلم بأنّه صلّى الظهر أم لا، ولو علم أنّه صلّى العصر ولم يدر أنّه‌ صلّى الظهر أم لا فيحتمل جواز البناء على أنّه صلّاها، لكن الأحوط الإتيان بها، بل لا يخلو عن قوّة، بل وكذلك لو لم يبق إلّا مقدار الاختصاص بالعصر وعلم أنّه أتى بها وشكّ في أنّه أتى بالظهر أيضاً أم لا، فإنّ الأحوط الإتيان بها وإن كان احتمال البناء على الإتيان بها وإجراء حكم الشكّ بعد مضيّ الوقت هنا أقوى من السابق. نعم لو بقي‌ من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر وعلم بعدم الإتيان بها أو شكّ فيه وكان شاكّاً في الإتيان بالظهر وجب الإتيان بالعصر ويجري حكم الشكّ بعد الوقت بالنسبة إلى الظهر، لكن الأحوط قضاء الظهر أيضاً).

في اليوم الماضي كان بحثتا في المسألة الأولى من احكام الشكوك وقد وقفنا عند تعليقات بعض فقهائنا حول هذه المسألة وما وجدنا المجال لنكمل المشوار فبقي التعليقات المتعلقة بآخر فرع في هذه المسألة وهو قوله: (نعم لو بقي‌ من الوقت مقدار الاختصاص بالعصر وعلم بعدم الإتيان بها أو شكّ فيه وكان شاكّاً في الإتيان بالظهر وجب الإتيان بالعصر ويجري حكم الشكّ بعد الوقت بالنسبة إلى الظهر (4)، لكن الأحوط قضاء (5) الظهر أيضاً).

والیک نص التعلیقات:

(4) قال الشیخ كاشف الغطاء: (الفرق بين هذه وبين السابقة أنّه فيما سبق يتمكّن من صلاة الظهر في الوقت فإنّ الباقي وإن كان مختصّاً بالعصر لكن حيث كان قد صلّى العصر فيصحّ أن يصلّي الظهر فيه لارتفاع المزاحمة بينها وبين صاحبة الوقت،

والمدار في خروج الوقت الموجب لعدم الاعتناء بالشكّ هو عدم التمكّن من إتيان الصلاة المشكوكة وهذا بخلاف الصورة الثانية فإنّه حيث لم يصلّ العصر أو هو شاكّ في ذلك فتكليفه الفعلي الإتيان بها ويتعيّن الباقي من الوقت للعصر ولا يتمكّن من الإتيان بصلاة الظهر فلا يعتني بالشكّ فيها ويكون من قبيل الشكّ بعد خروج الوقت كما ذكره (قدّس سرّه).

فهو وافق المصنف فی الرأی حيث افتى بعدم وجوب قضاء صلاة الظهر المشكوكة فيها لأنه غير قادر شرعا عن يصليها في الوقت، لان الوقت الباقي يجب ان يصرفه لصلاة العصر وانما المصنف احتاط في قضاء صلاة الظهر أيضا، ولكن كاشف الغطاء لم يذكر هذا الاحتياط.

وقال السید الخوئي: (بل حكم الشكّ بعد التجاوز وعلى فرض الإغماض عنه لا يجب القضاء لأنّه بأمر جديد). ای لا تجب صلاة الظهر لتجاوز محلها وعلى فرض الشك البراءة من امر جديد تفيد عدم وجوب قضاءها.

وقال الشیخ آل ياسين: (على إشكال فيما إذا كان شاكّاً فيهما معاً أحوطه إن لم يكن أقوى قضاء الظهر حينئذٍ).

اقول: ولعل وجه الامر بقضاء الظهر أيضا ان الشك في إتيان الظهر حدث عنده في داخل الوقت ولكنه لم يكن قادرا بإتيانها لمزاحمة العصر لها، ولعل احتياط المصنف كان لهذا الوجه.

وقال الشیخ الجواهري: (الظاهر عدم الجريان فيجب الإتيان بالظهر).

فهو ایضا افتى بوجوب قضاء الظهر ونفى بالصراحة جريان حكم الشك بعد الوقت من عدم وجوب القضاء.

(5) قال السید البروجردي: (لا يترك فيما إذا كان شاكّاً في الإتيان بالعصر أيضاً).

وقال الإمام الخميني: (لا يترك مع الشكّ في إتيان العصر).

وقال السید الگلپايگاني: (لا يترك إذا كان شاكّاً في العصر أيضاً).

وقال الشیخ النائيني: (هذا الاحتياط لا يترك).

وقال الشیخ الحائري: (لا يترك هذا الاحتياط مع كونه شاكّاً في العصر أيضاً).

فأصحاب هذه التعالیق ایضا اوجبوا الاحتیاط فی قضاء الظهر لنفس السبب.

وهنا نعود الى كل من الفروع الخمسة المذكورة في هذه المسألة للنظر الى ادلتها:

الفرع الأول: (إذا شكّ في أنّه هل صلّى أم لا، فإن كان بعد مضيِّ الوقت لم يلتفت وبنى على أنّه صلّى، سواء كان الشكّ في صلاة واحدة، أو في الصلاتين)

والوجه في هذا الفرع أوّلاً ان هذا الحكم لا خلاف فيه بين الفقهاء بل الاجماع قائم عليه، مضافاً الى انه وفق القاعدة، فان الفرائض اليومية من الواجبات الموقوتة أي مشروطة بوقت فاذا مضى الوقت فان تيقن انه لم يأت بها فأدلة وجوب القضاء توجب عليه قضاءها واما اذا شك في انه اتى بها او لا؟ فيعلم ان الصلاة الادائية ليست عليه لأنه اما سقط عنه بالامتثال او سقط عنه بفوت الوقت وصلاة القضاء تجب بأمر جديد لانّ المولى اذا طلب من عبده شيئا في وقت معين ولم يأت به عمداً او سهواً في الوقت المحدد يسقط عنه التكليف فبفوت الشرط ينتفي المشروط، الا اذا كان مطلوب المولى منحلا الى مطلوبين: فعل المأمور به واتيانه في الوقت المعين، فاذا لم يمتثل جعل المأمور به في الوقت المحدد له لابد من اتيانه خارج الوقت ايضاً وتعدد المطلوب يثبت اما بقرينة واما بنص من المولى، وفي مانحن فيه لا يتوفر شيءٌ من الامرين، فلا يجب عليه شيء فان الامر بالصلاة ورد في الوقت والامر بقضائها ورد في خصوص صورة الفوت واي منهما لم يثبت له على المفروض. ولو شك في الحكم فاصالة البراءة تثبت براءته عن التكليف.

ان قلت: بقاء التكيف بإتيان الصلاة يثبت بالاستصحاب تقريره: ان المكلف كان متيقنا بعدم إتيان الصلاة قبل دخول الوقت بل وعند دخول الوقت ايضاً فيشك هل عند ما دخل الوقت صلى او لم يصل؟ يستصحب عدم قيامه بصلاة.

قلنا: ان استصحاب عدم إتيان الصلاة لم يثبت له الفوت الذي هو موضوع للقضاء لان الفوت لازم عقلي لعدم الاتيان والاستصحاب لا يجري في لوازم العقلية للمستصحب، فانه أصل مثبت وليس بحجة. فعلى ذلك امامه أصل البراءة من دون معارض.

ومضافا الى إطلاق ادلة البراءة الشامل لما نحن فيه، هناك نصوص وردت في ذلك، نشير الى واحدة منها:

ما رواه مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ زُرَارَةَ وَ الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع‌ فِي حَدِيثٍ قَالَ: "مَتَى اسْتَيْقَنْتَ أَوْ شَكَكْتَ فِي وَقْتِ فَرِيضَةٍ أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا- أَوْ فِي وَقْتِ فَوْتِهَا أَنَّكَ لَمْ تُصَلِّهَا صَلَّيْتَهَا- وَ إِنْ شَكَكْتَ بَعْدَ مَا خَرَجَ وَقْتُ الْفَوْتِ وَ قَدْ دَخَلَ حَائِلٌ- فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْكَ مِنْ شَكٍّ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ- فَإِنِ اسْتَيْقَنْتَ فَعَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي أَيِّ حَالَةٍ كُنْتَ". وَرَوَاهُ الشَّيْخُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَهُ" [1]

سندها صحيح اعلائي وقد رواها الكليني والشيخ وذيلها صريحة في الموضو

فنستخلص من بحثنا ان ما ذهب اليه السيد في الفرع الأول يوافق القاعدة والنص والحمد لله، وغدا نتابع بحثنا في الاستدلال للفروع اللاحقة في هذه المسألة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo