< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: حكم الجدة على غير ما يصح سهوا

 

قد انتهينا في مباحثنا الماضية عن البحث عمّن سجد على غير ما يصح السجود عليه وتنبّه في اثناء الذكر فالمشهور ذهبوا الى ان عليه ان يجرّ جبينه حتى يقع على ما يصح السجود عليه، ولكن صاحب الحدائق وبعض الآخر ذهبوا بلزوم رفع راسه ووضعه على ما يصح السجود عليه.

هذا إذا كان قادرا على الجر، اما إذا لم يكن قادراً على الجر فالقائلون بلزوم الجر ذهبوا الى بطلان الصلاة ووجوب اعادتها مع ما يصح، وبعضهم احتاطوا برفع الراس ووضعها الى ما يصح وإعادة الصلاة، وبعضهم احتاطوا بمداومة الصلاة بالميسور واعادتها احتياطاً وقد فرغنا عن هذا البحث.

ثم بالنسبة الى من تذكر بعد القيام من السجدة ذهب المشهور الى عدم امكان تدارك السجدة وقال المصنف: (وإن كان بعد تمامه فالاكتفاء به قوي (1) كما لو التفت بعد رفع الرأس، وإن كان الأحوط الإعادة أيضا) [1] (1) قال السيد الشيرازي: (والاكتفاء به قوي كما في الصورة التالية).

وقال الشيخ النائيني: (الظاهر اتّحاد حكم الصورتين ولا يترك الاحتياط بالإعادة في كلتيهما).

وقال الشيخ آل ياسين: (بل لا يخلو عن إشكال لا سيّما إذا اتّفق ذلك في السجدتين معاً وإن التفت إلى ذلك بعد رفع الرأس).

وقال الشيخ كاشف الغطاء: (إذا كان عن نسيان وأمّا العمد فيتعيّن الإعادة).

(3) قال السيد البروجردي: (لا يترك فيهما).

وقال الإمام الخميني: (لا يترك فيما إذا كان بعد تمامه قبل رفع الرأس).

وقال الآيات: الخوانساري، الگلپايگاني، الأصفهاني، الحائري. الحكيم: (لا يترك)

وذهب السيد الخوئي على امكان التدارك بل وجوبه:

ملخص مقالته التي ذكرناها في اليوم الماضي: (أقول: الظاهر لزوم التدارك كما عرفت، لوقوع الخلل في نفس السجود المأمور به. وتوضيح المقام: أنّه لا ريب أنّ أجزاء الصلاة قد لوحظت على صفة الانضمام والارتباط، فكل جزء إنّما يعتبر في المركب مقيّداً بالمسبوقية أو الملحوقية، أو المقارنة مع الجزء الآخر بمقتضى فرض الارتباطية الملحوظة بين الأجزاء

إلّا أنّ الإخلال بهذا القيد الناشئ من اللحاظ المزبور غير قادح في الصحّة بلا إشكال، لأنّه يلغو حينئذ قوله (عليه السلام): "لا تعاد الصلاة من سجدة وإنّما تعاد من ركعة" لاستلزام الإخلال بالسجدة الإخلال بالركعة كما عرفت. فبهذه القرينة القطعية يستكشف أنّ القيد الّذي يستوجب الإخلال به البطلان في الخمس ولا يستوجبه في غيرها، وأنّ الموجب للبطلان في الخمس هو الإخلال بها في أنفسها إمّا بتركها رأساً، أو بترك القيد المعتبر في تحقّقها بما هي كذلك مع قطع النظر عن لحاظ الارتباط والانضمام، وهذا ظاهر جدّا). [2]

انا العبد الفقير أقول: ان صحة كلامه موقوف على مقدمتين:

المقدمة الأولى: ان قيود السجدة وشروطها على قسمين: ما هو خارج عن حقيقة السجدة كالطمأنينة والذكر ووضع الأعضاء السبعة على الأرض وعدم علو مكان السجدة على مكان القدم أكثر من أربعة أصابع.

وما هو داخل في حقيقة السجدة وهو كون المسجد من تراب او ما ينبت من الأرض وليس بمأكول ولا ملبوس، وقيود الخارج عن حقيقة السجدة داخل في عقد المستثنى منه في حديث لا تعاد. وقيد ما يصح السجود عليه، داخل في عقد المستثنى في حديث لا تعاد.

فعدم الإعادة لا يشمل لزوم السجدة على ما يصح السجود عليه بل هو في ضمن عنوان السجود فهو مما يعاد الصلاة بالإخلال به.

والمقدمة الثانية: ان السجدة على قسمين سجدة عرفية وسجدة شرعية، حقيقتين متمايزتين فمن اتى بسجدة عرفية لم يأت بسجدة صلاته ولكن تعمد الاتيان بالسجدة العرفية مبطل للصلاة والدليل على ذلك الرواية الناهية عن قراءة آية السجدة في الصلاة، معلّلة بانّ إتيان سجدة القراءة" يلزم منها زيادة في الفريضة".

ولكن يمكن المناقشة في كلا المقدمتين: ان تقسيم السجدة الى حقيقتين متباينتين ثم نجعل كونها على التراب مقوم وداخل في حقيقة سجدة الصلاة بحيث من سجد على غير ما يصح ولو سهوا لم يأت بسجدة في صلاته ولذا عند ما يجدد السجدة على التراب فهي اول سجدة لصلاته فيجوز له بل يجب عليه ان يتعمد الى سجدة ثانية لصلاته. من اين هذا الادعاء؟

قال الشيخ مرتضى الانصاري: (اعلم أنّ الحكم ببطلان الصلاة بترك الركن، أو زيادته عمدا وسهوا- كما وقع من المصنف رحمه اللّٰه- غير مفيد، إذ المفروض أنّ ركنية الشي‌ء للصلاة إنما تستفاد من حكم الشارع ببطلان الصلاة بتركه عمدا وسهوا فالمهمّ التعرض لبيان أنّ أيّ جزء من أجزاء الصلاة تبطل بتركه الصلاة عمدا وسهوا، حتّى يعبّر عنه بالركن، وأيّ جزء منها ليس كذلك، حتى يعبّر عنه بغير الركن). [3]

فقوله عليه السلام لمن اتى بسجدة القراءة فهي زيادة في الفرضة معناه ان الفريضة سجدتين فاذا أضاف اليهما قبلهما او بعدهما او فيما بينهما سجدة فقد جعل صلاته ثلاثية السجدة، فهذا الحديث ان دل على شيء فانما يدل على ان السجدة باي عنوان اوتي بها فهي محسوبة على الصلاة فسجدة القراءة مشاركة مع سجدة الصلاة في حقيقتها.

فيما نحن فيه أيضا إذا سجد سهوا على ما لا يصح السجود عليه فقد اتى بسجدة، نعم إذا تنبّه قبل رفع الراس من السجدة يجب عليه تحصيل شرط المسجد فاذا استطاع فأهلا وسهلا واذا لم يستطع فعليه الخروج من الصلاة وتحصيل الشرط ثم اعادتها من جديد.

فقوة صحة الصلاة اذا تنبه بعد رفع الرأس من السجدة اقرب لحديث لا تعاد ولكن الاحتياط حسن على كل حال. كما ذهب اليه المصنف رضوان الله عليه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo