< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

45/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة / حكم وضع الجبين على ما لا يصح السجود عليه

 

كان بحثنا في المقطع الثاني من المسألة 18 من بحث الخلل في الصلاة حيث جعل الثاني من موارد فوت محل التدارك قوله: (..... وإمّا بكون محلّه في فعل خاصّ جاز محلّ ذلك الفعل كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه) وكان حريا عليه ان يذكر ما إذا وضع المصلي جبينه على ما لا يصح السجدة عليه سهواً. وتحدثنا في اليوم الماضي حول من تذكر في الأثناء السجدة فكان هناك قولان: "جر الرأس الى ما يصح السجود عليه"، "ورفع الرأس عن هذه السجدة ووضعه على ما يصح السجود عليه". هذا إذا كان قادراً على الجرّ.

اما إذا لم يكن قادراً على الجر فعلى مبنى صاحب الحدائق ومن وافقه في القول لا مشكلة فيه لانّهم ذهبوا الى لزوم رفع الرأس ووضعه من جديد على ما يصح، حتى في صورة التمكن من الجر. فهنا بالأولى يرون وجوب رفع الرأس ووضعه على ما يصح السجود عليه، ثم اكمال الصلاة بدون مشكل لان السجدة الأولى صدر سهوا ولم تكن للصلاة والسجدة المعادة هي سجدة الصلاة وقد وقعت على ما يصح السجود عليه.

ولكن على قول المشهور من لزوم الجر وعدم الرفع لعدم حدوث سجدة زائدة، فلابد لهم من القول ببطلان الصلاة عند عدم التمكن من الجر. واعادتها بسجدة جامعة لشرائط الصحة منها السجدة على ما يصح السجود عليه.

مع ذلك نسب الى المشهور جواز رفع الجبهة مما لا تصح السجدة عليه مع العجز عن الجر ووضعها على ما تصح، بل في المدارك دعوى الإجماع عليه قال في المدارك: (ولو وقعت الجبهة على ما لا يصح السجود عليه جرّها إلى ما يسجد عليه ولا يرفعها مع الإمكان، ومع التعذر يرفعها ولا شي‌ء عليه).[1] .

وأشكل الشيخ الانصاري رضوان الله عليه من (أنّه بعد البناء على استلزامه‌ لزيادة السجدة، فمن الضروري عدم الفرق في ذلك بين صورتي التمكن من الجر وعدمه. وعليه فكيف يمكن الالتزام في المقام بوجوب الرفع تحصيلًا لقيد معتبر في السجود وهو الوضع على ما يصح، وهل يمكن المصير إلى إيجاد مانع مقدّمة لتحصيل شرط،).[2]

وهنا ذكروا احتمالاً آخراً وهو المداومة على سجدته بما لا يصح السجود عليه، فان أصل السجدة تحقق، وكونه على ما يصح لم يتحقق عن عذر وحديث لا تعاد ترخصنا في عدم الإعادة لان الاخلال وقع على غير الخمسة والخلل فيه عن غير عمد معفو لحديث لا تعاد.

ولكن هذا الاحتمال لم يلتزم به عامة الفقهاء لأن حديث لا تعاد ليس مُشرِّعاً والمصلي عند ما يلتفت انه ساجد على ما لا يصح السجود عليه وهو في اثناء الصلاة، قادر على امتثال المولى في إتيان صلاة جامعة برفع اليد عن هذه الصلاة واعادتها مع سجدة كاملة الشرائط فليفعل، وحديت لا تعاد انما يعفوا عن الاعادة لمن أكمل الصلاة ثم التفت الى نقص فيها خارج عن الخمسة.

ولذا إن صاحب العروة أيضا في المسألة العاشرة من باب السجود يقول: (وإذا لم يمكن إلّا الرفع، فان كان الالتفات إليه قبل تمام الذكر فالأحوط الإتمام ثمّ الإعادة، وإن كان بعد تمامه فالاكتفاء به قوي كما لو التفت بعد رفع الرأس، وإن كان الأحوط الإعادة أيضا) [3]

فهو رضوان الله عليه لمن انتبه قبل اكمال الذكر يحتاط في اكمال الصلاة ويفتي بالإعادة بعدها. ولمن لم ينتبه الا بعد تمام الذكر او بعد رفع الرأس من السجود يفتي بصحة الصلاة ويحتاط بالإعادة وفي هذا الكلام التفات دقيق فتأمل.

الى هنا فرض المسألة كان فيما يلتفت الى أن جبينه على غير ما يصح السجود عليه وهو لم يكمل ذكر السجود.

أمّا إذا كان الالتفات بعد رفع الرأس، فهنا قولان: أحدهما: لزوم التدارك تحصيلًا للسجود المأمور به ولا ضير فيه بعد عدم قادحية الزيادة السهوية في السجدة الواحدة كما مرّ،

وثانيهما: الاكتفاء بهذه السجدة وعلّله في الجواهر بأنّ المتروك خصوصية معتبرة في السجود وهي كونه على ما يصح دون أصله، فيشمله عقد المستثنى منه في حديث لا تعاد المقتضي للصحّة.

فالمقام نظير ما لو أخلّ بالذكر أو الاطمئنان أو وضع سائر المساجد سهواً المحكوم بالصحّة بلا إشكال عملًا بالحديث.

قال السيد الخوئي (أقول: الظاهر لزوم التدارك كما عرفت، لوقوع الخلل في نفس السجود المأمور به. وتوضيح المقام: أنّه لا ريب أنّ أجزاء الصلاة قد لوحظت على صفة الانضمام و الارتباط، فكل جزء إنّما يعتبر في المركب مقيّداً بالمسبوقية أو الملحوقية، أو المقارنة مع الجزء الآخر بمقتضى فرض الارتباطية الملحوظة بين الأجزاء، فالقراءة مثلًا المعدودة من أجزاء الصلاة هي المسبوقة بالتكبيرة و الملحوقة بالركوع، و المقارنة للقيام دون المجرّدة عن شي‌ء منها، فالإخلال بهذا القيد يستوجب الإخلال بذات الجزء لا محالة، و من هنا لو نسي القراءة و تذكّر بعد الدخول في الركوع كان محل التدارك باقياً بالنظر الدقيق، لعدم الدخول بعدُ في الجزء المترتِّب فإنّه الركوع المتّصف بمسبوقيته بالقراءة و لم يتحقّق، و المتحقِّق ركوع غير مسبوق و لم يكن جزءاً،

إلّا أنّ الإخلال بهذا القيد الناشئ من اللحاظ المزبور غير قادح في الصحّة بلا إشكال، وإلّا لزم اللغوية في حديث لا تعاد، لعدم الفرق حينئذ بين الخمسة المستثناة وغيرها، إذ الإخلال بغير الخمس عندئذ يستوجب الإخلال بالخمس بطبيعة الحال، فترك القراءة مثلًا ملازم لترك الركوع، وترك التشهّد ملازم لترك السجود، لعدم مسبوقية الركوع‌ بالقراءة، وعدم ملحوقية السجود بالتشهّد، وهكذا. فلازمه الحكم بالبطلان لدى الإخلال بأيّ جزء على الإطلاق، حتّى الذكر حال الركوع، لعدم مقارنته معه. مع أنّ الحديث خصّ البطلان من ناحية الخمس فقط، كما أنّه يلغو حينئذ قوله (عليه السلام): "لا تعاد الصلاة من سجدة وإنّما تعاد من ركعة" لاستلزام الإخلال بالسجدة الإخلال بالركعة كما عرفت. فبهذه القرينة القطعية يستكشف أنّ القيد الّذي يستوجب الإخلال به البطلان في الخمس ولا يستوجبه في غيرها هو القيد غير الناشئ من ناحية الانضمام والارتباط، وأنّ الموجب للبطلان في الخمس هو الإخلال بها في أنفسها إمّا بتركها رأساً، أو بترك القيد المعتبر في تحقّقها بما هي كذلك مع قطع النظر عن لحاظ الارتباط والانضمام، وهذا ظاهر جدّا). [4]

ونتابع البحث في يوم السبت ان شاء الله


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo