< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/11/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /المسألة 16 من الخلل في الصلاة

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 16): لو نسي النيّة، أو تكبيرة الإحرام، بطلت صلاته، سواء تذكّر في الأثناء أو بعد الفراغ فيجب الاستئناف، وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام، وكذا لو نسي القيام المتّصل بالركوع بأن ركع لاعن قيام).

في اليوم الماضي ذكرنا صحيحة زرارة موثقة ابي بصير وظاهرهما التفصيل بين من نسي تكبيرة الاحرام فتذكرها قبل الركوع ومن نسيها فتذكرها بعده ببطلان الصلاة في الفرض الأول وصحة صلاة على الفرض الثاني. ومما يفيد التفصيل أيضا صحيحة أحمد بن محمّد بن أبي نصر واليك نصها: رواها الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: "قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ نَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ- حَتَّى كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَقَالَ أَجْزَأَهُ" [1] .

ولو كنا نحن والطائفتين من الروايات الدالة على بطلان الصلاة بنسيان التكبيرمطلقاً، والمفصِّلة الدالة على عدم البطلان اذا تذكرها بعد الركوع، فكان علينا ان نجعل المفصلات مقيدة لتلك المطلقات التي بأطلاقها تشمل قبل الركوع وبعده كصحيحة زرارة حيث ورد فيها: "عَنِ الرَّجُلِ- يَنْسَى تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ قَالَ يُعِيدُ، وصحيحة محمد بن مسلم: ورد فيها: "إِذَا اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّرْ فَلْيُعِدْ" و موثقة عبيد بن زرارة حيث ورد فيها: عَنْ رَجُلٍ- أَقَامَ الصَّلَاةَ فَنَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى افْتَتَحَ الصَّلَاةَ- قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ" وموثقة عمار حيث ورد فيها: "عَنْ رَجُلٍ- سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ فَلَمْ يَفْتَتِحِ الصَّلَاةَ- قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَلَا صَلَاةَ بِغَيْرِ افْتِتَاحٍ". فهذه الروايات اطلاقها يدل على بطلان الصلاة سواء تذكر قبل الركوع او بعدها وطائفة المفصلة تفيد اختصاص البطلان بقبل الركوع وصحة الصلاة إذا تذكر بعد الركوع. فنقدّم المفصلة ونخصص بها إطلاق الطائفة الأولى فنستنتج بطلان الصلاة اذا كان التذكر قبل الركوع وصحتها اذا كان التذكر بعد الركوع. او فقل: نستنتج: ان نسيان التكبير مبطل للصلاة الا إذا كان التذكر بعد الدخول في الركوع.

ولكن مشكلتنا ان هناك روايات صحاح تنص على البطلان ولو كان التذكر بعد الركوع:

منها: صحيحة علي بن يقطين واليك نصها: وَعَنْهُ – أي بِإِسْنَادِه الشيخ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى- عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع عَنِ الرَّجُلِ يَنْسَى- أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْكَعَ قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ".[2] .

وصحيحة الفضل بن عبد الملك أو ابن أبي يعفور واليك نصها: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ عَنْ أَبَانٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَوِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: "فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي فَلَمْ يَفْتَتِحْ بِالتَّكْبِيرِ هَلْ تُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ؟ قَالَ لَا- بَلْ يُعِيدُ صَلَاتَهُ إِذَا حَفِظَ أَنَّهُ لَمْ يُكَبِّر" [3] ، في سندها فضل بن عبد الملك وهو أبو العباس البقباق قال في النجاشي: مولى كوفي ثقة عين) وفي السند ابن ابي يعفور قال فيه النجاشي: عبد الله بن ابي يعفور العبدي واسم ابي يعفور واقد وقيل وقدان يكنى أبا محمد ثقة ثقة جليل في اصحابنا كريم على ابي عبد الله عليه السلام)[4] وظاهر السؤال عن تكبيرة الركوع لأنّه ركع ثم ذكر. والامام نفى الإجزاء وامر بإعادة الصلاة.

فقيل يحصل التعارض بين روايات الدالة على صحة الصلاة اذا تذكر في الركوع وما بعده وما أفادت بطلان الصلاة في خصوص ما تذكر بعد الركوع فيتساقطان بالتعارض فتبقى عندنا الطائفة الأُولى الدالة على بطلان الصلاة بترك تكبيرة الاحرام مطلقاً،

ولقائل ان يقول: التعارض من اول الامر قائم بين الروايات المطلقة الدالة بإطلاقها على بطلان صلاة من نسي تكبيرة الاحرام ولو تذكر بعد الدخول في الركوع من جهة و ما هو نص في بطلان لمن نسي تكبيرة الاحرام اذا تذكر في الركوع، ومن جانب آخر: ما تدل على صحة الصلاة إذا تذكر بعد الدخول في الركوع فيتساقطان فاذا قصر يدنا عن الأدلة اللفظية نتمسك بمقتضى القاعدة وهي عدم انعقاد الصلاة من دون تكبير لان بها يتحقق افتتاح الصلاة وهي تحريمها فتوافق مقتضى القاعدة لطائفة الأولى من الروايات التي قرأناها تفيد بطلان الصلاة وهو القول المشهور وهو الموافق للاحتياط ايضاً.

يبقى عندنا صحيحة رواه الحلبي تدل على صحة الصلاة اذا كان ناوياً للتكبير ثم نسي إتيانه وبطلان الصلاة لمن لم ينو التكبير من أول الامر واليك نصها: "وَعَنْهُ – بِإِسْنَادِ الشيخ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ حَتَّى دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ- فَقَالَ أَ لَيْسَ كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يُكَبِّرَ- قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ". وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْحَلَبِيِّ مِثْلَهُ [5]

سندها صحيح ولكن مضمونها لا يمكن الالتزام به أي ان يكتفى بنية التكبير عن التكبير.

قال صاحب الوسائل: (أَقُولُ: هَذَا يَحْتَمِلُ التَّقِيَّةَ لِاكْتِفَاءِ بَعْضِ الْعَامَّةِ بِالنِّيَّةِ).

أقول: ويمكن حملها على ان الامام عندما يسأل عنه: اليس من نيته ان يكبر؟ أراد ان يخطّئه في تشكيكه ويردعه عن الوسوا لان من كان ناويا للتكبير يكّبر عادة ولا وجه للترديد.

وعلى أي تقدير لا يمكن العمل بها لان مضمونها شاذ لم يقل به أحد من الفقهاء حتى فقهاء العامة الا ما نسب الشاشي في حلية العلماء من العامة الى الزهري [6]

وحملها على التقية انما يوجه اذا كان هذا القول مشهور معمول به في عصر صدور الحديث والظاهر خلافه فلابد من إحالة علمه الى أهله.

وان قال قائل اذا قصرت يدنا عن الامارات فعلينا ان نتمسك بحديث لا تعاد فنه يفيد صحة الصلاة عند أي خلل طرء سهوا ومن دون قصد الا اذا كان من الخمسة المذكورة في هذا الحديث ولا مجال للتمسّك بحديث لا تعاد، فبذلك نصحح صلاة من اخل بتكبيرة الاحرام نسيانا وسهوا فانها ليست من تلك الأركان الخمسة.

نردّ عليه بان حديث لا تعاد يفيد صحة صلاة تحققت ثم طرء عليها خلل اما فقد تكبيرة الاحرام مساوي لفقد أصل الصلاة لأنها افتتاحها كما يكشف عنه قوله (عليه السلام) في ذيل موثّقة عمّار: «ولا صلاة بغير افتتاح»[7] وموضوع حديث لا تعاد الصلاة المحققة وفي نسيان تكبيرة الحرام قضيتنا منتفية بفقد الموضوع وليس في الاشكال الطارئ في المحمول فتدبر جيداً.

فخلاصة القول ان ما ذهب اليه المصنف من بطلان الصلاة مطلقا بنسيان تكبيرة الاحرام وهو القول المشهور عند فقهائنا هو الأقرب الأصح. وغدا نتابع تتمة المسألة ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo