< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/11/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في الصلاة /المسألة 16 من الخلل في الصلاة

قال المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 16): لو نسي النيّة، أو تكبيرة الإحرام، بطلت صلاته، سواء تذكّر في الأثناء أو بعد الفراغ فيجب الاستئناف، وكذا لو نسي القيام حال تكبيرة الإحرام، وكذا لو نسي القيام المتّصل بالركوع بأن ركع لاعن قيام).

في اليوم الماضي بينّا ان بطلان الصلاة بنسيان تكبيرة الإسلام امر يوافق المقتضي لان تكبيرة الاحرام هي مدخل الصلاة ومفتاحها كما ورد في المنصوص تحريمها التكبير وتحليلها التسليم، او افتتاحها التكبير وتفيد ان المصلي ما لم يكبّر لم يدخل في الصلاة فلا معنى لصحة الصلاة من دون تكبير. مضافاً الى ذلك ذكرنا في اليوم الماضي خمس روايات صحاح وموثقات دلت على بطلان الصلاة اذا افتتحت بغير تكبير.

ولكن هناك طائفة من روايات تدل على التفصيل بين التذكّر قبل الدخول في الركوع فتبطل الصلاة وبعده فتصح الصلاة:

منها: صحيحة زرارة: واليك نصها: روى الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ جَمِيعاً عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: "قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ يَنْسَى أَوَّلَ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الِافْتِتَاحِ- فَقَالَ إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ- وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَهَا فِي قِيَامِهِ- فِي مَوْضِعِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ- قُلْتُ فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ- قَالَ فَلْيَقْضِهَا وَ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ". وَرَوَاهُ الصَّدُوقُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زُرَارَةَ مِثْلَهُ) [1] في سندها أبو جعفر وهو احمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي وهو من الاجلاء وفي السند علي بن حديد وقال الكشي فيه: (قال نصر بن الصباح علي بن حديد بن حكيم فطحي من أهل الكوفة وكان أدرك الرضا عليه السلام). ولم يرد له توثيق صريح انما الكشي ذكر عند ترجمة هشام بن حكم (روى عن علي بن محمد قال: حدثني احمد بن محمد عن علي بن راشد عن ابي جعفر الثاني عليهما السلام قال قلت له جعلت فداك قد اختلف اصحابنا فاصلي خلف أصحاب هشام بن حكم؟ فقال يايا عليك بعلي بن حديد قلت فآخذ بقوله؟ قال نعم، فلقيت علي بن حديد فقلت له تصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم قال لا) [2] قال عناية الله القهبائي في مجمع الرجال بعد ما يشير الى هذه القصة: (فيدل على نهاية اعتبار الرجل بطريق غير معلوم الصحة). ثم يشير الى ما ورد في شأنه من خلال ترجمة يونس بن عبد الرحمن فقال: (فيها نهاية اعتبار الرجل بقوله وفعله وباعتباره وان الرجل عارف عاقل ذو دين فلابد من اعتباره قولا وفعلا وتقريرا بطريق صحيح وغير معلوم الصحة فلابد من قبوله) [3]

والذي يسهل الخطب انّ لعلي بن حديد بديل في السند وهو عبد الرحمن بن ابي نجران الذي قال فيه النجاشي: (ثقة ثقة معتمد على ما يرويه) فالسند صحيح لا بأس به واما الدلالة فقول الامام عليه السلام: "إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ الرُّكُوعِ كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَهَا فِي قِيَامِهِ، فِي مَوْضِعِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَبَعْدَ الْقِرَاءَةِ- قُلْتُ فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، قَالَ فَلْيَقْضِهَا وَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ" فورد فيها ثلاثة حالات: احدها: اذا ذكرها قبل الركوع "كبر ثم قرء ثم ركع" معناه عدم انعقاد الصلاة فيبدأ بالتكبير ويكمل صلاته، الحالة الثانية: قوله: "وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَهَا فِي قِيَامِهِ- فِي مَوْضِعِ التَّكْبِيرِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ" الظاهر من قوله في الصلاة بعد الدخول في الركوع بقرينة المقابلة مع الجملة السابقة فأمر بمداومة صلاته وقضاء التكبير قبل القراءة او بعدها في الركعة اللاحقة. الحالة الثالثة: إذا ذكر تكبيرة الاحرام بعد الصلاة "فَلْيَقْضِهَا وَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ" أي انما عليه قضاء تكبيرة الاحرام ولا شيء عليه.

ولكن الشَّيْخُ رضوان الله عليه أرجع الضمير الى نفس الصلاة فاستفاد منها بطلان الصلاة ب (قَوْلُهُ فَلْيَقْضِهَا يَعْنِي الصَّلَاةَ)‌ [4] .

وقال صاحب الوسائل بعد ذكر الحديث: (وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الِافْتِتَاحِ وَالْقَضَاءِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ). بما انه يستحب ست تكبيرات التي تسمى بتكبيرات الافتتاحية، وكلا المحمِلين حمل الى خلاف ظاهر الكلام، وكلام الشيخ انما يعالج ماورد لبَعد الصلاة وسكت عن الموردين الأولين. اما كلام صاحب الوسائل جيد من باب الحمل على الوجه الصَحيح فان حجية الظاهر عند العقلاء انما تصح إذا لم يكن مقطوع الخلاف، ولا غرو بجواز ترك الصلاة والعود الى مستحب في مقدمة الصلاة كما يكون بالنسبة الى من نسي الإقامة فما دام لم يركع يجوز له ترك الصلاة واتيان الإقامة ثم افتتاح صلاته. مضافا الى ان التعبير في نص الحديث "يَنْسَى أَوَّلَ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الِافْتِتَاحِ" فلعله أشار الى التكبيرات الافتتاحية فسأل عن الامام هل يجوز قطع الصلاة لجبر تكبيرة من الافتتاحية او لا؟

اما إذا لم نقتنع بكلام صاحب الوسائل فهي معارضة مع الأدلة التي وردت في بطلان الصلاة لمن نسي تكبيرة الاحرام.

ومما يدل على التفصيل: موثّقة أبي بصير: واليك نصها: الشيخ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ قَامَ فِي الصَّلَاةِ- فَنَسِيَ أَنْ يُكَبِّرَ فَبَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ- فَقَالَ إِنْ ذَكَرَهَا وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ فَلْيُكَبِّرْ- وَإِنْ رَكَعَ فَلْيَمْضِ فِي صَلَاتِهِ".[5] في سندها سماعة بن مهران، والكشي رماه بالوقف ولكن النجاشي لم يرمه بالوقف بل قال فيه: (ثقة ثقة روى عن ابي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام) ومن ناحية أخرى ذكر حول وفاته قولاً وجده في بعض الكتب انه مات سنة خمس واربعون ومأه، يعني في عصر الصادق عليه السلام فان كان هذا فلا معنى للوقف، وعلى كل حال السند اما صحيح واما موثق ففي حجيتها لامجال للكلام. واما الدلالة فواضح في التفصيل بين الذكر قبل الركوع والذكر بعد الركوع.

قال صاحب الوسائل: (أَقُولُ: حَمَلَهُ الشَّيْخُ عَلَى الشَّكِّ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ دُونَ الْيَقِينِ لِمَا تَقَدَّمَ).

نتابع بحثنا حول الجمع بين الروايات غدا ان شاء الله


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo