< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه

44/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: كتاب الصلاة/الخلل في لصلاة /المسألة 14 من الخلل في الصلاة

قال السيد المصنف رضوان الله عليه: (مسألة 14): إذا سها عن الركوع حتّى دخل في السجدة الثانية بطلت صلاته، وإن تذكّر قبل الدخول فيها رجع وأتى به وصحّت صلاته، ويسجد سجدتي السهو لكلّ زيادة ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة لو كان التذكّر بعد الدخول في السجدة الأُولى).

قد تحدثنا في الأيام الماضية حول الاقوال الأربعة فيمن سها عن الركوع وقلنا ان القول بصحة الصلاة اذا اتى بركعة صحيحة و سها في غير الركعة الأولى مستندهم فقه الرضوي وبما هي غير ثابتة وليس له سند صحيح، مضافا الى ان في مضامينه مطالب لا يلائم مع ما هو مشهور عندنا، فلا بمكن الركون اليه ابداً، وبهذه المناسبة وعدناكم ان نقدم اليكم تحقيقا حول هذا الكتاب فاليكم هذا التحقيق:

ماذا نعلم حول فقه الرضوي:

اختلف موقف الأعلام من كتاب الفقه الرضوي، فمنهم من أخذ به كصاحبي الحدائق والرياض قدس سرهما، ومنهم من لم يأخذ به، ولبيان شيء عن هذا الكتاب نذكر ما قاله بعض الأعلام.

أولاً: قال العلامة المجلسي في البحار: (كتاب فقه الرضا، أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين طاب ثراه بعدما ورد أصفهان قال: قد اتفق في بعض سني مجاورة بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجِّين، وكان معهم كتاب قديم، يوفق تاريخ عصر الرضا عليه السلام.

وسمعت الوالد رحمه الله أنه قال: سمعتُ السيد يقول: كان عليه خطه صلوات الله عليه، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء. وقال السيد: حصل في العلم بتلك القرائن أنه تأليف الإمام عليه السلام، فأخذت الكتاب وكتبته وصححته. فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصححه.

وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير مستند، وما يذكره والده في رسالته إليه. وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه).

ثانياً: قد ذكر السيد بحر العلوم في فوائده ما يرتبط بالفقه الرضوي فقال: (قد اتفق لي في سني مجاورتي في المشهد الرضوي أني وجدت في نسخة من هذا الكتاب من كتب الخزانة الرضوية: أنّ الإمام الرضا عليه السلام صنف هذا الكتاب لمحمد بن سُكين، وأن أصل النسخة وجدت في مكة المشرفة بخط الإمام عليه السلام، وكان بالخط الكوفي، ونقله الميرزا محمد صاحب الرجال إلى الخط المعروف).

ثالثاً: نقل السيد محمد هاشم الخوانساري في رسالة له في ذلك عن المحدث الجزائري، في المطلب السادس من مطالب مقدمات شرح التهذيب: (كم رأينا جماعة من العلماء ردوا على الفاضلين بعض فتاويهما بعدم الدليل فرأينا دلائل تلك الفتاوى في غير الأصول الأربعة، خصوصاً كتاب الفقه الرضوي، الذي أتي به من بلاد الهند في هذه الأعصار إلى أصفهان وهو الآن في خزانة شيخنا المجلسي أدام الله أيامه، فإنه قد اشتمل على مدارك كثيرة للأحكام وقد خلت منها هذه الأصول الأربعة).

رابعاً: احتمل الميرزا عبد الله أفندي قدس سره صاحب كتاب رياض العلماء، (أن فقه الرضا هو نفس رسالة علي بن موسى بن بابويه – الأب ـ إلى ولده الصدوق محمد بن علي، وأنّ الاشتباه قد نشأ من اشتراك اسم الرضا عليه السلام معه في كونه أبا الحسن علي بن موسى الرضا).

وما يمكن التمسك به لإثبات اعتبار هذا الكتاب هو التالي:

الأول: إن القاضي أمير حسين ثقة، وقد أخبر بأنّ ثقتين عدلين من أهل قم قد أخبراه بذلك، فيدخل في عموم ما دلّ على حجية خبر العدل. ولكن العبارة التي نقلناها عن السيد أمير حسين لم يُذكر فيها أنها من العدول، فقال: «قد اتفق في بعض سني مجاورة بيت الله الحرام حاجين” ، ولم يقل من العدول.

الثاني: إنه جاء في أول كتاب فقه الرضا: «يقول عبد الله علي بن موسى الرضا عليه السلام: أما بعد …إلخ»، وجاء في آخره: «مما نداوم به نحن معاشر أهل البيت»، وجاء في باب الأغسال: «ليلة تسعة وعشرين من شهر رمضان هي التي ضرب فيها جدُّنا أمير المؤمنين عليه السلام»،

وجاء في كتاب الحج منه: «أبي عن جدّي عن أبيه: رأيتُ علي بن الحسين يمشي ولا يرمل».

هذا ما يمكن التمسك به لإثبات نسبة الكتاب الى امام الرضا عليه السلام.

ولكن يلحظ عليه:

أولا: إن هذا المقدار من العبارات لا يكفي للإثبات، وهي أقرب إلى الدعاوى من دون مستند، ولو كانت نسبة الكتاب ثابتة للإمام عليه السلام لكان هذا الأمر مشهوراً، ولم يكن مخفياً طيلة قرون.

ثانياً: لم يُعهد من طريقة الأئمة عليهم السلام تأليف الكتب، وإنها كانت طريقتهم هي السؤال والجواب، فحتى نهج البلاغة كان خُطباً متفرقة قد جمعت بعد ذلك، وكذلك الصحيفة السجادية، وليس أن الإمام عليه السلام يؤلّف كتاباً.

ثالثاً: لو سلمنا بأن الكتاب للإمام الرضا عليه السلام، فكيف نعلم بأن هذه النسخة مطابقة للأصل؟

نعم، قد يقال: نتمسك بدليل حجية خبر الثقة، فإن السيد أمير حسين وغيره من الثقات، وقد شهدوا بذلك، وخبر الثقة حُجة، ولكن يقال: إن خبر الثقة حُجة في الحسيّات دون الحدسيات، فإنَّ كون هذه النسخة من الكتاب مطابقة للأصل أول الكلام.

والنتيجة من كل هذا: هي أنه لا مثبت لكون هذا الكتاب هو للإمام الرضا عليه السلام، فالتمسك به بنحو الدليل کما صنع صاحبا الحدائق والرياض وغيرهم، محلُّ تأمل، نعم لا بأس بالتمسُّك به بنحو المؤيد دون الدليل.

فالقول المستند الى هذا الكتاب لا حجية له

ثم قي مقام الجمع بين الطائفتين فالشيخ الطوسي رأيه حاصل عن الجمع بين الروايات المصححة للصلاة والمفيدة لبطلان الصلاة فنذكر تلك الروايات، وقد ذكرنا في اليوم الماضي روايات دالة على صحة الصلاة وهي كانت تامة السند والدلالة واليوم نريد مراجعة ما يدل على بطلان الصلاة من السهو عن الركوع اذ تذكر بعد الدخول الى السجدة الثانية واليك نصوصها:

منها:

ومنها: رواية ابي بصير الأُخرى واليك نصها: يروي الشيخ عَنْهُ- الحسين بن سعيد- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع "عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يَرْكَعَ- قَالَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ".[1] ، في سنده محمد بن سنان فالسند ضعيف وانما يفيد لتأكيد ما ورد في سابقتها.

فهذه الروايات الصحيحة والموثقة والمؤيدة صريحة في بطلان الصلاة وما ذكرناها في اليوم الماضي كانت تدل على صحة الصلاة بمعالجة القاء الركعة الفاقدة للركوع والبناء على بقية الركعات بإكمالها.

فكان في صحيحة محمد بن مسلم: "فَإِنِ اسْتَيْقَنَ فَلْيُلْقِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَا رَكْعَةَ لَهُمَا- فَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ عَلَى التَّمَامِ" و في ما رواه في الفقيه ورد: فان استيقن أنّه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع لهما ويبني على صلاته التي على التمام" فهي أيضا صريحة على صحة الصلاة فما ذا نعمل مع هاتين الطائفتين؟ نطرحها غدا ان شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo